«الدستورية العليا»: منع الأب من الرجوع في الهبة غير دستوري
أصدرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو، رئيس المحكمة، اليوم السبت، حكما بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة (502) من القانون المدني، في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لابنه.
وصرح المستشار محمود محمد غنيم نائب رئيس المحكمة، ورئيس المكتب الفني، بأن الحكم تأسس علي أن المشرع استقى حكم النص المطعون فيه من الفقه الحنفي، الذي منع رجوع الوالد في هبته لابنه، ولو كان لديه عذر يبيح ذلك، حال أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وعلماء المدينة يجيزون ذلك.
وقد دل الفقهاء باختلافهم هذا على عدم وجود نص قطعي الثبوت والدلالة في مبادئ الشريعة الإسلامية يحكم هذه المسألة، ومن ثم تعتبر من المسائل الظنية التى يجوز فيها الاجتهاد، وهي بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان، وإذا كان الاجتهاد فيها حقًا لأهل الاجتهاد، فمن باب أولي يكون هذا الحق لولي الأمر (المشرع)، ينظر في كل مسألة بما يناسبها، في إطار المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، بما تقوم عليه من الحفاظ علي الدين والنفس والعقل العرض والمال.
تفاصيل الحكم
وانتهت المحكمة إلى أنه، إذا كان منع الأب من الرجوع في الهبة يجعله في حرج شديد، ويرهقه من أمره عسرًا ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر عتيا، إذا أحوجته الظروف لاسترداد ما وهبه لابنه ورفض الابن إقالته من الهبة إضرارًا به، مستغلًا أن النص المطعون فيه يمنع الأب من الحصول على حكم قضائي في هذا الشأن، ضاربًا عرض الحائط بالواجب الشرعي والأخلاقي لبر الوالدين، وعدم عقوقهما والاحسان إليهما وطاعتهما في غير معصية.
ومن ثم، يكون منع القضاء من الترخيص للأب في الرجوع في الهبة، ولو توافر له عذر يبيح ذلك، فضلاً عن كونه يصادم ضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية لشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد انطوي علي تمييز غير مستند لمبرر موضوعي بحسب صلة القرابة المحرمية التي تربط الواهب بالموهوب له، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (97،92،53،2) من الدستور.