نابو.. الملائكة تنتظر قصة ماركيز عن قسوة العالم
فى 1951 كتب ماركيز قصته البديعة نابو الذى جعل الملائكة تنتظر بواقعيته السحرية التى تفرد بها فى كتاباته، التى تأخذك إلى عالم واسع مع عدد قليل من الأبطال، قد يكون بطل القصة واحدا تدور الأحداث حوله بطريقة مكثفة، لدرجة تجعلك تظن أن ماركيز رجل بخيل فى شخوصه، لا يحب الإفراط فى عدد أبطاله وفى قصة نابو الذى جعل الملائكة تنتظر كان هناك شخصيتين كلاهما معاقًا أما الأولى فهى شخصية نابو وأما الثانية فهى تلك الطفلة المعاقة ذهنيا، إضافة إلى الراوي العليم.
أما نابو فكان زنجيا رفسه الحصان منذ 15 عامًا حين كان يمشط له شعر ذيله، ومن بعدها أضحى هو والاحصنة على صعيد واحد، رحل بهيمى محبوس فى اسطبل الخيل لا يهتم لرؤيته احد ، كان أهل الدار يضعون له طبق الطعام من عقب الباب وينتظرون موته ، الذى سيعرفونه حين تفوح رائحة جثته ، أما الطفلة المعاقة والتى لم يوضح لنا ماركيز من هى بالتحديد، إلا أننا نفهم انها ابنة صاحب الدار والتى يتجاهلها أهلها منذ أن رفس نابو الفرس حيث كان يقوم بتشغيل الجرامافون لها رغم أنها صماء بكماء حلق بنا ماركيز بعيدا فى قصة نابو الذى جعل الملائكة تنتظر.
حيث جعلنا نرجع مع نابو وقت أن كان معافى يذهب إلى مسرح القرية ليشاهد الزنجى العازف كل ليلة سبت ثم يفاجئنا بأن الزنجى العازف هو نابو ، استطاع ماركيز أن يجعلنا نعيش بداخل شخصيتى الطفلة البكماء ونابو المريض بالهذيان حيث جعل رابطا نفسيا بين الشخصيتين وكأنه أراد أن يقول إن المهمومين والحزانى يربطهم خيط واحد ، وان اختلفت انواع الهموم .
فى نهاية القصة يفك نابو قيوده ويخرج إلى الفتاه الملائكية التى انتظرته خمسة عشر عاما وحين يراها لا يفكر فى الهرب بل يعود إلى حياته البهيمية داخل الاسطبل . وكأنه بفطرته أو بغريزته لم يبرح هذا المكان كى يكون قريبا من حبيبته أو من رفيقة عذاباته داخل البيت الذى لا يهتم أصحابه الا بالأصحاء ولا يعنيهم المرضى كما هو الحال بالنسبة للعالم ، قد يكون هذا هو المورال من قصة نابو الذى جعل الملائكة تنتظر.