سائق أول سيارة تخترق خط بارليف: كنت سببًا في الاستغناء عن الخبراء الروس أثناء أكتوبر
لحظات فارقة في حياتي لم أنسها عبر 48 عامًا من الانتصار الذي هو بمثابة مولدي من جديد، رغم تعرضي للموت أكثر من مرة أثناء الحرب إلا أن يد الله كانت تحارب معنا، ورغم حصارنا لأكثر من 3 شهور إلا أننا لم نستسلم للعدو وانتصرنا بكلمة "الله أكبر" التي كانت تزلزل وتهز الجبال.
هكذا بدأ الحاج أمين محمد إبراهيم الملقب بأمين "الخواجة" أحد أبطال حرب أكتوبر 1973 من قرية الجديدة، التابعة لمركز الداخلة بالوادي الجديد، حديثة لـ"الدستور" ليحكي قصه نجاح القوات المسلحة في عبور خط برليف والانتصار على العدو.
أكد الخواجة أن القوات المسلحة بدأت في التدريب المكثف لجميع القوات بعد حرب النكسة 1967، استعدادًا لمعركة 1973 لاسترداد أرض سيناء، فكانت التدريبات شاقة ليل نهار ومنها نموزج محاكاه لخط بارليف على بعض الجسور والجبال بمنطقة السويس بمساعدة الخبراء الروس وفي التدريبات، لمعرفة كيف يتم اختراق خط بارليف الذي قال عنه الإسرائليون انه خط مانع ولا أحد يستطيع أن يتخطاه نهائيا، حيث كان يحتوي على الغام ومحصن بالقنابل ودشم المدفعية والدبابات حيث يبلغ طوله 18 مترا وبعض 36 مترًا.
يقول الخواجة إنني كنت سائق سيارة تزن 26 طن من الذخائر وتجر مدفعية خلفها وكانت سيارتي رقم واحد في اختراق خط بارليف في الفرقة 19، حيث اخترقت الساتر المنيع بثلاث سيارات متتالية بعد اختراقي اول مرة حملوني زملائي على أكتافهم والذهاب للسيارة الثانية والتي تخطيت بها أيضًا، لخط بارليف فحملوني زملائي من الضباط والجنود على أكتافهم مرة أخرى، حتى السيارة الثالثة لأقتحم بها خط بارليف لنتمكن من محاصرته كاملا، وتم بعدها نصب المدافع وتجهيز الزخائر والأسلحة تجاه العدو وفي انتظار لحظة الحسم من القادة العسكريين.
وأكد الخواجة بعد إعطاء إشارة البدء بساعة الصفر بدأت القوات المسلحة في الهجوم باقتحام خط بارليف الذي تناثر تمامًا من تحت أقدام قواتنا الباسلة تعلوه كلمة “الله أكبر التي كانت تزلزل الأرض والجبال بأصوات خير أجناد الأرض وتم احتلال هذه المنطقة بكل سهولة ويسر”.
واوضح الخواجة انه كان في منطقة تبعد عن غرب القنال بنحو 2 كم تقريبًا منطقة الجناين بالسويس التي كانت تشرف على معبر 24 لحماية الفرقة من الطيران الإسرائيلي وكذلك حماية المعابر التي ستسير عليها الفرقة 19.
وقال الخواجة إن قواتنا المسلحة تعاملت مع طيران العدو الإسرائيلي في السادسة صباحًا بكل حزم لحماية المعبر 24 من ضربة والقضاء عليه، حيث جاءت تعليمات بالتحرك للأمام بعد انقطاع مسافة 8 كم فلم يقابلنا اي عوائق طوال اليومين الأول والثاني وتم احتلال أكثر من 8 أماكن بقيادة الفرقة وتم وقف إطلاق النار بعد معاهدة من الرئيس محمد انور السادات ومناحي بيجم.
أشار الخواجة إلى أن الجندي المصري شجاع وغيور على وطنه وعرضه وتجده يجد ويجتهد وقت الشدائد والمحن، ويتمتع الجندي المصري بذكاء خارق لم تجده في أي جندي آخر، ومن ضمن المواقف التي سأذكرها وهى من الذكريات الخالدة في حياتي عندما كنت في التدريب قبل الحرب بثلاثة أشهر وجه لي ضابط روسي من الخبراء الروسيين الذين استعان بهم الجيش المصري لتدريب استعدادا للحرب، أن أمر بسيارتي من مكان ضيق فرفضت وقولت له إن السيارة تحتاج لمكان واسع في حدود 56 متر على الأقل، فأصرّ أن أمر من المكان الضيق ونحن كنا في "بروفة" حقيقية استعدادًا للحرب، فرفض وأصريت على موقفي بأن السيارة إذا مرت من هذا الملف الضيق سأنجرف إلي المنصه التي جهة اليمين وكان المعبر جهة اليسار، والمنصة حينها كان يوجد بها الرئيس وبعض قادة الجيش لمشاهدة بروفة الحرب، وأبلغت القيادة العليا بهذا الخطأ الفادح ، وعلى الفور تم تغيير المسار ليكون على سعة 56 متر مربع بطريق مستقيم كما تحدثت ومن هنا بعث لي الرئيس أنور السادات شهادة تقدير لي على قدراتي كسائق زكي يخاف على وطنه ويحب الخير لوطنه فيما قرر حينها الرئيس الاستغناء عن الخبراء الروسيين على الفور.