على جمعة: رقة القلب علامة الإيمان
قال على جمعة، مفتى الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إنه ينبغي على المسلم أن يتخلق بخُلق الرحمة، وأن يبتعد عن القسوة، والرحمة عند الخلق هى رقة في القلب ولين تجاه المرحوم تعطفا عليه، وهى علامة من علامات حياة القلب. والمسلم لابد أن يكون قلبه حيًا دائمًا، والأمة الإسلامية هي أمة الرحمة؛ ولأنها أمة الرحمة دأب المحدثون في تبليغ حديث رسول الله ﷺ لطلبة العلم، على أن يستفتحوا بحديث الرحمة المسلسل بالأولية، هذا الحديث الذي انقطعت أوليته عند سفيان بن عيينه الذي يرويه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي قَابُوسَ مَوْلًى لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ : (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) [أحمد وأبوداود].
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: ورد عن سيدنا رسول الله ﷺ أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التخلق بالرحمة فيما بينهم ومع جميع الخلق، وقد حذر سيدنا رسول الله ﷺ أمته بأن ترك هذه الصفة الحميدة قد تستوجب غضب الله يوم القيام حيث قال ﷺ: (لَا يَرْحَمُ اللَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمُ النَّاسَ) [الديلمي وابن أبي شيبة]. وسبب ورود هذا الحديث أن سيدنا النبي ﷺ قَبل سيدنا الحسين رضى الله تعالى عنه، وقال الأقرع لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا، فنظر إليه النبي ﷺ وذكر له الحديث.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ أَبَا الْقَاسِمِ صَاحِبَ هَذِهِ الْحُجْرَةِ: (لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إلَّا مِنْ شَقِيٍّ) [أحمد وابن أبي شيبة]،
وعن علي رضي الله تعالى عنه: أن النبي ﷺ قال: (اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم، ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم فإن اللعنة تنزل عليهم.. يا علي، إن الله خلق المعروف وخلق له أهلا، فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله، ووجه إليهم طلابه، كما وجه الماء إلى الأرض الجدبة ليحيي به أهلها، وإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) [الحاكم في المستدرك والديلمي].
وأوضح: فالرحمة لا تنزع إلا من شقي؛ لأن الرحمة في الخلق رقة القلب، ورقته علامة الإيمان، ومن لا رقة له لا إيمان له، ومن لا إيمان له شقي، فمن لا يرزق الرحمة فشقي، وأن غلظة القلب من علامة الشقاوة، والمسلم رحيم مع كون الله كله، يتعامل برقة وبلين وانسجام، لأنه يراه قائم بنفس الوظيفة التي أمره الله بها وهي العبادة فيشعر أنه يشترك مع الكون في إخوة العبودية لله وحده، فنهى سيدنا النبي ﷺ عن سب الريح، فقال: «لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به» [رواه الترمذي].