زيارة الوداع .. ما التحديات التى تنتظر العلاقات الإسرائيلية الألمانية بعد "ميركل"؟
تجري المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل اليوم الأحد آخر زيارة رسمية لها إلى إسرائيل بعد 16 عامًا في السلطة، حيث ستقوم اليوم بجولة في النصب التذكاري الوطني للمحرقة في إسرائيل وتجري محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.
من المتوقع أن تضع "ميركل"، في ثامن زيارة لإسرائيل منذ توليها السلطة في 2005، إكليلًا من الزهور على نصب "ياد فاشيم" في القدس تكريمًا لليهود الذين قتلهم النازيون، ومن المتوقع أن يكرم بينيت "ميركل"، إذ يستضيفها خلال اجتماع لمجلس الوزراء صباح اليوم في فندق الملك داود بالقدس.
وستحصل ميركل، عالمة الفيزياء البالغة من العمر 67 عامًا، على درجة الدكتوراه الفخرية في وقت لاحق اليوم الأحد من معهد التخنيون للتكنولوجيا في حيفا بشمال إسرائيل.
كانت ميركل تعتزم زيارة إسرائيل في أواخر أغسطس، لكنها ألغتها بسبب بالوضع المتوتر في أفغانستان مع سحب الولايات المتحدة وألمانيا ودول أخرى قواتها.
يذكر أنه جعلت الحكومات الألمانية العلاقات القوية مع إسرائيل أولوية قصوى منذ الحرب العالمية الثانية، وسعت ميركل إلى تعزيز العلاقات الأمنية والاقتصادية الثنائية. وألمانيا هي أحد أكبر الشركاء التجاريين لإسرائيل، لكن نتائج الانتخابات الأخيرة تترك تساؤلات حول شكل العلاقات في اليوم التالي لـ"ميركل".
نتائج الانتخابات الألمانية
واجهت ألمانيا وبعض دول أوروبا خلال الفترة الأخيرة فوضى سياسية، حيث لم تؤد الانتخابات إلى فوز أغلبية تسمح لمعسكر سياسي معين – يميني أو يساري– بالحكم، وهو ما يفرض تشكيل ائتلاف تسوية يعنى بصورة أساسية بإدارة الأزمات.
بالنسبة لإسرائيل، هذه أخبار سارة، فبدلاً من التدخل في الشئون الداخلية الإسرائيلية، ومحاولة فرض تسويات سياسية لا تريدها إسرائيل، مثل حل الدولتين، سينشغل الألمان والأوروبيون بمعالجة مشكلاتهم الداخلية.
لكن من ناحية أخرى، تقلق إسرائيل من اليوم التالي لميركل، ففي الوقت الذي فاز حزب اليسار الديمقراطى بـ25.7٪ من المقاعد البرلمانية، بما يعنى زيادة حوالى 5٪ عن الانتخابات الماضية، فى مقابل 24.1٪ للحزب الديمقراطى المسيحى وحليفه الحزب الديمقراطى الاشتراكى، حيث معروف أن حتى لو قادة تلك الأحزاب أصدقاء لإسرائيل إلا أن جمهور اليسار في ألمانيا غير مؤيدة بدرجة كبيرة لإسرائيل، بل والكثير منهم شديد العداء للصهيونية.
كان الحزب الاشتراكي - الديمقراطي، يسعى وراء الناخبين المسلمين والعرب، ويدفع قدمًا بشخصيات "ألمانية – فلسطينية" إلى مراكز رفيعة المستوى، وفي الماضي عمل أعضاء فيه على تجميد صفقات سلاح بين ألمانيا وإسرائيل، كما أن جهات في حزب اليسار المتطرف كانت وراء مبادرات لمقاطعة إسرائيل.
صعود اليسار في ألمانيا يتحدى منذ زمن العلاقات مع إسرائيل، في الماضي، التقى اليسار الإسرائيلي (حزب العمل) نظراءهم في اليسار الأوروبي وحافظوا على منظومة علاقات حميمة وقريبة، لكن الأمور تغيرت الآن بعد تدهور اليسار الإسرائيلي خلال السنوات الأخيرة، وتلاشي تأثيره.
تحديات العلاقات الألمانية الإسرائيلية بعد “ميركل”
ألمانيا بعد الكارثة فهمت مسئوليتها التاريخية عن المحرقة، واليوم، بعد 80 سنة لم يعد تقريبا أحد من الناجين على قيد الحياة، ومواطني ألمانيا ومعظم السياسيين يرون الكارثة كجزء من التاريخ البعيد.
وبينما أولت "ميركل" اهتمامًا بالمحرقة، فإن الجيل الجديد في ألمانيا من المتوقع أن يهتم بدرجة أكبر بالتحديات الجديدة، بما فيها مسألة اللاجئين وجائحة كورونا، فمشاعر المسئولية الوطنية لدى ألمانيا، والتي هي جزء من سياسة ميركل في الـ 16 سنة الأخيرة ستختفي قريبًا بعد ميركل، ولن يكون هناك دعم تلقائي لإسرائيل من ألمانيا مثلما في الماضي.
كما أن الحكم الطويل لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، الذي كان يتجاهل نسبيًا أوروبا الغربية، ومتماهيًا مع اليمين الأوروبي فقط في أفضل الأحوال، وتربطه علاقات قوية مع اليمين في شرق ووسط أوروبا أدى بالسياسيين في إسرائيل ألا يقيموا شبكة علاقات ناجحة مع نظرائهم في أوروبا.
والآن بعد سنوات سيطر فيها اليمين في الكثير من الدول المهمة في العالم، يعود اليسار إلى مواقع أساسية، وهو ما يشكل تحديًا لإسرائيل التي طورت علاقات على مدار عقد كامل مع اليمين، وهو ما يجعل إسرائيل قد تفكر في بلورة سياسة جديدة بقيادة "وزير الخارجية يائير لابيد" ليبني علاقة جيدة مع الديمقراطيين في الولايات المتحدة، واليسار في أوروبا، وهي مهمة ليست سهلة.