اتساع الصراع فى تيجراى.. تقارير دولية: إثيوبيا تتجه إلى الهاوية
سلطت عدة تقارير صحفية الضوء على معاناة اللاجئين من عرقية القيمانت الإثيوبية وهروب عدد كبير منهم إلى السودان المجاور للفرار من ويلات الحرب في أديس أبابا، ما يمثل منعطفا جديدا آخر للحرب الآخذة في الاتساع وتفاقم رقعة الصراع العرقي المتزايد والحرب الأهلية التي تدفع البلاد نحو الهاوية في ظل استمرار الحكومة لإثارة الهياج والحض على الحرب، فيما لم تسلم المواقع التراثية والكنائس التاريخية من هذا الصراع.
العنف في تيجراي يمتد إلى مجموعات عرقية أخرى
ووفقا صحيفة "جاكرتا بوست" الإندونيسية، امتد العنف في تيجراي الإثيوبية إلى مجموعات عرقية أخرى وانتشر إلى منطقة أمهرة المجاورة، موطن الأقلية العرقية "القيامنت"، الذين لم يجدوا من خيار أمامهم سوى الفرار إلى السودان المجاور في دليل قاتم آخر على اتساع رقعة الصراع العرقي في إثيوبيا.
ولفتت الصحيفة إلى أن أقلية القيامنت أصبحوا الآن مستهدفون من قبل الميليشيات المدعومة من الحكومة، بعد أن رفضوا مشاركة قوات الحكومة الإثيوبية في حربها ضد جبهة تحرير تيجراي.
وقالت اللاجئة إميبيت ديموز، 20 عاما، التي تعيش في بلدة باسنقا السودانية الحدودية مع إثيوبيا بعد أن فرت من تيجراي الشهر الماضي، مثل آلاف سواها فرت من قريتها: "أُحرقت منازل وقُتل أشخاص بالسواطير"، مضيفة: "بل لم نتمكن من أخذ الجثث ودفنها".
واستطردت: "مقاتلو الأمهرة المدعومون من الحكومة أرادوا إخراجنا من أرضنا. هم يقتلوننا لأننا أقلية عرقية".
وتابعت الصحيفة: "أقحمت في أعمال العنف مجموعات أخرى تقاتلت على أراض في معارك امتدت من تيجراي إلى ولاية أمهرة المجاورة، وطن شعب الأمهرة، وكذلك أقلية القيمانت العرقية"، مشيرة إلى أنه في حين أن مقاتلي منطقة أمهرة القوات الحكومية الإثيوبية في حربها ضد تيجراي، لطالما شعرت أقلية القيمانت بالانزعاج من التأثير الثقافي والاجتماعي لشعب الأمهرة المهيمن، وفي السنوات القليلة الماضية طالبت بحكم ذاتي.
ولفتت إلى أن بحسب تقديرات الأمم المتحدة حوالى 200 ألف شخص شُرّدوا من منازلهم في منطقة أمهرة حيث تسهم أعمال العنف في توسيع الخلافات بين الجماعات العرقية، مضيفة أن الاشتباكات بين الأمهرة و القيامنت أجبرت آلاف الأشخاص على الفرار في أبريل الماضي، بحسب وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
إثيوبيا تتجه إلى حافة الهاوية
وفي السياق ذاته، قالت صحيفة “ذا ستايتس مان” الهندية، إن إثيوبيا تتجه إلى حافة الهاوية بسبب استمرار الحرب في تيجراي أقصى شمال البلاد، مشيرة إلى أن الحكومة الإثيوبية تسعى إلى توسيع نطاق الصراع المحتدم خارج حدود الإقليم الشمالي، من خلال دعوتها جميع المواطنين المؤهلين للانضمام للجيش والمشاركة في الحرب.
وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أن هذه الدعوة إلى الحرب "علامة على تحول كبير" في الصراع الذي دخل شهره التاسع، منذ أن شنت الحكومة حربها على تيجراي في نوفمبر من العام الماضي تحت ذريعة "إنفاذ القانون والنظام"، لافتة إلى أن أديس أبابا ورطت المواطنين في صراع "دنيء" يسحب البلاد نحو حافة الهاوية ولا يعجل إلا بإشعال فتيل الحرب وإثارة الهياج في البلاد.
وتابعت: "لم تعد تيجراي وحدها على المحك ، إذ يبدو أن منطقتي عفار المجاورة وأمهرة تتعرضان للتهديد بشكل متزايد"، موضحة أن الصراع أجبر أكثر من مليوني شخص على الفرار من ديارهم في تيجراي، حيث يعاني مئات الآلاف من المجاعة.
ولفتت إلى أن النظام الإثيوبي كان قد أعلن عن وقف إطلاق النار من جانب أحادي في يونيو الماضي، بعد أن فقد السيطرة على مناطق رئيسية في تيجراي بما في ذلك العاصمة الإقليمية ميكيلي، مشددة على أن الهدف من شن النظام حربه على تيجراي هو السيطرة على المنطقة من ناحية واستغلال الاقتصاد الزراعي بها من ناحية أخرى.
الكنائس التاريخية في شمال إثيوبيا مهددة بالخطر
وفي سياق متصل، حذرت مجلة "سايت" الأسترالية، من أن مصير الكنائس التاريخية في شمال إثيوبيا مهدد بالخطر في ظل استمرار الحرب الأهلية في تيجراي وامتدادها لتشمل المواقع والمناطق المجاروة مثل موقع لاليبيلا التاريخي في أمهرة المدرج على لائحة اليونسكو للتراث العالمي.
وقالت المجلة إن وصول الصراع في إثيوبيا إلى الكنائس التاريخية في لاليبيلا، التي تعد واحدة من أعظم الكنوز الثقافية والدينية ليس فقط في إثيوبيا بل في إفريقيا بأكملها وفي العالم المسيحي أيضًا، يمثل مصدر قلق كبيرا بين الأمريكيين الإثيوبيين، داعين الحكومة الإثيوبية إلى احترام التراث الثقافي والمواقع الدينية المقدسة في جميع أنحاء البلاد.
ونقلت المجلة عن أحد المحللين القدامى في المنطقة- لم يذكر اسمه: "أن التدخل العسكري الأخير في لاليبيلا يهدد 11 كنيسة محفورة في الصخر تعود إلى القرن الثاني عشر أماكن عبادة حتى يومنا هذا".
وقال كاهن إثيوبي، يدعى كيسيس أستراي تسيج ومقيم في كانساس الأمريكية: "قلبي محطم بالنسبة لنا نحن الإثيوبيين في أمريكا وحول العالم. لقد تفككت حياتنا"، مضيفا "نحن هنا جرحى وحزنى ونتألم من الوضع في بلادنا، ولا نعرف ماذا سيحدث لهذا الموقع".
من جانبها، قالت أستيراي تسيجي، التي تقود كنيسة التوحيد الإثيوبية الأرثوذكسية، إن سقوط لاليبيلا يمثل المرة الأولى التي تعترف فيها حكومة إثيوبيا بالخطر الذي يشكله الصراع على التراث الثقافي الإثيوبي، مضيفة أنها سمعت أقوالا تشير إلى هناك بعض الكنائس الأخرى التي تضررت بسبب النزاع.