بعد قرارات «الأعلى للإعلام».. كيف يحمي الصحفي نفسه من الأخطاء القانونية؟
عادة ما يواجه الصحفيون مشكلة في الموازنة بين المهنية المطلوبة على المستوى الصحفي وحماية الذات من اختراق القوانين الرسمية، ما يؤدي إلى وقوع البعض منهم في أخطاء مهنية وقانونية أيضًا.
ويحاول المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ضبط تلك العملية، من خلال نشر القوانين واللوائح التي توضح للصحفي حدوده القانونية والمحظور الذي قعد يقع فيه، ويجد نفسه أمام معضلة قانونية ليس له يد فيها.
واتساقًا مع ذلك، فقد عقد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام برئاسة كرم جبر اجتماعه الدوري بحضور جميع أعضاء المجلس، وخلال الاجتماع أقر المجلس عددًا من السياسات واتخذ مجموعة من القرارات في إطار الدور المنوط بالمجلس بتنظيم الصحافة والإعلام.
شملت تلك القرارات معالجة ظاهرة قيام بعض الصحفيين والإعلاميين بتسجيل محادثات أو لقاءات مع بعض الأشخاص مع بثها إعلاميًا أو صحفيًا دون موافقة مسبقة من أصحاب الشأن، فقد وافق المجلس على استحداث بند جديد (كود) يضاف إلى لائحة الأكواد والمعايير والجزاءات كان مفاده: «يُعد مخالفةً للأكواد والمعايير الإعلامية وميثاق الشرف المهني الصحفي والإعلامي واعتداءً على الحرية الشخصية وحرمة الحياة الخاصة للأفراد، قيام الصحفى أو الإعلامي بتسجيل المحادثات التليفونية بينه وبين الطرف الآخر مُحَدثه (المصدر) دون إذنه أو علمه بأى وسيلة تثبت هذا الإذن والعلم وقيامه ببث المحادثة التي سجلها نصًا على أي وسيلة إعلامية دون إذن الطرف الآخر ببث المحادثة".
ويستكمل: "ويكون للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في حالة مخالفة ذلك إحالة الصحفي أو الإعلامي إلى النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات التأديبية ضده ، كما يكون للمجلس إلزام الوسيلة الإعلامية بحذف المحادثة وتغريمها بغرامة مالية لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 250 ألف جنيه بحسب طبيعة المحادثة وما ترتب عليها من آثار ، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة ترد في قانون آخر".
وتحدثت القرارات عن معالجة ظاهرة قيام بعض الوسائل الإعلامية بالإعلان عن منتجات طبية وصحية حيث استعرض المجلس أحكام القانون رقم (206) لسنة 2017 بتنظيم الإعلان عن المنتجات والخدمات الصحية.
في هذا الخصوص، أكد المجلس مخاطبة الوسائل الإعلامية للالتزام بنص المادة 2 من القانون رقم 206 لسنة 2017 والتي تنص على أنه يحظر الإعلان بأية وسيلة عن أي منتج صحي أو خدمة صحية دون الحصول على ترخيص بذلك من اللجنة المختصة والتي تُشكل برئاسة وزير الصحة.
كما قرر المجلس وقف بث عدد من البرامج والإعلانات وذلك بسبب قيامها بالبث بدون حصولها على موافقة الجهات الطبية المعنية كما أقر المجلس حجب بعض المواقع الإلكترونية الغير مرخصة أو التي لم تتقدم للحصول على ترخيص من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تطبيقاً لنص المادة (59) من القانون 180 لسنة 2018 والتي قدمت في شأنها شكاوى من ذوي الشأن.
الدكتور حسام النحاس، أستاذ الإعلام والخبير الإعلامي، قال إن عملية التواصل بين الإعلامي أو ناقل الرسالة والمصادر المختلفة تقوم على قاعدة من الثقة وإشعاره بالآمان، وهي تتولد نتيجة السمعة الطبية للصحافي أو التعامل المستمر بينهم، وفي حالة التعامل مع المصدر لأول مرة فمن حقه التحقق من هوية المتصل إما عن طريق نماذج عمل سابقة أو الاتصال برؤسائه في المؤسسة التي يعمل بها.
وعند اجتياز تلك الخطوة بموافقة المصدرعلى التعامل، أكد النحاس أنه يجب إخباره أن التصريحات والمعلومات التي يُدلي بها سوف يتم توثيقها، ونظرًا لان طريقة التواصل هاتفية فقد تكون مسجلة، أن وافق على ذلك يجب ان تكون.
تابع: "موافقته سواء ضمنية او صريحة داخل المكالمة، وذلك حمايةً للصحافي في حالة انكار ما ورد فيها لكن من ناحية أخرى فإن ما يذكره المصدر انه خارج التسجيل يُعاقب الناشر اذا خالف ذلك، كما أن استخدام التسجيل لنشره بالوسائط المعروفة يجب أيضًا إن يخضع لإتفاق بين الطرفين ، ودون ذلك من حقه مقاضاة الوسيلة الإعلامية".
أضاف: "وهناك نوع خاص من المصادر يتسم بالسيادية وأي تصريح منه من الممكن أن يهدد الأمن القومي بطريقة ما، لذا فعلى الصحافي مراعاة ذلك كي لا يعرض العملية الاتصالية كلها للخطر، وفي حال إختيار المصدر السيادي للاتصال من رقم خاص رافضًا التسجيل يجب احترام ذلك".
هيثم عواد، الخبير القانوني، قال إن قيام بعض الإعلاميين والصحفيين بتسجيل المحادثات أو اللقاءات مع الأشخاص مع القيام ببثها إعلاميًا دون الحصول على موافقة مسبقة من أصحاب الشأن يعد جريمة كبري يعاقب عليها القانون، ومن ثم اتخاذ الإجراءات التأديبية الصارمة ضده التي قد تصل إلي سنوات من السجن فضلًا عن الغرامات المالية .
وأوضح عواد، إن التعديلات الجديدة بالدستور الذي أقرها المجلس الأعلى للإعلام مؤخرا تجرم عملية تسجيل المكالمات، كما تلزم الوسيلة الإعلامية بحذف تلك المحادثة وتغريمها ماليًا فيما لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد عن 250 ألف جنيه وفقا لطبيعة المحادثة وما ترتب عليها من آثار ، وذلك مع عدم الإخلال بأى عقوبة ترد في قانون آخر.
ولفت عواد إلى أنه من الأسس التى يجب أن يراعيها الصحفي عند إدارته للحوار أن يعلم المصدر بقيامة بالتسجيل لكي يتفادى أية مشكلة، وينفي تجريم الموضوع سواء كان الموضوع في نطاق التصريح الصحفي أو حتي المسألة الشخصية، مشيرًا إلى أن هناك بعض الأمور التى تطلب الاحتفاظ بالتسجيلات لتكون دليلًا قاطعًا على مصداقية كلامة.