بعد عرقلة التصويت في الكونجرس: هل تتخلى إسرائيل عن المساعدات الأمريكية؟
صحيح أن الأمور جرت بشكل إيجابي، ووافق الكونجرس الأمريكي على تقديم مساعدة لتجديد مخزون المنظومة الاعتراضية للقبة الحديدية في إسرائيل، إلا أنه في الحقيقة الأمر لم ينته.
رغم أن مجلس النواب الأمريكي وافق في نهاية الأمر على المساعدة، لكن عملية العرقلة تطرح تساؤلات بشأن المستقبل وحول استمرار هذه التوجهات في الحزب الديمقراطي تجاه إسرائيل؛ فقد أظهر تصويت الكونجرس الانتقادات الحادة في الحزب الديمقراطي لإسرائيل،
عرقلة غير مسبوقة
في الأيام الأخيرة، لم تتم الموافقة على منح منظومة الصواريخ الاعتراضية القبة الحديدية مليار دولار بقيادة الأطراف التقدمية المعادية لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، وهذه حادثة غير مسبوقة في العلاقات بين الدولتين.
لم يسبق أبداً من قبل أن عُرقلت مساعدة أمنية لإسرائيل بسبب معارضة الكونجرس، فكيف بالأحرى يتم عرقلة وسيلة للدفاع عن مواطني إسرائيل ضد صواريخ "حماس".
مساعدات أوباما “السخية”
في نظرة سريعة إلى الوراء، بدأت القصة في نهاية ولاية باراك أوباما، الذي وقّعت إدارته اتفاقاً لتقديم مساعدة كبيرة جداً لإسرائيل، على الرغم من العلاقة المتوترة بين إدارته وإسرائيل، طوال فترة حكمه، وهناك من اعتبرها أنها هدية الوداع أو هدية تصفية الخلاف.
عندما انتُخب دونالد ترامب رئيساً، برز التوتر بين إسرائيل الديمقراطيين بشكل أوضح، فعلى الرغم أن نتنياهو التقى كل مسؤول رفيع المستوى في الحزب الديمقراطي زار إسرائيل، إلا أن العلاقات الداخلية كانت ليست في أفضل حال، فتجاهلت إسرائيل روابطها مع الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل، وبنت علاقة قوية مع الجمهوريين فقط، وهناك من يربط هذا التوتر بعرقلة التصويت في الكونجرس لصالح إسرائيل.
تحذير استراتيجي
تحذير استراتيجي طويل الأمد وُجّه إلى إسرائيل بدأ مع إدارة باراك أوباما، ومنذ ذلك الحين، نشأت رغبة إسرائيلية (تم التعبير عنها في عدة مقالات) في الاستعداد للتوقف عن الاعتماد على المساعدة الأمنية الأمريكية والتي كانت ذات دلالة في سبعينيات القرن الماضي، لكنها لم تعد ذات دلالة اليوم.
هناك من يرى أن التخلي عن المساعدة الأمنية سيسمح لإسرائيل ببناء خطوط إنتاج محلية لكل السلاح الضروري من دون الاعتماد على الخارج، وفي المقابل التوصل إلى اتفاقات مع دول عديدة، وهو ما يسمح بتنويع مصادر المشتريات والامتناع من الاعتماد على دولة واحدة مهما كانت مهمة وقريبة.
من ناحية أخرى، فإن إسرائيل رغم كونها في مقدمة الدول العشر الأولى في العالم من حيث معدل الدخل الفردي من الناتج المحلي الإجمالي، فإن مليارات الدولارات بالإضافة إلى الـ3.8 مليار دولار مساعدة سنوية موجودة في الميزانية الخاصة التي تحتوي على قائمة من النفقات غير الضرورية (بحسب وصف عضو الكنيست السابق يوسي بيلين في مقال بصحيفة إسرائيل اليوم)، وهو يطرح سؤالاً: لماذا تنتظر إسرائيل المساعدة الأمريكية من أجل تغطية نفقات من الصعب وصفها بأنها "غير متوقعة"؟
بحسب التقديرات، فإنه من الصعب أن يتم التخلي الإسرائيلي المُطلق عن المساعدات الأمريكية، فهناك العديد من الروابط بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتي يتم التعبير عنها بعدة أشكال من ضمنها المساعدات الأمنية الأمريكية.
كما أن الحكومات الإسرائيلية على اختلاف توجهاتها حافظت على العلاقة مع واشنطن، ومن المُستبعد أن تتخذ تل أبيب خطوة مثل هذه، لكن من المُتوقع أن تتحرك تل أبيب لترميم الصدع مع الحزب الديمقراطي وخاصة المحافظين (المؤيدين لإسرائيل) داخله لمواجهة التقدميين (الذين يوجهون الانتقادات إلى إسرائيل).