«ليفانت» اللندنية: العرب لفظوا الإخوان.. وأوروبا استفاقت على خطر الجماعة
قال مدير تحرير مؤسسة «ليفانت» اللندنية، شيار خليل، السوري المقيم في فرنسا، إنه لم يعد خافيًا على أحد أن جماعة «الإخوان» وجماعات الإسلام السياسي باتوا يشكلون خطرًا جديدًا على الحكومات والدول في أوروبا، لا سيما بعد انتشارهم بشكل واسع في عدة دول من بينها ألمانيا والنمسا، وتغلغلهم في الأحياء العربية واستغلال الدين لجذب الناس إلى المساجد والمراكز الدينية التابعة لهم والتي تنفذ أجنداتهم الأيديولوجية في المنطقة.
وأضاف في تصريحٍ خاص لـ «الدستور»، أن «هذه المخاطر لم يكن ينتبه لها الغرب، وإنما كانوا يتعاملون مع تلك الجمعيات على أنها تنموية تسعى لتنمية الإنسان المسلم بعيدًا عن الأفكار المتطرفة، إلا أن التحقيقات الأخيرة في النمسا وألمانيا كشفت أن تلك الجمعيات والمراكز الدينية والجوامع ليست إلا واجهة لسياسات الإخوان، والتي يسعون من خلالها ضرب القيم الديمقراطية في أوروبا ونشر التطرف بين الجاليات المسلمة هناك».
وتابع: «لا نستطيع أن ننكر أن سياسات الحكومة الألمانية قد تغيرت من ناحية التعامل مع تيارات الإسلام السياسي، حيث شنت الأجهزة الأمنية الألمانية في الأشهر الماضية عدة حملات مداهمة ضد مراكز دينية ومساجد ومنظمات تابعة لتيارات الإسلام السياسي، بالتزامن مع إصدار عدة توصيات من البرلمان الألماني لتقويض تيار الإسلام السياسي، إلا أن هذه التشريعات والقوانين وحدها لا تكفي من وجهة نظري».
مؤتمر «ليفانت»
وأشار خليل إلى أن مؤسسة «ليفانت» اللندنية، ومركز «ليفانت» للنشر والدراسات بالتعاون مع المعهد الدبلوماسي الألماني، نظموا مؤتمرًا تحت عنوان: «الإسلام السياسي وأوروبا: فهم الديناميكيات في الإسلام السياسي تجاه تطورات السياسات والنهج الأوروبي المناسب»، في العاصمة الألمانية برلين، حضره العديد من الباحثين والسياسيين الألمان، لتسليط الضوء على الخطر الكبير الذي يمثله تنامي التنظيمات الإرهابية في العالم الغربي وتحديدًا أوروبا، ورفع توصيات للبرلمان الألماني والمطالبة بحظر تنظيم الإخوان في ألمانيا وأوروبا.
وقال: «أكدنا من خلال المؤتمر الذي أقيم في برلين، أنه من الضروري رصد مصادر التمويل التي تدخل للجوامع والمراكز الدينية في ألمانيا؛ لأنها تستخدم في اتجاهات أخرى تهدف لتقوية الجماعة، وسن قوانين لمحاربة الإسلام السياسي وجماعة الإخوان في ألمانيا، بجانب بسن قوانين للحد من خطر الإخوان في ألمانيا وحماية المسلمين الليبراليين، وحماية المجتمع الألماني في الوقت نفسه».
كما طالب المؤتمر بحظر جماعة «الإخوان»، ووضع معايير جديدة في الحرب ضد التطرف الديني، كما أقر مجلس النواب النمساوي حديثًا قانونًا يستهدف أنشطة تنظيم داعش والإخوان، ورصد مصادر التمويل التي تدخل للجوامع في ألمانيا وطلب الأئمة الذين يقودون الشعائر الدينية في البلاد التسجيل لدى الحكومة.
فشل الجماعة
وحول خطة الجماعة الإرهابية بعد فشلها في العالم العربي، قال خليل: «بعد فشل الإخوان من الاستقرار في مصر وبعض الدول العربية، تحاول الجماعة جاهدة جمع طاقاتها المتواجدة في الدول العربية وأمريكا وأوروبا لاختراق القارة الأسيوية، والبدء ببناء مشروعها الإيديولوجي هناك».
