الميكافيلية دائمًا تنتصر
الناس نوعان، ناس عايشة على مبادئ أفلام الكارتون، وأهمها إن الخير دايمًا ينتصر لا محالة، وناس تانية ماشية على مبدأ إن الغاية تبرر الوسيلة، ومع إنى من أنصار أفلام الكارتون وشايفة دايمًا إن الخير لازم ينتصر فى النهاية، ولو منتصرش يبقى نموت وإحنا بنعمل الخير.
لكن ليه أصحاب مبدأ الميكافيلية دايمًا هما اللى ناجحين؟
فى السياسة أو فى العلاقات أو فى الشغل، الأشخاص الخبيثة اللى بيبرروا أفعالهم الدنيئة عشان يوصلوا لغايتهم بيوصلوا فعلًا.
كان دايمًا بيشغلنى فكرة يا ترى الأشخاص الشريرة بيبقوا عارفين إنهم أشرار؟
وبيبقوا عارفين إنهم بيرتكبوا أفعالًا شريرة فعلًا؟
الحقيقى فى الأغلب طلع إنه لأ، مبيبقوش عارفين إنهم أشرار برغم إنهم عارفين إنهم بيستخدموا أفعالًا منافية للأخلاق بس لأهداف فى وجهة نظرهم سامية.
أو حتى لو لأغراض شخصية بس التبرير بييجى إن لازم ناس تموت عشان غيرها يعيش.
وبيبقى الأغلب إن الناس دى عندها «اضطراب الشخصية الميكافيلية»، وزى كتير من اضطرابات الشخصية بيكون الشخص دايمًا عنده شعور إن الكون دايمًا بيلف حواليه وإنه أهم واحد فى العالم، وإن عنده مميزات كتير تخليه أحسن من كل اللى حواليه، فلما ييجى الاختيار إن لازم حد يموت عشان التانى يعيش، يبقى أكيد هو اللى لازم يعيش ومش مهم أى حد تانى!
وممكن كمان تبريره يوصل إنه أهم واحد للبشرية والوصول لغايته مش مفيد ليه بس لأ، ده كمان هيفيد بيه المجتمع.
فيعمل أى حاجة مهما كانت شريرة أو غير أخلاقية، وطبعًا مش فى العلن.
«الشخصية الميكافيلية» هى الشخصية اللى اتكلم عنها الفيلسوف والمؤرخ الإيطالى «نيكولو ميكيافيلى»، والمبدأ الأول والأخير للشخصية دى هى «الغاية تبرر الوسيلة، والشخص يستخدم الآخرين سلم يطلع عليه للوصول للى عايزه من غير أى اعتبار لمشاعر الآخرين أو احتياجاتهم»، وده اللى قاله ميكافيلى فى كتاب الأمير ومن أهم مبادئه:
حب الذات أهم من حب الوطن.
خوف الناس منك أفضل من حبهم ليك.
الدين وسيلة لخدمة الأمم، وليس من أجل الفضيلة والأخلاق الحسنة.
يمكن للمرء أن يكون شريفًا فى بعض الأحيان وغير شريف فى البعض الآخر.
مظهرك كشخص فاضل غير مجدٍ.
وللأسف موجود كتير حوالينا شخصيات مؤذية ناجحين جدًا فى إنهم يظهروا بمظهر برىء وجدعان واجتماعيين، لكن فى الحقيقة عندهم خبث كبير ومكر الثعالب مستنين إزاى يصطادوا صح.
فأى إنسان طبيعى صادق وطيب القلب، بيجيله شعور بالذنب لما يحس إن أساليبه سببت ضررًا لأشخاص تانية، لكن الشخص الشرير أو صاحب اضطراب الشخصية الميكافيلية أو حتى النرجسية، بيكون إحساس الذنب عنده منعدمًا أصلًا، هو رافض حقيقة إن الإنسان الآخر عنده مشاعر أو له حقوق.
على سبيل المثال واحدة عايزة تتجوز راجل متجوز وتخليه يطلق مراته، فى وجهة نظرها إنها تستحقه أكتر من مراته وإنها تقدر تسعده وتخلى حياته أحسن، هى من نفسها قررت ده وهتتبع أى أسلوب عشان تفرق بينهما، مش بتشوف نفسها شريرة أو تحس بأى ذنب خالص.
«الجماعات الإرهابية»
شايفين إنهم المدافعين عن الدين وإنهم الأجدر بحكم بلدهم من خلال الترويج لدينهم.
وبيوصلوا لده بقتل أى حد يقف فى طريقهم أو حتى إن دينه غير دينهم وبيبرروا لنفسهم إن دى حرب دينية وإن مفيش أى ذنب لقتل أى نفس فى مقابل وصول الدين للسلطة من وجهة نظرهم، مش شايفين نفسهم مجرمين ولا إن حتى دينهم بيحرم القتل وبيجرمه.
لأ وكمان شايفين نفسهم أبطال، بالرغم من إن غايتهم وهى الوصول للسلطة تكون بالقتل.
موظفين بيحاولوا يوصلوا لمراتب أعلى عن طريق إزاحة أى حد من طريقهم وبيبقوا شايفين نفسهم همّا الأنجح والأفضل بس مفيش فرصة قدامهم ومش مهم أى وسيلة ممكن يعملوها.
ويقول لنفسه: «ما أنا لو بقيت مدير هخلى الشركة أو المنظمة فى مكان تانى خالص» ويبص على إن مصلحته مصلحة للجميع.
وجهة النظر دى بتخلينا عايشين فى غابة فعلًا، ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة بتخلى القوة اللى ملهاش لا مبدأ ولا قيم هى السائدة وهى اللى بتجيب من الآخر زى ما بيقولوا والشطارة إن الواحد يستخدم الخبث والثغرات فى أى قوانين قدامه ويدمر أى حد يقف قصاده بيها.
فى المقابل بقى لحد إمتى هيفضل الخير ضعف؟ أو بمعنى أصح لحد إمتى هيتم الترويج إن الخير مش هينتصر إلا بوسائل أخرى؟
طيب ما لو اللى فاكر نفسه معاه الخير واستخدم وسائل شر عشان ينصر الخير طب ما هو كده نصر الشر!
هو لما آجى أنتصر على ظالم بالظلم، هبقى كده نجحت، ولا خسرت؟!