رئيس «دينية الشيوخ»: الطب يحتل مكانة عظيمة في منظومة الحضارة والتعمير
قال الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، إنّ الطبَّ يحتلُّ مكانةً عظيمةً في منظومة الحضارةِ والتعمير، ولذلك نرى الاهتمامَ البالغَ به في الشريعة الإسلامية، من خلال الآياتِ القرآنيةِ الكريمة، وأحاديثِ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي جاء للكون طبيبًا ومُداويًا.
وأضاف عامر خلال محاضرة بكلية طب بنين بجامعة الأزهر بدمياط، أنّ المقاصدَ الشرعيةَ الكليةَ الخمسةَ تبدأُ بالحفاظ على النفس، فالنفسُ هي الوعاءُ الذي يقومُ فيه الدينُ، ويعملُ فيه العقلُ، وتَسْبحُ فيه النفسُ، وتسمو من خلاله الرُّوحُ، وبالتالي كان "حفظُ النفسِ" هو المقدَّمُ في ترتيب المقاصدَ الشرعيةِ الخمسةِ، وهي: حفظُ النفس، وحفظُ العقل، وحفظُ الدين، وحفظُ المال، وحفظُ العِرض أو النسل (كرامة الإنسان).
وأشار رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، إلى أنّ أوّلَ مقوماتِ وأسس الحضارة هي صحّةُ الإنسانِ وقوتُهُ وعافيتُهُ، ولذلك فإنّ الإمامَ الشافعيَّ (رضي الله عنه) جعلَ علامةَ التحضّرِ في أيِّ مكانٍ هي وجودُ العالمِ الذي تُحفظُ به الأبدانُ وهو الطبيبُ، وبجوارهِ كذلك العالمُ الذي يُحفظُ به الدّينُ؛ فقد رُويَ عنه أنه قال: "لا تسكننّ بلدًا لا يكونُ فيه عالِمٌ يُفْتيكَ عن دينِكَ، ولا طبيبٌ يُنْبئُكَ عن أمرِ بدنِكَ، وهذا دليلٌ على أنّ الحضارةَ لا تكونُ في مكانٍ لا يُعنىَ الناسُ فيه بالصحةِ.
ونوه عامر إلى أنه ورد في الصحيحين عن عطاء، عن أبي هريرةَ رضي اللهُ تعالى عنه قال: قال رسولُ اللهِ: "ما أنزلَ اللهُ من داءٍ إلا أنزلَ له شفاءً."فهذا حثٌّ على طلبِ الدواءِ وألاّ نيأسَ، فلا يوجدُ مرضٌ إلاّ وقد أنزلَ الله تعالى له علاجًا وترياقًا، وهذا كُلّهُ يدلُّ على شرفِ الطبيبِ وكلِّ من له علاقةٌ بمنظومة الطبِّ الذي يؤمنُ بالله تعالى ربًا، فيجعلُ الكونَ كلَّهُ مادةً يسعى من أجل صلاحِها وإصلاحِها وإقامةِ الحضارةِ فيها من خلال الحفاظِ على صحةِ الأبدانِ وصحةِ العقولِ. وهذا كُلّهُ يجعلُ من يعملُ في منظومة الطبِّ في أعلى مراتبِ الشرفِ، ويُبيّنُ أيضًا أن الطبَّ في الإسلامِ من أعلى الأعمالِ وأجلِّ الأعمالِ التي يقومُ بها المسلمُ.
وقال رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، إن علاماتِ التَّحضّرِ في أيِّ أُمّةٍ قِلّةُ الأمراضِ الفتّاكة فيها، وهذا لا يتأتىَّ إلاَّ من خلال تلك الجهودِ الجبّارةِ التي يقومُ بها الأطباءُ في مستوياتِ العلاجِ وكذلك في مستوياتِ البحثِ العلمي، حيث يبحثون عن الفيروسات والميكروبات وسائرِ الأسباب التي تُؤدي إلى هذه الأمراضِ وغيرِها، ويقومون باستخراج العلاجاتِ من أجل القضاءِ عليها، كما حدث في مصرَ بعد انتشارِ البلهارسيا وشللِ الأطفال وأمراضِ الكبد وغيرِها من الأمراض التي كانت منتشرةً، فبفضلِ البحثِ العلمي وجهودِ الأطباءِ ومنظومةِ العلاجِ صارت هذه الأمراضُ في غاية الندرةِ مقارنةً بالسنوات السابقة، وهذا من علامات وجودِ التقدمِ والتحضرِ الطبيّ في المجتمع.