حملات مفاجئة.. مكافحة تعاطي سائقي الحافلات المدرسية للمخدرات بعقوبات رادعة
تسعى الدولة المصرية للحد من نزيف الأسفلت الذي يحصد الأرواح إزاء تولي أشخاصًا غير واعيين قيادة الحافلات المدرسية، لذا توجه حملات مكثفة لتكشف عن تعاطي المواد المخدرة بين السائقين، التي أثبتت تراجع معدلاتها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.
وأعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج مؤخرًا أنه مع بداية العام الدراسي الجديد، ستكون هناك حملات للكشف عن تعاطي السائقين للمواد المخدرة، من خلال خضوعهم للتحاليل الطبية، وفي حالة ثبوت إيجابية عيناتهم سيتم توقيع عقوبات رادعة حيالهم.
وأكدت القباج، أنه سيتم إخطار وزارة التربية والتعليم بنتائج العينات، بالتعاون مع مجموعة عمل مشتركة من صندوق مكافحة الإدمان والإدارة العامة للمرور والأمانة العامة للصحة النفسية والإدارة المركزية للأمن بوزارة التربية والتعليم.
"الدستور" تواصلت مع الجهات المعنية من صندوق مكافحة الإدمان والتعليم؛ لتوضيح كيفية محاربة الدولة المصرية تعاطي سائقي الحافلات المدرسية للمواد المخدرة، ومعرفة أسباب تراجعه في السنوات الأخيرة.
صندوق مكافحة الإدمان: حملات مفاجئة للكشف عن السائقين المتعاطين
قال عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن ومدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، إن حملات الكشف عن تعاطي سائقي الحافلات المدرسية للمخدرات بدأت منذ 2017، وذلك من خلال حملات رباعية قامت بها كل من وزارة الداخلية والتربية والتعليم والصحة والسكان و التضامن، موضحًا أن هذه الحملات استهدفت سائقي المدارس الحكومية والخاصة والمعاهد العليا والجامعات في مختلف المحافظات، وأنه تم الكشف عن 12 ألف سائق في العام الماضي.
وأضاف "عثمان" في تصريحاته لـ "الدستور" أن الكشف يتم بشكل مفاجئ دون معرفة سابقة من إدارات المدارس؛ لكون فجائية التحاليل تضمن دقة النتائج، وأن إجراء التحاليل يكون داخل مقر المدارس الخاصة التي تمتلك أتوبيسات، وأيضًا يكون على الطرق العامة التي تشهد حافلات النقل العام المسؤولة عن نقل طلاب المدارس الحكومية.
وتابع مساعد وزير التضامن: عند إثبات تعاطي السائقين للمواد المخدرة، يتم التعامل معهم بشكل رادع وتحويلهم للنيابة العامة واتخاذ ضدهم كافة الإجراءات القانونية اللازمة، مشيرًا إلى انخفاض نسبة التعاطي التي أصبحت تتراوح ما بين 1.5:1% بعد أن كانت 12%، لافتًا إلى أن زيادة الحملات المفاجئة وتطبيق العقاب الرادع هما السبب في تراجع معدلات إدمان سائقي الأتوبيسات المدرسية.
وأردف: في حالة قدوم السائق المتعاطي للصندوق طواعية كي يتلقى العلاج، يتم الترحيب به وعلاجه مجانًا وبسرية تامة ولن يقع تحت طائلة القانون، أما عند نزول اللجنة الطبية للمدارس وخضوعه للكشف الذي يثبت تعاطيه وعمله تحت تأثير المخدر يتم تحويله مباشرة للنيابة العامة.
ووجه عثمان، دعوة لأولياء الأمور عند اشتباههم في تعاطي السائقين للمواد المخدرة، بإرسال شكاوى على الخط الساخن لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان 16023، كما ناشد المدارس الخاصة بسرعة إجراء التحاليل لسائقيها من تلقاء ذاتهم دون انتظار الجهات المعنية للقيام بذلك؛ للاطمئنان على أرواح الطلاب.
