تقارير أممية تحذر من «الدمار الكبير» في إثيوبيا
تواصل المنظمات الأممية الدولية والمنصات الإعلامية العالمية التحذير من خطورة تفاقم النزاع في تيجراي بإثيوبيا، والذي دخل شهره العاشر وتسبب في أزمات إنسانية واقتصادية بالغة، في ظل استمرار منع المساعدات الإغاثية عن السكان المتضررين الذين يواجهون خطر الموت من المجاعة، جنبا إلى جنب مع تدهور الاقتصاد نتيجة زيادة الإنفاق العسكري وارتفاع تكلفة الحرب، ما أدى إلى انجراف البلاد إلى حالة من الدمار يزداد تمدده يوما بعد يوم.
الأمم المتحدة تحذر من كارثة كبرى في إثيوبيا
وحذرت الأمم المتحدة من أن كارثة كبرى تلوح في الأفق في شمال إثيوبيا، متهمة الحكومة في أديس أبابا بالحصار الفعلي للمنطقة وعرقلة وصول المساعدات التي تدخل تيجراي.
ودعا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الحكومة الإثيوبية للسماح بحرية تحرك العاملين ونقل إمدادات المساعدات داخل البلاد عن طريق "رفع العوائق البيروقراطية" وتذليل عقبات أخرى تواجه مرور المساعدات.
وقال المكتب إن الحصار الذي تفرضه الحكومة الإثيوبية على إقليم تيجراي فى شمال إثيوبيا يدفع ملايين السكان إلى شفا المجاعة، داعيا أديس أبابا للسماح بدخول المساعدات للإقليم، وأشار إلى 5.2 مليون، أى 90 بالمئة من سكانه، يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة، من بينهم 400 ألف يواجهون شبح المجاعة.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أن "الوضع الإنساني فى إثيوبيا كارثى ويزداد سوءا"، داعية إلى إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس فى مؤتمر صحفي إن "الوضع الإنساني على الأرض في إثيوبيا كارثي ويزداد سوءا".
وأضاف أن "الولايات المتحدة تدعو لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للسكان المحتاجين دون عوائق". وأشار إلى أن "الكارثة الإنسانية تؤثر على 5.2 مليون شخص"، داعيا جميع الأطراف إلى وقف العنف الذي لا يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع الحالي".
فاتيكان نيوز: الوضع اصبح اكثر صعوبة
فيما قال موقع "فاتيكان نيوز" الإيطالي، إن الوضع الإنساني في إثيوبيا أصبح أكثر صعوبة بسبب الحصار المفروض على تيجراي، محذرا من موجة دمار كبيرة في الأيام المقبلة نتيجة لارتفاع معدلات العنف وانعدام الأمن في جميع أنحاء شمال إثيوبيا.
ونوه الموقع إلى أن الصراع في تيجراي لا يزال يتوسع ويمتد إلى الولايات والمناطق المجاورة على حساب السكان المدنيين، مضيفا أن أكثر من 400 ألف شخص في شمال البلاد يعيشون في ظروف شبيهة بالمجاعة، وأكثر من 5 مليون شخص بحاجة إلى الغذاء، وأكثر من 300 ألف نازح في المناطق الجديدة التي امتدت الحرب إليها.
وأوضح أن اتساع رقعة الحرب الأهلية واستمرار المجاعة، يأتي في ظل صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين في تيجراي، ما أدى إلى ارتفاع خطر الموت نتيجة المجاعة في الدولة المنقسمة بشدة.
وذكر أن النزاع في تيجراي تسبب أيضا في موجة دمار كبيرة في قرى المنطقة، حيث تم قتل حوالي 40 مدنيا وتدمير أكثر من 7 آلاف مدرسة في الآونة الأخيرة، إلى جانب تدمير المستشفيات والمرافق الأخرى، حتى أصبح ما يقرب من مليون ونصف مليون طالب غير قادر على تلقي العلم في البلاد.
وتابع: "بشكل عام، هناك زيادة في العنف في جميع أنحاء شمال إثيوبيا ، لدرجة أنه بسبب انعدام الأمن، اضطرت الكنيسة الكاثوليكية اضطرت إلى تعليق توزيع المساعدات التي تم جمعها بدعم من منظمة كاريتاس الدولية".
ولفت إلى أنه بجانب تلك الخسائر البشرية والإنسانية، تسببت الحرب الأهلية في إثيوبيا في حدوث" أزمة اقتصادية" عميقة تحتاج سنوات لإصلاحها في ظل عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد.
وبين أن النزاع في تيجراي أدى إلى استنفاذ الاحتياطيات المالية للدولة وتسبب في تدهور سعر الصرف، بالإضافة عن الوباء الذي اوصل الخطوط الجوية الإثيوبية إلى حافة الانهيار.
