كيف ساهمت مدارس «الفصل الواحد» في محو الأمية؟
إبراهيم الزيني، شاب في الخامسة عشر، نشأ في قرية الزيتون بالضعبة التابعة لمحافظة مرسى مطروح الحدودية، يسافر مع والده كطالع للنخل، يسافر من سيوة للضبعة كل عدة أسابيع ليحصد التمور ويقوم بتغليفها وبيعها لتجار الجملة، يحاول الآن تغيير روتين حياته الذي قضى فيه أخر 5 سنوات، يحاول توسعة تجارة العائلة بالقدوم للقاهرة والتعاقد مع الشركات الكبيرة، لكن هناك ما يعيق حلمه رغم وفرة الموارد، هو اميته فيذكر أنه يخشى أ يُستغل أو يقع ضحية تلك الثغرة.
يروي الزيني التفاصيل التي منعته من التحاقه بالمدرسة، فقريته تبعد نحو 12 كيلو عن أقرب مجمع دراسي، وكونه كبير أخوته كان ذلك سيحمله مسؤولية اصطحاب أشقائه الثلاث كل هذه المسافة ذهابًا وإيابًا، من هنا عزفوا عن التعلم.
مع بداية هذا العام، أعلنت الوحدة المحلية والادارة التعليمية بمدينة الضبعة عن فتح مدارس الفصل الواحد، والتي تمكن ابراهيم وأشقائه من تجاوز المرحلة الابتدائية ومحو أميتهم والتدرج في المراحل التعليمية الأخرى على حسب عمرهم وقابليتهم للتعلم .
التجربة النشأة في الضبعة ليست حصرية عليها، فجهود حياة كريمة بالتعاون مع وزارتي التضامن الاجتماعي والتربية والتعليم قد دشنوا عدد كبير من مدارس الفصل الواحد على مستوى الجمهورية لمحو أمية المتسربين من التعليم في أعمار مختلفة .
رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية: حياة كريمة حصرت الأميين في المحافظات والبداية بـ500 مدرسة
فقد قررت التضامن من خلال المبادرة بناء 500 مدرسة جديدة للتعليم المجتمعي منها 300 مدرسة هذا العام و200 مدرسة العام المقبل،حيث سيتم استخدام فصول مدارس التعليم المجتمعي بعد فترة الظهيرة من اليوم الدراسي في جلسات التوعية ومحو أمية الأمهات، على حسب ما ذكر الدكتور عاشور عمري، رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار لـ "الدستور" .
وأوضح عاشور أن تلك الخطة ليست مقتصرة على هذا العدد من الفصول، لكن الدولة جادة في مساعيها لتحقيق محو الأمية بشكل لفعلي وليس تقديم شهادة تفيد بذلك وفقط، كما كان شائعًا من قبل حتى أنه بات من السهل تزويها لحصول الفرد على وظيفة أو مزايا اجتماعية، وتلك الخطة أُطلقت لإعلان مصر خالية من الأمية قبل عام 2030، ويتم تكثيف الجهود في المناطق التي بها نسبة سكان كبيرة، وأن مبادرة حياة كريمة، ساعدت على ذلك حيث جرى حصر الأميين في هذه المناطق بمعاونة كل أجهزة الدولة والوزارات، وأصبح لدينا شبه قاعدة موثقة بعدد الأميين .
اليونسكو تمنح مصر جائزة عالمية في مجال محو الأمية
وأكمل أن هناك خطوات واعدة خطتها مصر في هذا الصدد تلاقي احتفاء عالمي، حيث أعلنت منظمة اليونسكو أغسطس الماضي رسميًا فوز مصر بجائزة كونفوشيوس 2021 لمحو الأمية عن تجربة جامعة عين شمس ، والخاصة بتنظيم فصول محو الأمية عبر الإنترنت للمناطق الريفية والفقيرة بجمهورية مصر العربية.
وقدمت التجربة برامجا تدريبية لإعداد طلاب الجامعات للعمل كمعلمين لمحو الأمية في المجتمعات، فضلاً عن استخدامه أدوات التعلم عن بعد لتعليم المهارات الرقمية ومهارات الاتصال وتعليم الكبار.
إحدى المتطوعات: سأعمل في أحد المدراس لمحو أمية أهالي قريتي .
ومن بين الطلاب الذين خاضوا هذه التجربة كانت شيماء النجار طالبة الصف الرابع بكلية الألسن، فتذكر أنها انضمت لفرق التدريب في البداية للحصول على درجات الخدمة الاجتماعية التي أقرتها الكلية كشرط للتخرج منذ عدة سنوات، واستغلت انها من المغتربات فبدلًا من قضاء الوقت في المدينة الجامعية قررت استثماره في برنامج تعليمي يُثقلها بمهارات تؤهلها للتدريس فيما بعد .
بالتدريج، أصبح تعليم شيماء لكبار السن والمتسربين من التعليم مسبب للسعادة لديها، فبمجرد تعلمهم لحرف جدية أو قدرتهم على كتابة بيانتهم الشخصية كانت الرسمة تُرسم على وجوههم، وهو ما أضاف لها قيمة جديدة أدركت من خلالها أهمية أن يكون الفرد متعلمًا، فباتت ممتنة أكثر لوالديها رغم انها من قرية صغيرة بإبشواي، محافظة الفيوم، وينتشر بها الأمية إلا انهم منحاها فرصة الدراسة والقدوم للقاهرة حيث الانتساب لأحد كلية القمة .
من هُنا قررت أن تعمل بشكل تطوعي في أحد المدارس المجتمعية بمحافظتها، في أوقات فراغها لتغيير حياة العشرات وإعطائهم فرصة جديدة في الحياة .