«زحام»: انعدام الدعم الحكومي لقصص الطفل أخرج كتابًا مجيدين من حلبة السباق
الكتابة للطفل تحتاج إلى موهبة كبيرة واستثنائية، كما تحتاج أيضا إلى قراءات كثيرة ومتنوعة فى علم النفس التربوي، للتعرف على المراحل العمرية المختلفة، وطبيعة كل مرحلة، وضرورة الاطلاع على الآداب الغربية والعربية في مجال أدب وثقافة الطفل.
وحول هذا الأمر قال الكاتب أحمد زحام في تصريحات خاصة لـ"الدستور": الكتابة للطفل فعل أدبي تختلف أهدافه عن أفعال الأداب الأخرى، فهي لا تتحمل مدارسه وتعقيداته سواء من ناحية اللغة أو المضمون أو التغريب أو ما شابه. فمثلا يلعب الشكل دورا بارزا في الحكاية بجوار المحتوى السردي، ناهيك عن وحدة الموضوع وبساطة الفكرة، وطريقة تناولها، ولهذا تجد كثير من الكتاب يقع في فخ السطحية واللا معنى.
وحول إن كان مستوى الأدب المكتوب للأطفال في مصر يتراجع؟ قال "زحام": شهدت الساحة الأدبية دخول كثير من الكتاب في عالم الكتابة للطفل فتزاحم الجميع على ما هو متاح من منافذ النشر، فاختلط الحابل بالنابل، الجيد بغيره بمن هو أقل، واختلفت معايير الكتابة، ومعها اختفت القيم، فالعديد من دور النشر تبحث عن أسماء معروفة في عالم الطفل، التي حصلت على الجوائز من قبل، وتهمل الأسماء الأخرى، مما يحدث نوع من التكرار للمواضيع والأساليب والأفكار. وبث روح الإحباط لدى العديد من المبدعين.
وعن الكتابة للطفل في العالم العربي وأين تقف من مثيلتها في بقية دول العالم أضاف "زحام": بداية انعدام الدعم الحكومي لقصص الطفل في معظم الدول العربية التي لا تقوم بأي دعم بل تزيد عليه فرض الضرائب والرسوم الجمركية عليه، مما يجعل الكتاب باهظ الثمن فيقتصر الشراء على فئة المقتدرين ماديا، لأن دور النشر ليس بمقدورها مجابهة كل الصعوبات وحدها لأن تكلفة الطباعة أصبحت باهظة.
وعليه انخفضت أجور الكتاب، وخرج من حلبة السباق كتاب مجيدين إن عائدات بيع الكتب في العالم العربي ضعيفة، لا تقارن بعائدات بيع الكتب في الدول الأوروبية .
وعن أهم المعايير الواجب الحرص عليها في الكتابة للطفل. أوضح "زحام": كتاب الطفل ليس كتاب للتسلية والترفيه فقط، بل كتاب لتربية الطفل على قيم المجتمع الذي يعيش فيه وما تحث عليه الأديان من قيم التسامح وقبول الآخر، المهم أن يكون الكتاب مقبولا من حيث الشكل والموضوع .فمن خلال هذا الأدب يطل الطفل على العالم المحيط به ويستكشفه، لذا تعد الكتابة للطفل من أخطر الوسائل التي تصنع طفل المستقبل فنكون حذرين ونحن نكتب لهم .
وعن تجربته الخاصة في الكتابة للأطفال استطرد "زحام": بدأت الكتابة للأطفال في مقتبل عمري ونشرت أول كتاب عام 1978 في دار الفتى العربي ( حصان العم رضوان ) رسوم الفنان محمود فهمي وفي العام التالي كتاب ( السلطان والقمر ) رسم الفنان السوري نذير نبعة، وأول مسرحية لي ( خروف بقرش ) والتي عرضت على مسارح الثقافة الجماهيرية عام 1980.
حكاية الطفل كانت تستهويني منذ الصغر من الجدة والأم حتى أصبحت وأنا صغيرا أحكيها لأطفال الحي الذي أسكن فيه في بور فؤاد مكان نشأتي الأولى، وكنت أكتب الحكايات في أوراق الكراريس التي كنت أنزعها من المنتصف، فأنال العقاب من المدرسين ومن أبي عند اكتشافهم فعلتي، ومن هنا بدأ تعلقي بالكتابة فكتبت القصة القصيرة حتى نشر لي الكاتب الكبير الراحل عبد الفتاح الجمل في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وكانت أول قصة لي في جريدة المساء، قصة بعنوان ( الدرس الأخير ) وهو الذي دفعني للكتابة للطفل، ومن هنا بدأت رحلة الكتابة.