"فرانس انفو": الحرب اغرقت البلاد في ازمة انسانية خطيرة
وفي السياق ذاته، استنكرت إذاعة "فرانس انفو" الفرنسية، استمرار النزاع في شمال إثيوبيا، في ظل تفاقم أزمة نقص الغذاء ومنع المساعدات الإغاثية وإغلاق المدارس، مشيرة إلى أن عشرة أشهر من الصراع في تيجراي "أغرقت البلاد في أزمة إنسانية خطيرة".
ولفتت الإذاعة في تقرير على موقعها الإلكتروني، إلى أن العديد من الوكالات والمنظمات غير الحكومية أدانت منع الحكومة الإثيوبية المساعدات الإنسانية من الوصول إلى السكان في تيجراي، لا سيما وأن ما لا يقل عن 5.2 مليون شخص، أي أكثر من 90٪ من سكان المنطقة يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
وأشارت إلى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوشا) أعلن أن قوافل المساعدات توقفت عمليا عن دخول تيجراى منذ 20 أغسطس الماضي بسبب الحصار الذي تفرضه الحكومة على المنطقة التي يواجه فيها أكثر 400 ألف شخص ظروف شبيهة بالمجاعة.
وأضافت أن الصراع في تيجراي تسبب أيضا في تدمير أكثر من 7000 مدرسة، مشيرة إلى أن بداية العام الدراسي القادم ستكون صعبة للغاية؛ حيث لن يتمكن أكثر مليون طالب من حضور الفصول الدراسية في تيجراي والمناطق المجاورة (أمهرة وعفر).
وتابعت الإذاعة: "لا يبدو أن الحرب بين قوات الجيش الإثيوبي وقوات تحرير تيجراي التي استمرت حتي الآن لمدة 10 أشهر آخذة في الانحسار"، مؤكدا أن شن الحكومة حربها ضد تيجراي وإرسالها الجيش لإزالة السلطات المحلية هناك في أواخر العام الماضي "أشعل النيران" في شمال البلاد بالكامل.
ونوهت إلى أن النظام كان قد وعد بتحقيق انتصار سريع في تيجراي، لكن هذا لم يحدث، حيث استعادت القوات الموالية لجبهة تحرير تيجراى العاصمة الإقليمية ميكيلي، ودفعت بقواتها إلى المناطق المتاخمة لأمهرة وعفر لإنهاءالحصار الإنساني الذي تفرضه الحكومة الإثيوبية على المنطقة ولمنع القوات الموالية للحكومة من إعادة تجميع صفوفها.
"كوريير إنترناشيونال" تحذر من أزمة اقتصادية عميقة في اثيوبيا
من جهتها، قالت صحيفة "كوريير إنترناشيونال" الأسبوعية الفرنسية، إن الحرب في تيجراي أقصى شمال إثيوبيا، خلفت الآلاف من القتلى وأدت إلى نزوح الملايين من السكان ودفعت ثاني أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان إلى أزمة اقتصادية عميقة.
وأشارت الصحيفة إلى تقرير نشرته مؤخرا هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ذكرت فيه أنه بجانب الخسائر البشرية الهائلة التي تسببت فيها عشرة أشهر من الحرب الدائرة في منطقة تيجراي الإثيوبية، يعيش البلد الواقع في منطقة القرن الأفريقي دراما اقتصادية، حيث تسبب الصراع في إفراغ خزائن الدولة بأكثر من مليار دولار.
وأوضحت أنه وفقًا للإحصاءات والتقديرات الرسمية التي نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية، ارتفعت معدلات التضخم بشكل كبير بسبب انخفاض قيمة العملة الإثيوبية، في الفترة بين يوليو 2020 ويوليو 2021.
وتابعت الصحيفة أنه في نفس الوقت، استمر الإنفاق العسكري في الارتفاع، حيث من المتوقع أن يصل إجمالي الانفاق إلى 502 مليون دولار هذا العام ، بعد إنفاق 460 مليون دولار في عام 2020 ، وفقًا لإحصاءات "Trading Economics".
وذكرت أن ارتفاع الإنفاق الحربي والعسكري في إثيوبيا أثر سلبًا حقًا على قدرة إثيوبيا على الوصول إلى الدولار وتسبب في تدهور سعر الصرف.
ربع السكان في إثيوبيا يعيشون تحت خط الفقر
وبينت الصحيفة أن حوالي ربع السكان في إثيوبيا يعيشون تحت خط الفقر، وفي منطقة تيجراي وحدها ، يعاني أكثر من 400 ألف شخص من ظروف تشبه المجاعة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة قيودًا على التأشيرات للإثيوبيين المتورطين في الحرب، لا يزال المجتمع الدولي مترددًا في "ممارسة أقصى ضغط اقتصادي"، والذي يمكن أن يشمل تعليق برامج المساعدات نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية.
ونقلت عن ويتني شنايدمان، الباحث بمعهد بروكينجز للأبحاث بواشنطن، قوله "على الناحية الأخرى، من الواضح أن هناك مجالًا لتشديد العقوبات إذا لم يقم النظام الإثيوبي بنزع فتيل الحرب".