«عرش الأنوثة».. لماذا اندثرت موضة الفساتين في مصر؟
خلال فترتي الستينيات والسبيعنات كان الزي العام للفتاة والمرأه هو "الفستان أو الجيبة، بما فيهم طالبات الجامعات وطالبات الأزهر إلا أنه انقلب الحال ولم يدم طويلًا، وانتشر ارتداء البناطيل بين أزياء الفتيات بدلًا من نظيرتها التي تبرز الملامح الأنثوية للفتاة.
في واقعة سابقة ضجّت مواقع التواصل بواقعة تنمر جديدة من نوعها، بعدما ذهبت فتاة إلى أداء امتحانها بجامعة طنطا مرتدية "فستان"، الأمر الذي أثار غضب رواد السوشيال معلنين تضامنهم مع الفتاة، لتعرضها إلى العنصرية والسخرية من قبل إحدى مراقبات لجنة الامتحان.
لكن ما الذي حدث خلال هذه السنوات ولماذا يرفض المجتمع ارتداء "الفساتين" ولما لم يعد "الفستان" هو الزي الرسمي للمرأة في مصر كما السابق.. هذا ما تجيب عليه "الدستور" في السطور التالية.
مصممة أزياء: الفستان يحتل ساحة الأزياء بقوة منذ أكثر من 3 أعوام
منار ياسين، مصممة أزياء ومعلم خبير إقتصاد منزلي في وزارة التربية والتعليم،أوضحت أنموضة الفستان لم تنتهي ولن ينتهي الفستان مهما حدث ومهما حاولت الموضة تهميشه، مرجعة أسبابها إلى أن الفستان هو رمز أنوثة المرأة والفتاة على مر الزمن، لكن الاختلاف بين الماضي والحاضر في ثقافة المرأة نفسها.
تابعت ياسين قائلة أنه مع تطور الزمن وسرعة الحياة أصبحت الفتاة في حاجة إلى كل ما هو أسهل وأسرع، ومن هنا انتشر رداء البناطيل وغيرها من الأزياء التي تساعد الفتاة ممارسة حياتها اليومية في ظل كل التحديات التي تواجهها في الشارع والعمل وغيرها من الأماكن العامة، ولكنقديمًا كان خروج المرأة عبارة عن ذهابها للمدرسة ورجوعها منها وإن صادفت وخرجت الفتاه مع الأهل أو للسفر فالفستان اختيارها الوحيد للارتداء أما الان فالفتاه تعمل وتذهب وتعود وتسافر وحيدة ومع الأصدقاء فتحتاج رداء سهل وأكثر تحكمًا في الحركة.
صاحبة مصنع ملابس: الموضة تتجدد يوميًا وازداد الطلب على الفساتين
نورهان سعيد، صاحبة مصنع للملابس جاهزة كشفت أنالطلب على شراء الفساتين عاد بقوة منذ عام 2019 تقريبًا، وبالفعل عاد بقوة لساحة التصنيع حيث ارتداء الفساتين في المجلات العالمية وخاصة للمحجبات في الخارج كان بمثابة انتعاش سوق الفستان في الوطن العربي فالمحجبات يفضلن الفساتين في المناسبات والأعياد وهناك من يرتدي الفستان في الجامعات اليوم، ولكن الخوف من المجتمع مازال موجودًا حيث أن مرتديات الفساتين حين يتعرضن للسخرية والتحرش وهو ما يتسبب في خلع الفستان وارتداء البنطلون.
تقول سعيد إن معظم الزبائن من الفتيات التي تتعامل معهن ترى أن أن البنطلون يحميها من التعرض للتحرش حيث إظهار الأنوثة في الفستان هي السبب في التحرش، تختلف الأذواق حسب رؤية المجتمع للمظهر وهذا فى حد ذاته خطأ كبير يجعلنا في الخلف ويدعو للعدوان والتنمر، ولن أقول التحرش لأن فكرة أن الملابس سبب التحرش هي فكرة مكتسبة يجب أن تتغير في أسرع وقت ويأتي التغير من الفكر ثم التصنيع.
الأزهر: لا يجب اختزال قيم الاسلام في المظهر العام للمرأة
محمد الشحات الجندي، استاذ الفقه والشريعة في جامعة الأزهر،يرى أن اختفاء "الفساتين" وعدم ارتدائها في مصر كالسابق يرجع إلى اختلاف عقيدة الشعب المصري منذ بداية 1990 حيث حدث تغيير في فكر الشباب الذي نشأ في وسط أجواء تحث على التشدد وانتشار الأفكار السلفية، التي تختزل الاسلام في مجرد المظهر والدعوى الاجبارية للحجاب بل والنقاب أيضًا وعلى الشاب المتدين الظهور بمظهر من وجهه نظرهم إسلامي مثل ارتداء الجلباب الأبيض وإطلاق اللحية واستخدام السواك ليس لجوهر الاسلام بل فقط للمظهر ومن يخالف هذا المظهر فهو غير مسلم.
أضاف الشحات أن المظهر المحتشم والحجاب من فروض الاسلام ومطلوب وكل الأديان السماوية تدعو للاحتشام وهذا لا جدال فيه، لكن ليس من شأننا إجبار أحد على ارتداء شكل معين من الملابس أو نحكم على الأشخاص من ملابسها، فالضال له منا النصيحة إن قبلها كان بها وإن لم يقبلها ندعه وشأنه يجب أن لا ننسى دورنا الحقيقي وهو دورنا الدعوى وليس الترهيب والتكفير.
أستاذ علم الاجتماع: تفعيل مادة المواطنة يقضي على ظاهرة التنمر
هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، علقت على وقائع التنمر التي كثرت مؤخرًا في المجتمع المصري لاسيما واقعة طالبة جامعة طنطا والمعروفة بفتاة الفستان، أنها نتيجة لتفاقم أزمة العنصرية في المجتمع وعدم احترام الآخرين وحريتهم سواءً انثى أم ذكر، مؤكدة أن ما حدث في واقعة الفتاة نتيجة تلك العنصرية والتنمر على الفتيات والمرأة.
أوضحت منصور أن علاج هذه المشكلة التي أصابت المجتمع المصري وقص التنمر من جذوره هو تفعيل مواد الدستور المصري والقانون، خاصةً المادة الأولى من الدستور التي تنص وتؤكد على المواطنة، مشيرة إلى أن المواطنة هي احترام كل أفراد المجتمع لبعضهم البعض، إضافة إلى أن مصر دولة تحترم الحريات والديمقراطية، وعيله فيجب تفعيل هذه المبادئ في المجتمع وغرسها في عقول المواطنين.