أستاذ نقد أدبي: يجب أن ندرس الروايات في المدارس الفنية والعامة
قال الدكتور محمود الضبع، أستاذ النقد الأدبي الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، بجامعة قناة السويس، خلال الحلقة النقاشية التي استضافها منتدى «سيا» الثقافي: إن “التحولات التي طرأت على الأدب العالمي، وبالتبعية للأدب العربي والمصري، أكثر، لأن الأدب المصري هو السابق للأدب العربي على المستوى التاريخي من حيث البداية أو اتساع المدونة، لأن ما أنتجته مصر في القرن العشرين الطويل جدًا -أطول قرن مر على البشرية في تحولاته- فحدثت حربان عالميتان، ونظم اقتصادية كثيرة، وآخرها النظام العالمي الجديد، وما ترتب عليه من أزمة اقتصادية، لأن النظرية تنشأ اقتصاديا ثم إلى علم اجتماع لدراستها ثم للأدب ومن ثم للنقد”.
وضرب “الضبع” مثلا بـ”النسوية”، وكيف نشأت وتطورت ووصلت للأدب العالمي والمصري من بعد، وأشار الضبع إلى كلمة جاءت خلال مداخلة الدكتور محمد سليم شوشة، وهي القوى الناعمة، وكيف نشأ نظام عالمي جديد منذ أن كتب جوزيف ناي، كان دكتورا في جامعة هارفارد، ونادى إلي ضرورة استثمار القوة الناعمة، فنشأ نظام عالمي جديد قام على المبادئ الاحتكارية.
ويوضح أن ما يهمنا هنا هو الاحتكار التكنولوجي، وكيف أن التكنولوجيا تستطيع السيطرة على البشر، وفي حروب الأجيال لم تعد الدول في حاجة للحروب، ولكن تستخدم الأجهزة للسيطرة وهناك فيلمان مثل “جريت هاك- وسوشيال دايلوما” وكيف أن الشركات الكبرى مثل “فيسبوك” و”لينكد إن” سيطرت علينا عن طريق استخدام الذكاء الاصطناعي، وأيضًا عن طريق علم النفس.
وتابع الضبع: نحن نستيقظ صباحًا وأول ما نفعله نتصفح الواتساب والفيس بوك، هذه هي سيطرة التكنولوجيا، وأنا أرى أن الرواية إلى زوال، ومن وجهة نظري أن الحكاية سوف تهيمن على كافة الأشكال الأدبية، ولنا أن نعلم هنا أن نشرة الأخبار تقدم الآن على شكل حكاية، وبالتالي سوف يتغير كل شئ.
ويواصل: إن “ما اتحدث عنه هو التحولات، والتي تصل للسيطرة علينا باستخدام الأدب والسينما، وأشياء نتعامل معها يوميًا، أما لماذا أتحدث عن كل شيء، وليس عن القصة أو الرواية فقط، وهذا لأن كل شئ في العالم أصبح عبارة عن قصة، العالم نفسه أصبح قصة، حتى أن إعلانات الفيس بوك تدخل في شكل الحكاية”.
ويشير إلى أن حجم الداتا العربية لم يتجاوز٣ ونصف في المائة من الموجود على الإنترنت، مقارنة مع المادة الإنجليزية ١.٧ من مائة في المائة، وكل المكتبات الرسمية مثل الخزانة المغربية والمكتبات العربية لم تتم فهرستها، ومعنى ذلك أن “لدينا كنوز غير ظاهرة”.
ويمكن لكل هذه الأسباب أن نقول أن الأدب العربي “يؤذن في مالطة”، ويضيف: "نحن في دائرة مغلقة فلا يعرف الأدب العالمي في ترجماته سوى نجيب محفوظ، وعلاء الأسواني، وكانت هناك محاولات لبهاء طاهر، وأعمال وجدت في مطلعها لصالح ترجمة الأدب العربي رجعت إلى الوراء.
ولفت أستاذ النقد الأدبي، إلى إحصائية تقول أنه منذ رفاعة الطهطاوي حجم ما ترجم هو 8 آلاف وسبعمائة كتاب فقط، بما فيهم مشروع الألف كتاب، ومصر ترجمت ثلاثة أضعاف ما ترجم في الوطن العربي، مضيفًا أن التحدي الذي يواجهنا أين نحن وأين نقف، ولك أن تعلم أن هناك دول كاملة عرفت عن طريق الأدب ووجدت بفعل السينما، الصين نفسها ما كان لها أن تخترق العالم العربي إلا عن طريق الأدب أولًا، وتترجم كتبها ليتعرف القارئ على ثقافتها مثل مويان وغيره.
الفنون بين الأدلجة والمنع
يشدد أستاذ النقد الأدبي على أهمية محاربة «الأدلجة» بالفنون، وليس منعها أو محاربتها، يقول: “الحل هو التنشئة الحقيقية من خلال العقل، وهنا يجب على وزارة الثقافة أن تعمل بشكل جدي، ومن خلال برامج حقيقية”.
واختتم حديثه قائلًا: “الحل في نقطتين: الاهتمام بالفنون والآداب، ونشر فنون تدعو لنبذ تيارات الإسلام السياسي، لنحارب أدلجة الأدب، والثاني وجود مبادرات عن طريق مؤسسات ثقافية بالتعاون مع مؤسسات التعليم الجامعي والتعليم الفني، تخيل أن التعليم الفني لم تقرر عليه قصة واحدة أو رواية أو مسرحية، لذلك فإن تيارات الإسلام السياسي تلعب على غياب دور المؤسسات الثقافية عن طريق استخدام منابر المساجد في ضخ رؤيتها وأفكارها”.