موت بلا ديّة.. من يحكم فوضى الورش الصناعية في الأحياء السكنية؟
تجرم المادة 28 من قانون البيئة بناء منشآت صناعية داخل المجمعات السكنية، ولا بد أن بنائها يبعد عن أي منطقة بها سكان مسافة 5 كيلو متر، وكذلك لا يجرم قرار مجلس الوزراء رقم 338 لسنة 1995، اختيار مواقع معالجة وتصريف النفايات الخطرة الخاصة بتلك المنشآت في منطقة سكنية وحدد لها بعد ثلاثة كيلو مترات على الأقل.
ورغم ذلك هناك الكثير من المناطق السكنية التي تكون مأهولة بالسكان والمنشآت الصناعية التي يعرفها قانون البيئة بأنها أي مشروع ﻏﺮضه اﻷﺳﺎﺳﻲ ﺗﺤﻮﻳﻞ اﻟﺨﺎﻣﺎت أو اﻟﻤﻮاد اﻷوﻟﻴﺔ إﻟﻰ ﻣﻨﺘﺠﺎت، والتي تعود بالضرر البالغ على هؤلاء السكان على المستوى الصحي.
وسبق وتقدم النائب هشام حسين، أمين سر لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب، بطلب إحاطة إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير التنمية المحلية، بشأن انتشار ورش السيارات والكاوتش أسفل العمارات بما يسبب خطورة شديدة على المباني من ناحية وعلى صحة الأهالي من ناحية أخرى.
وأكد النائب، في طلبه، أن أغلب المناطق والأحياء على مستوى الجمهورية تعاني من انتشار ورش السيارات والكاوتش وغيرها أسفل العمارات السكنية وهو ما يتسبب في إشكاليات كبيرة للمواطنين، خصوصًا في المناطق التي تواجه زيادة سكانية وفي الشوارع الجانبية بما يؤثر على حركة الأهالي وعلى صحتهم.
وبالفعل انتشرت الورش الصناعية والمنشآت في الأحياء السكنية حتى أصبح لها ضحايا في كل منطقة، "الدستور" تحدثت مع عدد من المتضررين من تلك الورش الصناعية في أغلب المحافظات والمناطق.
بسمة محمد، 26 عامًا، تقطن في منطقة إمبابة بالجيزة، وإحدى المتضررات من الورش الصناعية في المناطق السكنية، إذ يوجد أسفل العقار الذي تسكن به ورشة لصناعة "الكراتين" واللحام.
تقطن "بسمة" في تلك المنطقة منذ 5 سنوات، تفاجئت منذ 10 أشهر فقط هي وأسرتها، بوجود تلك الورشة، التي لم تكلف صاحبها سوى استئجار العقار الأخير والبدء في العمل الفوري
تقول: "الورشة في قلب المنطقة السكنية، بالرغم من الغازات الضارة التي تُنتجها، والنيران التي تستخدمها في تصنيع الكرتون، وأكثر من مرة تحدثنا نحن الأهالي مع صاحب الورشة إلا أنه لم يستجيب لحديثنا، وأصيبت بالربو أنا ووالدتي بسبب تلك الورشة دون جدوى من صاحبها".
في ااعام 2016 أعلن مجلس الوزراء، عن تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوحدة المحلية للمركز أو المدينة أو الحي المختص لرصد وحصر المناطق ذات التجمعات الصناعية والحرفية والتجارية والخدمية على مستوى المحافظة، من أجل الحد من انتشار الورش الصناعية في المناطق السكنية.
ووفقًا لقرار مجلس الوزراء الصادر رقم 4248 لسنة 1998، فإن وحدة الإدارة المحلية والمحافظة هما المسؤلان عن إصدار التراخيص للورش والمحلات التجارية والصناعية بالتعاون مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إذ نص القرار على ضرورة الحصول على رسوم وتراخيص عديدة
كذلك فإن قانون رقم 119 لسنة 2008 اعتبر أن الورش وسط الكتل السكنية من المخالفات الصارخة التي يجب أن تسعي المحليات للقضاء عليها، وكشفت آخر إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة أن أكثر من 60% من النشاط الصناعي في مصر يقع في حيز محافظات القاهرة والجيزة داخل المناطق السكنية.
أما عادل صبحي، الذي يعمل بائع للبلاستيك في منطقة عزبة خير الله، فكان تضرره أكبر من الورش الصناعية، بسبب حريق هي في منزله والتهم قدم نجله الصغير، وظل الصياح والحريق مستمران لأكثر من ساعتين، حتى استطاع أهالي المنطقة إخمادها بعدما خسر حياه أحد أطفاله وقدم الآخر.
يقول: "سبب الحريق كان ورشة خشب في الدور الأرضي من العقار اللي عايش فيه وقع بها ماس كهربائي دفع النيران للصعود على أدوار العقار العليا، واحد من أولادي توفى والتاني رجله اتحرقت".
يوضح صبحي أنه يطقن مع أطفاله في منطقة عزبة خير الله بدار السلام، التي انتشرت بها ورش الخشب "الكونتر"، داخل المناطق السكنية، وفي قلب العقارات ذاتها، لتنذر كل فترة بكارثة تلتهم فيها النيران عددًا من البيوت وتصيب الأهالي بإصابات بالغة تصل إلى الوفاة