مراكز التخريب.. أخطاء كارثية لمحلات الكوافير في مصر

جرت العادة أن تطرق الفتيات والسيدات أبواب صالونات التجميل "الكوافيرات" من أجل التزيين وإضفاء مزيدًا من اللمسات على ملامحهن وأبرزها شعرهن وبشرتهن، إلا أن الكثيرات لم يعلمن أنهن قد يخرجن منها بعاهة تلزمهن طويلاً وقد شوهت تلك وأصيبت أخرى بعاهة مستديمة أو حتى مؤقتة، مثلما حدث مع روان تلك الفتاة التي ذهبت مع والدتها إلى أحد صالونات التجميل بهدف فرد شعرها، لتخرج منه وقد أصابها الصلع بعد أن كان شعرها طويلًا وكثيفًا، ويغطي ظهرها بالكامل.

القصة بدأت عندما ذهبت الفتاة (15 عامًا) برفقة والدتها الى أحد محال “الكوافيرات” بالدقهلية، والذي كانت تعمل فيه إحدى الجزائريات ذات الخبرة الواسعة في هذا المجال فاعتادت الأم على التعامل معها هي وابنتها، إلا أنها اكتشفت بهذه المرة أن تلك السيدة غادرت المكان وأصبح هناك فتيات أخريات يعملن به بدلًا منها، وعند ترددها بالدخول ورغبتها في المغادرة صممن الفتيات على أن تجرب آدائهن، واعتبرن ترددها إهانة بحقهن، وعدم ثقة في عملهن مدعين أنهن لا يقلن خبرة عن تلك السيدة الجزائرية، وأن ذلك هو عملهن الذي لايعرفن غيره.

بعد تسليم والدة روان شعر ابنتها لعاملات الكوافيرات والخضوع لكلمات العاملات، فوجئت الأم بابنتها تتألم بشكل غير طبيعي وبخار كثيف غير معتاد يتصاعد منها أثناء قيام العاملة بكي شعرها، في الوقت نفسه وجدت عدم مبالاة العاملة من مطالبتها بتقليل سخونة المكوى لترد على الأم: "إحنا يا مدام بنعمل إيه؟.. ماتخافيش دي شغلتنا.. بنتك مدلعة"، إلى أن انتهى الأمر بحرق فروة رأس روان بالكامل وسقوط كامل شعرها، وسط بكاؤها مع والدتها على تاج رأسها الذي ضاع في لحظات نتيجة الإهمال والجهل.

قصة روان لم تكن الأولى للمآسي الناتجة عن أخطاء "الكوافيرات"، والتي ينتج عنها أضرار خطيرة على زينة الفتيات، بل تعددت قصص فقدانهن لتلك الزينة نتيجة هذه الأخطاء الكارثية.

منى محمد، إحدى ضحايا إهمال الكوافيرات تحكي لـ"الدستور"، ما تعرضت له: "شعري وقع بعد جلسة بروتين، موضحة أنها مثلها مثل أي فتاة كانت تحلم أن تصلح من ملمس شعرها وتراه ناعمًا، لذا ذهبت إلى أحد محال الكوافير الذي وصفته لها صديقتها، لتفاجأ أنه بعد دقائق بسيطة من وضع المادة على شعرها، بحكة شديدة مع رائحة شياط، وإذ به شعرها يتساقط أمام عينيها، دون أن تدري ماذا تفعل.

سميرة حسين، سيدة ثلاثينية التي تسببت الصبغة في إتلاف شعرها وخشونته بسبب إحدى محال الكوافير وذلك بعد أن صبغت خصلات شعرها"هاي لايت"، ليتساقط شعرها منذ ذلك الحين ويتحول ملمسه بشكل ملحوظ إلى ملمس خشن ومقصف، وذلك على عكس طبيعته الناعمة.

أما أميرة، فكانت بشرتها هى ضحية "الكوافير" هذه المرة إذ بعد أن ذهبت إلى أحد صالونات التجميل لرسم الحنة فوجئت بإحمرار شديد وتورم بالجلد: "إيدى عبت ميه كأنها اتحرقت أو انكب عليها ميه مغلية"، موضحة أنها ذهبت للكشف عنها ثم أخذت علاجًا لها عبارة عن كريمات ومراهم مرطبة؛ لأن الحنة مش بتطلع غير بعد فترة، وفسر الأطباء لها ذلك بأن هناك أنواع عدة من الحنة منها الردئ والجيد ومن المفترض آجراء اختبار قبل القيام بوضعها على الجلد.
استشاري أمراض جلدية يوضح

الدكتور أحمد حسين، استشاري الأمراض الجلدية، يقول لـ"الدستور"، إن العديد من الكوافيرات يتعاملون مع المواد الكيميائية بجهل تام، ما ينتج عنه عدم التدقيق في نسب استخدامها وبالتالي إحداث أضرار بالغة الخطورة على شعر وبشرة السيدات، وذلك راجع لعدم دراية الكثيرين منهم لأصول هذه المهنة، إضافة إلى إهمالهن الشديد.
‏وتابع أن مجال تصفيف الشعر وكذلك العناية بالبشرة هو مجال واسع ويحتاج إلى دراسة وعلم، وكذلك تأهيل كافيين للعمل به، وليس كما هو يحدث الآن من ممارسة"الكوافير" المهنة دون العلم الحقيقي بمخاطر المواد وكذلك الأدوات المستخدمة بها، مشيرًا إلى عمل العديد من محال الكوافير"التي تعمل دون ترخيص "بير سلم"، وبالتالي لا يكون عليها أي رقابة،ومن ثم تكثر بها فرص المخاطر التي تتعرض لها زبائنها. 

غياب التراخيص

وقال سعيد طه، المشرف العام على شعبة التزيين والجمال لمصففى شعر السيدات والرجال وأدوات التجميل بالغرفة التجارية بالإسكندرية إن هناك 2700 محل كوافير فقط مرخص بالمحافظة وذلك من بين أكثر من 10 آلاف محل على مستوى قطاعات عروس البحر المتوسط.

أشار إلى أن أحد أسباب ذلك رسوم استخراج الرخصة التي تصل لـ7 آلاف جنيه، إضافة إلى رسوم أخرى وهو الأمر الذي يجعل أصحاب محال التزيين والكوافيرات يرفضون العمل برخصة، ما يتسبب في ضياع ملايين الجنيهات على خزانة الدولة وغيره من الأضرار، وهنا طالب سعيد بخفض رسم الرخصة إلى ألف جنيه حتى يتمكن أصحاب المحال من استخراج الرخص.

بينما رصد محمود الدجوي، رئيس شعبة عيوب تدريس مهنة التجميل في المدارسة الفنية ذاكرًا منها عدم توفر مدربين من أصحاب الخبرة العملية لتتناسب مع سوق العمل المحلي والعالمي، وكذلك عدم مناسبة النظام الحالي للتعليم الفني للتطورات الحالية في مهنة التجميل.

وأضاف الدجوي أن وزارة التربية والتعليم تعتمد على المنهج النظري لعدم قدرتها المالية على توفير معدات، موضحًا أن شعبة الكوافير وضعت خطة لتطوير ومواكبة سوق العمل في مجال التجميل واعتمدت بشكل كبير على المنهج الفرنسي، مؤكدًا أنه تم ترجمته إلى اللغة العربية تمهيدًا لتدريسه، كما أشار إلى أن هدف الخطة هو تخريج عمالة فنية ماهرة تتناسب مع متطلبات سوقي العمل المحلية والعالمية بالأضافة إلى تجهيز مدربين على مستوى مهني متميز.