الأولى من نوعها.. «تدريب المأذون على الصلح بين الأزواج» والسماسرة يمتنعون
حالة طلاق كل دقيقتين تقع في مصر يشهد على وقوعها يوميًا آلافًا من المآذين الشرعيين، ليصبحوا معها شاهدين على دمار حشودًا من الأسر التي تتزايد يومًا بعد يوم حسب أحدث الاحصائيات التي تؤكد ارتفاع معدلات الطلاق في مصر.
مع هذا الارتفاع وحرصًا على الأسرة المصرية، وكذا حماية المجتمع المصري من التصدع، أطلقت دار الإفتاء مبادرة تدريب المأذون على التحقيق في الطلاق قبل تسجيله، وذلك أملًا في انخفاض معدلاته.
المبادرة تستهدف معرفة أسباب الطلاق، لتحديد مدى وقوعه من عدمه، كما تستهدف جميع حالات الطلاق وليست الجدلية فقط.
ويتمثل التدريب حسب تصريح الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء في تعليم المأذونين الأحكام الفقهية الخاصة بالطلاق، لأنهم يتعاملون بصفة مُباشرة مع الأزواج عند الطلاق، لكي يتأكد المأذون قبل توثيق الطلاق في المحكمة وإنهاء العلاقة الزوجية بصحة وقوع يمين الطلاق، و سيتم الاعتماد فيها على أكثر من زاوية: "نفسي واجتماعي وشرعي".
مأذون شرعي: أي مأذون خريج كليات الشريعة يفعل ذلك من تلقاء نفسه الأزمة في "السماسرة"
أوضح محمد الفقي المأذون الشرعي بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة، وأحد من تم اختيارهم لتلقي تدريبات هذه المبادرة، أن أي مأذون خريج إحدى كليات الشريعة فهو بالفعل على دراية بما على المأذون فعله مع الزوجين في حال الطلاق، وينفذ محاولات الصلح بالحسنى بينهم قبل إتمامه، مشيرًا إلى أن الأزمة تتمثل في المأذون "السمسار" والذي يعمل غالبًا دون أن يكون حاصلًا على أي مؤهل علمي، وهو في الغالب -حسب قوله- يكون مساعد لمأذون المنطقة أو إمام مسجد أو زاوية بها "هناك من يعمل مأذونًا وليس له علاقة بالمهنة سوى أنه يعرف يقرأ ويكتب أو خطه حسن".
لذا ناشد الفقي المسئولين بسرعة الضبطية القضائية لمثل هؤلاء الذين يسيئون للمهنة ولا يعرفون ضوابطها بل ويخالفونها بالتزوير والتدليس.
مأذون شرعي: من 20 إلى 25% من حالات الطلاق التي تعاملت معها نجحت في إقناعهم بالعدول عن القرار
محمد عبد اللطيف مأذون شرعي بمنطقة دار السلام والمعادي يوضح أن مضمون هذه المبادرة ليس بجديد على المآذين الشرعيين، فالمأذون الشرعي في كثير من الأحوال يتجه إلى محاولات عدة للإصلاح بين الزوجين قبل تسجيل الطلاق، وذلك مرضاة لله وبغية الحفاظ على بيوت جمع الله أطرافها برباط مقدس، مضيفًا أنه في حال استحال العشرة، ومع إصرار الطرفين يلجأ المأذون إلى تسجيل الطلاق.
ولكنه في الوقت نفسه أكد على أن التوجيه بأهمية تدخل المأذون بين الزوج والزوجة قبل تسجيل الطلاق، من الممكن أن يكون له أثرًا لا يُستهان به على تقليل معدلات الطلاق في مصر، مشيرًا إلى أنه حوالي 20 إلى 25% من حالات الطلاق التي تعامل معها تم عدول الزوجين عن قرار الانفصال بعد اقناعه لهما ومناقشة مشكلتهم بشكل منطقي وحيادي.
أما عن المبادرة أكد عبد اللطيف أنها تعد تذكيرًا لكل مأذون شرعي "رسميًا وليس مزيفًا" في محاولة للإصرار على الحفاظ على أكبر عددًا من البيوت التي أشرفت على الوقوع في الطلاق.
