الكاتب محمد الحديني يوضح الفارق بين الكتاب الورقي والإلكتروني
قبل أن تظهر ثورة الاتصالات وعالم تكنولوجيا المعرفة، كان الكتاب الورقي ومنذ رحلته الأولى كرسومات بدأت بالكتابة المسمارية في بلاد ما بين الرافدين، مرورا بأوراق البردي وجلود الحيوانات، وصولا إلي ثورة الطباعة والمطبعة على يد الألماني يوهان جوتنبرج، والكتاب الورقي هو الرفيق الأوفي والأجمل لعشاق القراءة والمعرفة.
ما بين الكتاب الورقي والإلكتروني، وهل الكتاب الورقي في طريقه إلي الزوال؟، قال الكاتب القاص محمد الحديني، الحاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في الآداب لــ "الدستور": “أول أمس حدث عطل دام عدة ساعات في تطبيقات فيسبوك وإنستجرام وواتس آب وصاحب ذلك حالة هلع وضيق أصابت مستخدميها في كل أنحاء العالم، كما استتبع ذلك خسائر بمئات الملايين من الدولارات للشركة المالكة، وبعد انتهاء الأزمة أصبحنا أمام عدة تساؤلات: هل أصبح وجود الإنسان مرهونا بهذه التطبيقات والتقنيات التكنولوچية؟ هل الواقع الافتراضي أصبح يحل محل الواقع الفعلي حتى ولو بشكل تدريجي؟ وينسحب على ما سبق التساؤل الرئيسي الذي يطرحه هذا التحقيق الهام عن الكتاب الورقي والكتاب الإلكتروني وهل أصبح الثاني بديلا للأول؟”.
تابع "الحديني": “مع تنامي سيطرة التكنولوچيا الرقمية والتقنية وبالأخص في العقدين الأخيرين، فرض الكتاب الإلكتروني نفسه وانتشر انتشاراً واسعاً بين القُراء، فأصبح يمكن لأي أحد يملك هاتفا ذكيا أو حاسوبا لوحيا أن يقوم بتحميل نسخة pdf من الكتاب ليحتفظ بها على هاتفه أو جهازه الذكي ليقرأها وقتما يريد”.
وأضاف: “أما من زاوية الكاتب، فالكتاب الإلكتروني قليل التكلفة حيث يوفر تكاليف الورق، والحبر، وأجور العمال ومصاريف النقل والشحن وخلافه كما يمكن طرحه على شبكة الإنترنت إما بسعر رمزي أو بالمجان وبذلك يسمح بانتشار كبير لاسم الكاتب بين عموم القُراء، ورغم هذه المميزات، للكتاب الإلكتروني بعض السلبيات ومنها احتمالية ضياع حقوق المؤلف ودار النشر في حالة حدوث سطو أو نشر لنسخة الكتاب دون إذن مسبق”.
واستطرد "الحديني": “لأن للعملة وجهان وأحيانا أكثر من وجه، للكتاب الورقي رونق وإحساس مختلف عن الكتاب الإلكتروني كالفارق بين زهرة طبيعية وأخرى بلاستيكية، وتكمن جاذبيته في علاقة الصداقة الواقعية التي تحدث بينه وبين القارئ وهذا أمر لا يوفره الكتاب الإلكتروني، الكتاب الورقي هو رفيق السفر والسهر وليالي الأرق كما أنه لا يرهق العينين ولا يعتمد على توفر الكهرباء أو خدمة الإنترنت”.
وزاد: “كما تعد الهوامش المتوفرة في الصفحة الورقية ساحة متسعة لتدوين الملاحظات والأفكار، ولذلك ما يزال الكتاب الورقي مفضلا عند الكثيرين والدليل الأعداد المهولة من مرتادي معارض الكتاب في كل أنحاء العالم، وفي النهاية يجب أن نتعامل مع كلا الكتابين على أنهما يكملان بعضهما، ولا غنى للقارئ أو الباحث عن أي منهما”.
وأوضح: الكتاب الإلكتروني يسمح بالاطلاع على الكتب والمراجع التي تصدر في أماكن متفرقة أو بعيدة في العالم وهو أمر يفيد الباحثين وطلبة الجامعة والدراسات العليا الذين لا تتوفر لهم فرص الحصول على هذه الكتب أو المراجع لاعتبارات البعد الجغرافي أو لاعتبارات مادية وعلى الجانب الآخر، يبقى الكتاب الورقي هو حجر الزاوية في المكتبة كما يمثل الذاكرة المكتوبة للشعوب فضلا عن أنه أداة نقل المعرفة الإنسانية والثقافة من مكان إلى آخر ومن جيل إلى آخر".