البصيلى: 6 حقوق للأبناء على آبائهم
قال الدكتور أحمد البصيلي، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر، إنه عندما تسمع كلمة «عقوق» ينصرف الذهن مباشرة إلى عقوق الأبناء للآباء والأمهات، إلا أن كثيرًا من الناس لا يعلمون أن هناك نوعًا آخر من العقوق فى العلاقة بين الآباء والأبناء، وهو عقوق الآباء لأبنائهم.
وأضاف البصيلي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن هناك حقوق للأولاد في رقبة الوالدين قبل وجود الأولاد، منها: الاختيار الصّحيح للزّوج والزّوجة، فيقوم كلٍّ منهما باختيار الشخص الصّالح، ليقوم كلٌّ منهما بواجباته تجاه أولاده على الوجه الذي يُرضي الله تعالى، وقد جعل الشّرع للرّجل مجموعةً من المعايير التي تُساعده في اختيار زوجته على أساس الدين، الذي هو المعيار الأسمى والأبقى والأنقى، وما عداه من المعايير عَدمٌ بدونه، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ)، فعلى هذا الأساس فقط يختار زوجته (التي هي أم أولاده).
ووأردف قائلاً: كذلك الزوجة تختار زوجًا ترضاه أبًا لأولادها وترضى دينه وخُلُقه، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). وهذا يجعلنا نقرر: أنّ الرّجل الذي يتزوّج بامرأة وهو يعلم أنّها لن تُحسن تربية أبنائه فإنّ الله سيحاسبه على ذلك، وينطبق ذلك على المرأة أيضًا.
وأشار إلى أنه من حقوق الأولاد قبل وجودهم: اختيار الاسم الحسن، فإذا تمّ الاتّفاق على اسم المولود قبل ولادته فيختار الوالدان الأسماء الجميلة ذات المعاني الحسنة لأولادهم، والحرص على التّسمية بأسماء الأنبياء والصّالحين، ممَّا يدفع صاحب الاسم على الاقتداء بهم.
حكم تسمية المولود الجديد بأسماء قبيحة
وأضاف البصيلي: يَحرُم تسميّة المولود بالأسماء التي تدلّ على النقائص والكراهية، والأفضل تجنّب الأسماء ذات المعاني القبيحة، والتي تقدح برجولة الذَّكر، وأنوثة الأنثى.
حقوق الأبناء على الآباء
وأوضح أن من الحقوق الأصيلة للأولاد: حقّ الحياة، فقد كان النّاس قبل الإسلام يَسندون حقّ منح حياة الطفل إلى الأب أو الأخ الأكبر، ولمّا جاء الإسلام نهى عن ذلك، فلم يعطِ حقّ سلب الحياة من إنسان لأيّ أحد، وجعل القتل من المهلكات ومن كبائر الذنوب، قال تعالى-: (وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم خَشيَةَ إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُهُم وَإِيّاكُم إِنَّ قَتلَهُم كانَ خِطئًا كَبيرًا).
حقوق الأبناء عند الآباء بعد وجودهم
وقال البصيلي: أما عن حقوق الأولاد بعد وجودهم فهناك العديد من الحقوق للأبناء على آبائهم، ومنها:
١- العدل بين الأولاد في العطايا والهِبات؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا بين أَوْلَادِكُمْ)، فلا يجوز أن يُفضّل الأبَوان أحدَ الجنسين على الآخر كما كان أهلُ الجاهليّة يفعلون؛ فكانوا يُفضّلون الذّكور على الإناث، ويغضب أحدهم إذا بُشِّر بالأنثى، قال -تعالى-: (وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ)، فجاء الإسلام وعدل بينهم، وقام السَّلف بتطبيق ذلك على أكمل وجه، حتى إنّهم كانوا يعدلون بين أولادهم في القُبْلة، لأنّ التّمييز بين الأبناء يولِّد الحقد والكراهية بينهم. وهذا وضوحه يغني عن إيضاحه.
٢- التّربية الحسنة القائمة على المعايير الربانية وليس على الاهتمامات الدنيوية والأنانية؛ وقد وعد الله من ربّى بناته تربية حسنة أن يَكُنَّ له ستراً وحجاباً من النار، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (منِ ابْتُلِيَ (رُزِقَ) مِنَ البَنَاتِ بشيءٍ، فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ)، فقد خَصّ الشّرع البناتِ في هذا الحديث كونهنّ مسؤولات عن تربية أبنائهنّ، لأنهن أمهات المستقبل، وإلّا فالتّربية تجب للولد والبنت على حدّ سواء.
٣- ومن الحقوق الأصيلة لكل مولود: نسبة الأولاد إلى آبائهم، من خلال الزواج الشرعي أو الإقرار أو البيّنة، كما تجب النَّفقة على الذّكور إلى وصولهم سنِّ البلوغ، وعلى الإناث إلى الزّواج، وإعطائهم حقّهم من الميراث بعد وفاة والديهم، واحترامهم وتقديرهم، حتى يتعلّموا احترام أنفسهم.
٤- ومن حقوق الأولاد أيضا: تعليمهم العلوم الدينيّة والدنيويّة، وغرس المبادئ التربوية الصحيحة في الطّفل، والحثّ على الصّلاة وقراءة القرآن وفعل الخير، وتعليم البنات المبادئ التي تُساعدهنّ عندما يَكبرن؛ كأمور تدبير البيت، والتّربية، وحقوق الزّوج، ومبادئ السِّتر.
وكذلك الرّضاعة الطبيعيّة من الأمّ؛ فمن امتنعت عن إرضاع طفلها مع قدرتها على ذلك أثِمت بحُكم الشّرع، وإن كانت مطلّقة وجب على الأب أن يدفع لها مقابل إرضاعها لطفلها.
٥- ومن الحقوق المقررة شرعا وقانونا للأولاد، والتي لا ينبغي التهاون معها: حضانة الطّفل؛ والمقصود بها تأمين ما يحتاج له الطّفل؛ لِيتمكّن من العيش حياة طبيعية برفقة والديه، وتغذيته حتّى يَقوى جسده، وتقديم الرِّعاية الصحيّة المناسبة له، وتنمية قدراته العقليّة بما يتناسب مع عمره.
٦- ومن الحقوق المصيرية للأولاد والتي تؤثر بشكل مباشر على تكوين الشخصية: اختيار الصحبة الصّالحة لهم، والمدارس المناسبة.