«فراغ أم لهث وراء تريند».. خبراء يوضحون: لماذا اهتم المصريين بالصبارة الراقصة؟
رقص طريف، وترديدًا للكلمات والأغاني المسموعة وكأنك أمام شخصًا لطيف تلك الصفتان جعلتا اللعبة الجديدة "الصبارة الراقصة" تكتسح “الترند” هذه الأيام محدثة ضجة هائلة على وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهات لرقصها مصحوبة بتعليقات و"إفيهات" طريفة من المصريين لدرجة وصفها البعض مازحًا أنها تلك اللعبة الراقصة المتمثلة في نبات الصبار ستحل مشاكله برقصها، وما تحدثه من بهجة، ومع التداول الكبير لهذه الصبارة التي ترقص وتردد الكلمات والأغاني تنافست العديد من شركات البيع "أونلاين" على بيعها، ولكن ما لوحظ أنها قد طرحت بأسعار مرتفعة ليثير ذلك الأمر سخرية الكثيرين أيضًا.
في هذه السطور نتناول من البداية قصة الصبارة الراقصة، وكيف تسببت برقصها في تزايد أحاديث المصريين على وسائل التواصل الاجتماعي متسببة لهم في البهجة الكبيرة والسخرية في ذات الوقت، كما نتعرف كذلك على دلالة اهتمام المصريين في الوقت الذي يعج فيه العالم بأحداث هامة وجادة بشئ بسيط مثل تلك اللعبة الراقصة.
صناعة صينية وتُشحن عن طريق "USB"
في البداية يستطيع من يشتري هذه الصبارة الراقصة أن يتأكد بسهولة أنها كمثل أغلب الألعاب المطروحة بالأسواق صينية المنشأ، وقد بدأت الصبارة تباع على نطاق واسع بالمواقع الإلكترونية الخاصة بالبيع، وهي عبارة عن دمية على هيئة صبارة باللون الأخضر مصنوعة من القطن، وموضوعة بأصيص باللون البني، مثل نبات الصبار الأصلي، وتختلف بعض أشكالها فهناك المرتدية غطاءً للرأس، أو سترةً، أو ممسكة بآلة العزف "جيتار"، إلا أنها تتحرك بتمايل عند تشغيل الأغاني عليها، أو التحدث بجانبها، بشكل مهتز يثير السخرية.
ويُشار إلى أن هناك نوعين من "الصبارة الراقصة"، الأول هو "الصبارة الراقصة" التي تردد الكلام، وبها أغانٍ من الممكن تشغيلها، والثاني هو "الصبارة الراقصة" التي تشغل الأغاني فقط.
والصبارة يمكن شحنها عن طريق "USB"، ويمكن تشغيل نحو 120 أغنية عليها، مع إمكانية تسجيلها للأحاديث الجانبية وترديدها فيما بعد، وذلك الأمر الذي جعلها دمية تضيف البهجة والسرور على المتواجدين حولها، وليس الأطفال فقط، ليزداد الإقبال عليها حتى من الكبار.
ودفعت تلك الضجة التي أحدثتها هذه "الصبارة الراقصة" لبحث الكثيرين عن سعرها على مواقع البيع "أونلاين"، وأسعارها تراوحت بين 390 جنيهًا، و600 جنيه، حيث يختلف السعر وفقًا للخامة وإمكانات اللعبة.
جمال فرويز: فراغ عاطفي ولهث وراء تريند لا يمثل واقع
وعن الأسباب التي جعلت تلك الدمية تتربع هكذا على عرش"التريند" بين الشعب المصري، وتأثير هذا التربع عليهم يقول الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس أوضح أن انشغال المصريين بالحديث عن تلك الصبارة الراقصة، يعد نوعًا من أنواع الفراغ العاطفي، والمادي في ذلك الوقت، ووصف الحديث عن الصبارة بأنه مثله مثل أي تريند يتسم باللحظية التي تنتهي بالكثير في خلال يومين أو ثلاث، موضحًا أن ما يسمى بالتريند لا يعبر عن الاهتمام الحقيقي للمواطن، ولا ينبغي اتباعه واللهث وراؤه فالأحاديث على "السوشيال ميديا" حسبما وصف ما هي إلا ضغط عددًا من الأفراد المختبئين خلف هواتفهم المحمولة، على علامات الإعجاب والمشاركة لبعض المنشورات، وربما يكونوا أثناء قيامهم بذلك متكئين على مضاجعهم دون أي عمل حقيقي له قيمة، أو قد يصل الأمر كذلك إلى قيامهم بتداول هذه المنشورات أثناء تواجدهم بدورات المياة، لذا فذلك الأمر- حسبما وصف- لا يتعدى الاهتمام به تلك الصفحات الافتراضية، والدليل على ذلك أنه إذا توافرت هذه اللعبة على أرض الواقع، وبأسعارها المرتفعة تلك فمن المؤكد أنها سوف لا تنال على الإطلاق تحركًا حقيقيًا يعبر عن ذلك الإعجاب الجَم الذي نالته على وسائل التواصل، أي أنه سيكون عدد القائمين بالشراء لها أقل بكثير مما يتوقع بالمقارنة بما حصدته من إعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي، وفسَر فرويز ذلك بأن المواطن المصري يعاني مشكلات اقتصادية واجتماعية كبيرة تجعل اهتماماته أكبر كثيرًا من شراء مثل هذه الدمية مرتفعة الثمن، خاصة أنها ليست من الأمور الضرورية على الإطلاق.
حسن الخولي: تنفيثًا عن ضغوطات وخطورة إطالة الجلوس أمامها
من جانب آخر وصف الدكتور دكتور حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس لـ"الدستور" حالة الإعجاب الشديد بـ"الصبارة الراقصة" واحتلالها التريند رغم الظروف الصعبة التي يمر بها العالم أجمع، وبالتالي المصريين، يعبر عن تنفيث الضغوط، مشيرًا إلى أن الأمر على الرغم مما يبدو عليه من بساطة إلا أنه يحمل الكثيرمن المعاني العميقة، وأشار في الوقت نفسه أن ذلك التنفيث يعد أمرًا صحيًا.
والجدير بالذكر أن نشر الكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمقاطع تجمعهم مع "الصبارة الراقصة"، كان أحد الأساليب التي روجت للدمية التي تربعت على عرش التريند، إضافة إلى انتشار "الكوميكس" الساخرة والمضحكة للدمية،والتي باتت الأشهر حاليًا في العالم، وتخطى عدد مشاهدات بعض فيديوهاتها ما يزيد على مليون مشاهدة.