محامي: تصل عقوبة السائق المتعاطي ل 10 سنوات
وقال المحامي أيمن محفوظ إن تعاطب السائقين للمواد المخدرة يأتي في مقدمة أسباب حوادث السيارات حسبما ورد في التقارير الأمنية، لذا أتاح قانون المرور الجديد لرجال الشرطة الكشف عن تعاطي السائقين للمخدرات في الطرق العامة، وإذا ثبت تعاطيه يتم سحب رخصته وتحويله للنيابة العامة، حتى في حالة رفضه إجراء التحليل يعتبر ذلك قرينة على تعاطيه، ويتم تحويله أيضًا للنيابة العامة وتوجه له الاتهام حسب طبيعة المادة المخدرة سواء بإحالته لمحكمة الجنح أو الجنايات.
وأضاف محفوظ، إذا كان السائق متعاطيًا مسكرات أو مخدرات وارتكب حادثًا يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، وفي حالة إصابته أكثر من 3 أشخاص تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز 5 سنوات، وإذا وصل الأمر لحد وفاة أكثر من 3 أشخاص يعاقب بالحبس بمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سبع سنين، وقد تصل لـ10 سنوات طبقًا لنص المادة 238 من قانون العقوبات.
وأشاد بتطبيق قانون المرور بمنتهى الحزم والشدة في سبيل الحفاظ على أرواح الأبرياء، مؤكدًا أن الجهات الحكومية والكمائن الشرطية تظل الرقيب الأول على سائقي الحافلات المدرسية، وطالب مؤسسات الدولة ببث حملات لتوعية السائقين بخطورة الإدمان وتوابعه، مناشدًا إدارات المدارس بضرورة خضوع السائقين للتحاليل بصفة دورية؛ لكون بعض السائقين يتم تعيينهم بعد إثبات عدم تعاطيهم، ولكن بعد فترة يعانوا من الإدمان.
تعليم القاهرة: التوعية والعقاب الرادع سبب تراجع تعاطي سائقي الحافلات
أكد محمد عبد التواب، مدير إدارة التعليم العام والتجريبيات بمديرية التربية والتعليم بالقاهرة، في حديثه لـ"الدستور" على وجود لجان خصصتها وزارة التربية والتعليم تجري تحاليل لجميع سائقي الحافلات المدرسية بالمديرية؛ لضمان عدم تعاطيهم العقاقير المخدرة، وذلك من أجل الحفاظ على سلامة الطلاب.
وعن كيفية التعامل مع السائقين المتعاطين، أوضح عبد التواب: عند إثبات تعاطي السائق للمخدرات يمنح فرصة ثلاثة أشهر يمكن من خلالها العلاج، ويعاود العمل مرة أخرى بعد خضوعه لإجراء تحليل في معامل المستشفيات الحكومية للتأكد من تعافيه وضمان عدم التلاعب في نتائج التحاليل، أما إذا ثبت بعد ذلك إيجابية عينة التحاليل يتم فصله بشكل نهائي واتخاذ كافة الإجراءات القانونية.
وأضاف مدير إدارة التعليم العام والتجريبيات أن المدارس الخاصة تجري تحاليل مفاجئة لسائقي الحافلات المدرسية لديهم بصفة دورية كل ثلاثة أشهر، مشيرًا إلى السبب في انخفاض معدلات تعاطي السائقين خلال السنوات الأخيرة يكمن في الخطة التي وضعتها الدولة لمكافحة الإدمان من خلال الجدية في عمل التحاليل بشكل دوري واتخاذ العقاب الرادع مع المتعاطين، والعمل على نشر الوعي بأضرار المخدرات وتوابعها.
وعن كيفية القضاء على الإشكالية بشكل نهائي، طالب بضرورة استمرارية إجراء التحاليل الفجائية دون سابق إنذار للسائقين، مع تفعيل القوانين ضد المتعافين؛ لكون العقاب يكون عبرة لغيرهم، مناشدًا بضرورة تكثيف الحملات التوعوية التي تستهدف إعداد سائقين متزنين عقليًا ولديهم وعيًا كافيًا بأضرار المخدرات.