باحث قانوني: لابد من تدريب الأزواج أيضًا على عدم التسرع بالطلاق
على الجانب الآخر يرى الباحث القانوني علي سيد حسنين أنه كما يهتم بتدريب المأذونين الشرعيين فيجب من البداية الاهتمام بتدريب الزوجين على مفهوم الحياة الزوجية وأهميتها وكيفية الحفاظ عليها موضحًا أنهم لا يزالوا هم المسئولين عن دمار الأسرة وكذا عن بناؤها واستمرارها وليس المأذون وأضاف أنه من بين الإجراءات الروتينية في قضايا الطلاق التي استمرت منذ سنوات هي عرض القضية على بعض المختصين اجتماعيًا ونفسيًا والمدربين على أعلى مستوى للمساهمة في حل المشكلات ليجتمعوا بدورهم مع الزوجين إلا أن هناك من يصروا على وقوع الطلاق رغم ذلك، وهذا يرجع في أوقات كثيرة إلى الخلافات المادية.
رئيس لجنة الفتوى الأسبق: ضرورية وهامة ويجب حُسن اختيار المأذون
بينما أثنى الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق بدار الإفتاء في حديثه لـ"للدستور"على مبادرة تدريب المأذون الشرعي ودورها في إنقاذ المجتمع من وقوعه في براثن التشرد، واصفًا لها بأنها ضرورية وواجبة خاصة مع الارتفاع المخيف في معدلات الطلاق فالزواج هو أغلظ المواثيق ولا يجب أن تنتهي بسهولة، وعلى المأذون أن يعلم الزوجين بذلك باعتباره الأكثر منهم دراية بالشريعة وأحكامها.
وهنا لفت الأطرش إلى ضرورة اختيار المأذون على أسس سليمة، وتحديد سنًا قانونيًا للعمل بهذه المهنة وسنًا للخروج منها مشيرًا إلى أن هناك من المآذين الذين تخطوا عامهم الستين، ومازالوا بالعمل بل يوكلون غيرهم بممارسته ممن لا يصلحون للمهنة، لذا أكد على ضرورة التفتيش المستمر على كل من يمارس هذه المهنة.
طبيب نفسي: سرعة اختيار الشريك والماديات ومواقع التواصل أبرز الأسباب
وعن أبرز أسباب الطلاق أوضح الدكتور أحمد حسين استاذ،علم النفس أن السرعة في اختيار شريك الحياة هي أهم أسباب ارتفاع معدلات الطلاق، وكذلك الظروف الاقتصادية وغلاء الأسعار لهم من الدور الذي لا يستهان به مضيفًا أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا كبيرًا في زيادة معدلات الطلاق أيضًا.
إحصائيات عن الطلاق في مصر بعام 2020
أشار تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن حالات الطلاق وصلت إلى حوالي 213 ألف حالة عام 2020 بواقع حالة كل دقيقتين، الأمر الذي يؤكد أن هذه الظاهرة زادت في السنوات الأخيرة وتمثل تهديدًا للواقع الاجتماعي في مصر.
وجاءت أعلى نسبة طلاق تم تسجيلها بالنسبة للرجال كانت في الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة، وبلغ عدد حالات الطلاق حوالى 43 ألف و739 حالة عام 2020، بنسبة بلغت 20.4% ، بينما سجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية من 18 إلى أقل من 20 سنة، وبلغ عدد حالات الطلاق فيها نحو 403 حالة طلاق بنسبة 0.2% من جملة حالات الطلاق.
أما بالنسبة للسيدات فسجلت أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية من 30 إلى أقل من 35 سنة أيضًا، وبلغ عدد حالات الطلاق نحو 38 ألف و865 حالة طلاق بنسبة 18.2% ، وسجلت أقل نسبة طلاق في الفئة العمرية 65 سنة فأكثر، وبلغ عدد حالات الطلاق نحو ألف و362 حالة بنسبة 0.6% من جملة الحالات.
كما أشار التقرير إلى أنه اختلت محافظة القاهرة صدارة الترتيب بالنسبة لمعدلات الطلاق عام 2020، وفى المقابل، سجلت محافظة أسيوط أقل المعدلات بين محافظات الجمهورية.