وأضاف: «على القوى الحاكمة في العالم أن تسن قوانين قوية ضد الجماعة ونشاطاتها، فسبق أن نوهنا أن خطورة «الإخوان» تكمن في تشددهم وانتشارهم في دول العالم، إذ أن الهدف من انتشارهم ليس فقط دول عربية مسلمة محددة، وإنما إيجاد قوة سياسية للضغط على أوروبا وبعض الدول العربية وفرض أجنداتها السياسية المتطرفة».
وأشار خليل، إلى أن «الإخوان» يديرون نشاطهم التنظيمي في أوروبا بأريحية، حيث سمحت بعض الدول الأوروبية في السنوات الماضية بأن تقوم الجماعة من خلال أعضائها بفتح المدارس الدينية والمراكز التوجيهية والجوامع، وإدارة نشاطاتهم تحت أعين الحكومات الأوروبية، ووصل الحد بهم بأنهم باتوا يعرفون عن أنفسهم بأنهم يمثلون الجالية المسلمة أو العربية في أوروبا، إلا أن تلك النشاطات ما لبثت أن كشفت على الأسباب الخفية من تلك التحركات، فسارعت أولاً الحكومة النمساوية بفرض عقوبات وقوانين صارمة على الجماعة، منوهة على الخطر من تلك النشاطات السابقة للجماعة.
تغلغل «الإخوان» في أوروبا
وأوضح أنه منذ ستينيات القرن الماضي، يسعى تنظيم «الإخوان» من خلال أعضائه إلى الانتشار والتغلغل في المجتمع الأوروبي، وذلك تزامنًا مع إقامة شبكات عنكبوتية في التنظيم نفسه وتأمين سبل عمل وإقامة لأعضائهم في أوروبا، لربط العلاقات المالية بين الجماعة المتواجدة في أوروبا والشرق الأوسط.
واستطرد: «من كل ذلك نستنتج أن لدى الجماعة حركة نشاط قوية في أوروبا، لا يمكن تقويضها إلا بسن قوانين وتشريعات قانونية قوية لوقف التمويل عنها، ومراقبة نشاطاتها، وفرض عقوبات على عناصرهم الذين لديهم علاقات قوية مع عدد من التنظيمات الإرهابية المتطرفة في العديد من الدول».
وأكد أن ألمانيا وفرنسا والنمسا لها دور كبير في القضاء على نشاطات الجماعة من خلال مراقبة نشاطاتها والحد منها، وفرض قوانين صارمة عليها.
كشف سياسات «الإخوان»
وفيما يخص التواجد الإخواني في العالم العربي قال خليل، إن «مصر وتونس والمغرب يمثلون - تاريخيًا وفكريًا- بيئة عميقة لا يمكن للتنظيمات الإسلامية المتطرفة اختراقها على مر التاريخ»، موضحًا، أنه على الرغم من أن أغلب قيادات هذه الجماعة من تلك البلاد، إلا أن الوعي الفكري لدى شعوب المنطقة وتلك الدول بخطورة الإسلام السياسي ومدى أهمية فكرة محاربة التطرف، كان له الدور الكبير بفضح سياسات «الإخوان» في تلك الدول، و«هو ما رأيناه مؤخرًا في تونس من خلال فضح سياسات حزب «النهضة» الإخواني، ومحاولات راشد الغنوشي، باختراق البرلمان والقوانين للسيطرة على الحكم في البلاد».
وحول التواجد الإخواني في ألمانيا والنمسا وفرنسا صرح خليل، بأن «هذه الدول الثلاث تمثل بيئات آمنة للجاليات العربية والمسلمة، ومن هنا استغل الإخوان الانتشار السكاني الكثيف للمسلمين فيها، وبدأوا بالتغلغل بين تلك الجاليات واستغلالها من خلال تقديم بعض الخدمات لهم، أو توجيههم من خلال المراكز التعليمية والدينية».
واختتم تصريحاته قائلاً: «نسعى من خلال مؤسسة «ليفانت» اللندنية وبعض مراكز الأبحاث الأجنبية والعربية للضغط على الحكومات الأوروبية، ودفعها لفرض قوانين صارمة بحق «الإخوان» وحركاتهم الداخلية في أوروبا، وبعض التحركات الأخيرة لفرنسا والنمسا وألمانيا وهولندا، هي خطوات أولية لسن تلك القوانين، ووقف مصادر تمويلها ومراقبة أنشطتها».