عصابات الحشرة السوداء.. مافيا بيع محصول القمح المسوّس
استمرارًا لممارسات معدومي الضمير من التجار لتحقيق مكاسب طائلة على حساب صحة المواطنين، لم يسلم محصول القمح من فساد هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم من خلال ترويجهم لكميات كبيرة من القمح المسوّس بالأسواق، باعتباره قمح سليم على الرغم من المخاطر الكبيرة التي يحملها ذلك المحصول على صحة المواطنين، وسجلت آخر حملات الأمن ضبط 402 طن من القمح المسوس.
وسوس القمح يصيب العديد من أنواع الحبوب ويتغذى على حبوب القمح محدثًا لها ضررًا شديدًا، خاصة في الصيف وحبة القمح يتغذى عليها يرقة واحدة فقط من السوس قبل أن تنتقل إلى حبة أخرى وهذا يحدث كذلك مع الحبوب صغيرة الحجم مثل الأرز و الشعير، أما الحبوب الكبيرة مثل الذرة الشامية توجد بها أكثر من يرقة على الحبة الواحدة.
وهناك أنواع وأشكال تختلف فمنها البيضاوي، والاسطواني، كما يوجد منها فصائلة مختلفة.
والسوس من الحشرات التي تنتمي إلى فصائل الخنافس أي أنها حشرة ضارة تعمل على اتلاف المحاصيل الزراعية، كما أن هناك بعض الأنواع من السوس التي تهاجم خزائن الحبوب التي يتم تخزينها ليدمرها وتصبح خسارة صاحبها كبيرة جداً.
وأثبتت العديد من الدراسات البحثية التي أوضحها الدكتور يوسف عبد العزيز الحسنين أستاذ التغذية وعلوم الأطعمة وعميد كلية الاقتصاد المنزلى بجامعة المنوفية أن الدقيق الناتج عن طحن حبوب القمح المصابة بخنافس الدقيق لمدة 8 أسابيع وبمعدل 50 حشرة لكل كيلوجرام (وهو معدل أقل بكثير مما هو موجود ببعض الأقماح المتداولة بأسواق دول العالم النامى) تدهورت خواصه الطبيعية والكيميائية والعجينية والغذائية والصحية بدرجة كبيرة وهو الأمر الذي ينذر بالعواقب الخطيرة من بينها تأثر جميع المركبات الحيوية المكونة للدقيق، ومنها البروتين وهو ما يؤثر سلبًا على خواص العجين الذي ينعكس بدوره على تدهور خواص وصفات المنتج المخبوز، وكذلك قد يحدث بالدهون بعض التزنخ بسبب تدهور الخواص الحسية (اللون والرائحة والطعم) نتيجة هذا السوس.
ويفرز السوس حسب الدراسة مادة الكينونات وهى مادة متسببة في إحداث السرطانات، وهي نتجت داخل أجسام هذه الحشرات نتيجة التغذية على مكونات الدقيق وتم إفرازها في الدقيق كإحدى النواتج الإخراجية لتلك الحشرات.
وهو ما يتسبب في إحداث بعض التغييرات الكيميائية لتحول الدقيق من الأبيض إلى الأبيض المائل إلى الإصفرار ثم إلى اللون البرتقالي كدليل مرئي واضح على ازدياد نسبة تلك المركبات السامة الناتجة عن زيادة درجة الإصابة بالحشرات.
كما أنه في تجارب أجريت على بعض الأشخاص الذين تناولوا ملوث بإخراجيات هذه الحشرات اكتشف نقص أنظمة الجسم الدفاعية لهم تجاه العديد من الأمراض مثل السرطان والفشل الكلوي وغيرها.
وأكد د. حمدي عاصي، وكيل أول وزارة الزراعة، رئيس قسم الخدمات والمتابعة الأسبق لـ"الدستور" أن القمح المسوس له خطرًا كبيرًا سواءً كان على الإنسان أو الحيوان حال تناوله، موضحًا أن جميع الدراسات أثبتت أن السوس إحدى الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالسرطان.
في هذا الإطار، أكد عاصي ضرورة اتباع الطرق الصحيحة المطبقة عالميًا فى تخزين القمح والدقيق بالشون والمخازن التابعة للدولة، وذلك لضمان حماية هذه المواد الغذائية الهامة من المهاجمة البيولوجية بالقوارض والحشرات، لتأثيرها الضار على صحة الإنسان.
كما وصى حمدي بضرورة المنع الكامل لإعادة استخدام القمح أو الدقيق المعدي بالحشرات في تصنيع الخبز وبعض منتجات المخابز الأخرى ، وذلك لما يتسبب عن استهلاك تلك المنتجات من تأثيرات سامة وضارة بالنسبة للإنسان، موضحًا أن تأثير السوس لا يمكن التخلص منه على الإطلاق لذا يجب التخلص من المحصول المصاب بهذه الآفة نهائيًا.