المُطران جورج شيحان يكتب: وهب وإزدراع الأعضاء من الناحية الأخلاقية – الكنسية
قبل إعطاء رأي الكنيسة الرسمي علينا ببعض التوضيحات حول موضوع وهب وإزدراع الأعضاء .
هناك نوعان لواهب الأعضاء:
واهبٌ حي: يمكن أن يهب عضواً (كلية واحدة، نصف كبد، نصف بنكرياس أو رئة واحدة) أو النخاع العظمي، ويجب أن يكون راشداً (من 21-65 سنة)، ويتمتع بصحة جيدة تخوله الخضوع لهذه العملية دون أية مضاعفات.
واهبٌ متوفي: موت دماغي مع المحافظة الإصطناعية على الدورة الدموية، يستطيع أن يهب: قلب، كليتين، رئتين، كبد، بنكرياس، قرنيتين، عينين، الأوعية الدموية، صمامات، جلد، نخاع عظمي، أمعاء وعظم.
في حالات الواهب المتوفي، كثيراً ما نسمع بمصطلح الموت الدماغي الذي يعرف بأنه: الموت الحقيقي الناتج عن توقف كل وظائف الدماغ، ويتم تشخيصه بواسطة فحص سريري من قبل أخصائيين بأمراض الجهاز العصبي، مع تخطيط للدماغ. في هذه الحالة يُحافظ على الدورة الدموية والتنفس وعمل القلب بطرق طبية إصطناعية كسباً للوقت حتى تُعطى العائلة الفترة الزمنية اللازمة للإستعداد للوهب. ويكون الواهب المتوفي قد وقعّ، في حياته، بطاقة تبّرع بالأعضاء والأنسجة، أو أتّخذ ذووه القرار بالوهب عند وفاته.
هذا باختصار هو التعريف العلمي لعملية وهب وإزدراع الأعضاء. أما من الناحية التعليمية للكنيسة الكاثوليكية فنجد أن:
“نقل الأعضاء يكون متوافقًا والشريعةَ الأخلاقيّة، إذا كانت الأخطار والمجازفات الطبيعيّة والنفسيّة الحاصلة للمعطي تتناسب والخيرَ المطلوب للمستفيد. وإعطاء الأعضاء بعد الموت عملٌ نبيلٌ جديرٌ بالثواب ويجب تشجيعه على أنّه علامة تضامنٍ سخيّ. ولكنه غير مقبولٍ أخلاقيًّا إذا كان المعطي، أو من يتولّون أمره من أقربائه، لم يرضوا به رضىً صريحاً. ولا يمكن القبول، من الدرجة الأخلاقيّة، بالتسبّب المباشر بالتشويه المولِّد العجز، أو بالموتِ للكائن البشريّ، حتى في سبيل تأخير موت أشخاصٍ آخرين( التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، رقم 2296،ص652-653 )
وكمبدأ عام فإن كون هبة إزدراع الأعضاء تعتبر كخدمة تقدَم للحياة، فإن مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، (شرعة العاملين في القطاع الصحي، ص45)، قد رسموا القيمة الأخلاقية لهذه الممارسة وشرعوا لإستعمالها الطبي:
إن الكنيسة تؤمن ان الله تجسّد. أي صار انساناً. وبتجسده أدخل الانسان بكل ابعاده في سرّ محبته اللامتناهية. مما يجعل من المسؤولية الطبية والاجتماعية في زرع الأعضاء دعوة ايجابية مقدّسة في خدمة الإنسانية شرط ألا تتعارض مع كرامة الإنسان بكل أبعاده. كل إنسان
ولا ينتهي الأمر أخلاقياً حسب رأي الكنيسة بمجرد توفر شروط الوهب والإزدارع بل يتجاوز هذا المرحلة وصولاً إلى التشديد على معاملة أجساد الواهبين المتوفين باحترام ومحبة، في الإيمان ورجاء القيامة، لإكرام أولاد الله هياكل الروح القدس (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، رقم 2300 و2301، ص654)
في نهاية هذا البحث السريع نوجه دعوة للإقبال على ممارسة ونشر ثقافة وهب الأعضاء وإزدراعها بوصفهاكما عبر البابا يوحنا بولس الثاني: تتيح للإنسان أن يَهَبَ ويُعطي ويتضامن
*رئيس أساقفة إبرشية القاهرة المارونية لمصر والسودان
والرئيس الأعلى للمؤسسات المارونية في مصر