إنجاز علمي.. تفاصيل ابتكار عالم بـ«علوم طنطا» لإنتاج «الميثان» من بكتريا أمعاء النمل الأبيض
أشادت كبرى الصحف العالمية خاصة الإنجليزية، بما حققه الدكتور سامح سمير علي عطوة، الأستاذ المساعد بقسم النبات بكلية العلوم بجامعة طنطا، من إنجاز علمي متميز ونجاحه في استخدام بكتريا أمعاء النمل الأبيض فى إنتاج الوقود الحيوى، بعد نشر بحثه العلمى فى كبرى المجلات العلمية الدولية المتخصصة (Bioresource Technology) والمصنفة "Q1" وذات معامل تأثير يصل إلى حوالى 11، في دراسة تعد الأولى من نوعها من حيث اكتشاف سلالات بكتيرية جديدة من أمعاء النمل الأبيض "آكل الخشب" لها قدرة فائقة ليس فقط لتكسير الخشب المطلي بالكريزوت بل وتحقيق أقصى درجات الاستفاده من نواتج التكسير والمعالجة في إنتاج الوقود الحيوي "الميثان" عن طريق الهضم اللاهوائي، ما يوفر حلاً فريدًا ومستدامًا لإزالة التلوث.
وأكد عطوة في حديث خاص لـ"الدستور"، أن أبحاثه ودراسته في الصين مرحلة انتقالية يعود بعدها إلى الجامعة الأم "طنطا"، ناقلًا من الذي تعلمه إلى طلابه، مضيفًا أنه رغم تواجده الآن فى معهد الطاقة بجامعة جيانسو بالصين، إلا أن قلبه متعلق بالوطن وخاصة جامعته وصاحبة الفضل عليه بعد الله جامعة طنطا، مضيفًا أنه سافر إلى الصين منذ 2015، في مهمة عمل علمية وتم اقتراح استخدام النمل الأبيض "آكل الخشب"، والذي يعتبر بمثابة "منجم ذهب للطاقه الحيوية"-على حد وصفه-، وذلك لقدرتها الفائقة لما تحتويه من ميكروبات في أمعائها قادرة على التكسير الحيوي لليجنوسليلوز بقدرة تفوق 95% لليوم الواحد، وهو ما يجعلها "أصغر المفاعلات الحيوية في العالم".
ويضيف العالم المصري: "قمت بعزل وانتقاء وتعريف 4 سلالات بكتيرية من أمعاء نوع من النمل الأبيض وتم تسجيل العزلات في البنك الجيني، واتضح من الدراسات والتجارب القدرة الفائقة لمزيج من هذه السلالات البكتيرية على تكسير الخشب المحتوي على الكريوزوت عندما تمت معالجة نشارة الخشب المبللة بالكريوزوت بالمزيج البكتيري لمدة 12 يومًا، حيث نجح في إزالة مادتين كيميائيتين سامتين تمامًا، وهما النفثالين والفينول، ونجح النمل بعد ذلك هضم المنتج الناتج عن طريق اللاهوائية، موضحًا أن المعالجة البكتيرية المسبقة عززت إنتاج الميثان والأنتاج الكلي للطاقه بحوالي 58 % و 83 % على التوالي".
واستطرد العالم المصري في حديثه لـ"الدستور"، واصفًا أمعاء النمل بـ"كنز الميكروبات الواعد والغير مكتشف حتى الأن"، ولذلك منذ 2015 يعكف على العديد من الأبحاث العلمية والمنشورة في الدوريات العالمية ذات معامل التأثير العالي والتي تضمنت استكشاف أمعاء النمل لما تحتويه من ميكروبات مثل البكتريا والخمائر للتطبيق المباشر في التحويل البيولوجي للمخلفات العضويه والأصباغ والمركبات الفينوليه السامة إلي طاقه متجددة في صور الميثان-البيوايثانول-أو البيوديزل، وهي خطوة مهمة جدًا وتفتح الباب أمام نقص الوقود الحفري بنهايه 2030، ليضع أمام العالم حل جذري لتحدي جديد في التعامل مع مشكله نقص الوقود، حيث إيجاد الحلول المبتكرة والمستدامة تماشيًا مع خطة الدولة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والتي باتت الركيزة الأساسية وشريان التنمية المجتمعية.
وتابع، أنه نظرًا للأهمية القصوى للأمر، وصلت الأبحاث المنشورة في مجال الطاقة المتجددة إلى أكثر من 45 بحثا خلال الخمس سنوات الأخيرة، والتي تم نشرها في دوريات عالمية ذات معامل تأثير عال، ولحداثة الفكرة ومع عدم وجود دراسات سابقى لاستخدام النمل الأبيض وميكروباته المعوية في معالجة "الليجنوسليلوزوالكريوزوت"، ومن ثم التخلص من سمية الكريوزوت السام والاستفادة من نواتج المعالجة في إنتاج الوقود الحيوي (الميثان) عن طريق الهضم اللاهوائي، الأمر الذي ساهم في تناول هذه الدراسة في واحدة من إحدى الصحف العالمية (New Scientist) في العلوم والتكنولوجيا، والتي ثصدر أسبوعيًا في أنجلترا وأمريكا وأستراليا مع عدد شهري مجمع بالألمانية، وسلطت الصحيفة الإنجليزية الأصل الضوء على أحدث الأبحاث المنشوره في المجلة، وذلك لحداثه الفكرة والتي لم تأتي وليدة الصدفة وإنما نتيجه عمل بدأ منذ 2015 وحتى الأن في الصين ومع فريق بحثي كبير يضم علماء من الصين وإيطاليا ورومانيا واليونان ومصر إلى جانب جنسيات أخرى.
ويضيف عطوة: “أنا بالفعل عقلي في الصين وقلبي بمصر، وما زاد ذلك أنه فترة تواجدى في الصين ومع أبحاثى العديدة المتميزة رأت اللجنة العلمية لترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين بجامعة طنطا، ترقيتى إلى درجة أستاذ مساعد الميكروبيواوجي بنظام التميزالعلمي، وذلك في 2019، كأول حالة تميز علمي في مصر في الميكروبيولوجي-بكتريولوجي، مستفيدًا بنص المادة 20 من قانون ترقية الأساتذة المعتمد من المجلس الأعلى للجامعات، موجهًا الشكر للجنة الي أوصت بترقيته دون تحكيم الأبحاث المقدمة منه أو مناقشته حيث إن أبحاثه منشورة فى دوريات عالمية مصنفة Q1 وذات معامل تأثير، ونظرًا لارتباطي بمصر رغم تواجدى في الصين، حرصت على السعي جاهدا لتفعيل تعاون علمي وشراكة MOU بين مصر والصين والذي تم بالفعل بزيارة الوفد الصيني من جامعة جيانسو الي جامعه طنطا، وتم بالفعل التوقيع في 2019 بين الجانب المصري متمثلًا في جامعه طنطا، والجانب الصيني، متمثلًا في جامعة جيانسو وفي حضور رئيس جامعة طنطا في ذلك الوقت الدكتور مجدي سبع، ونائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث الدكتور مصطفى الشيخ”.
وأوضح العالم المصري، أن الكريوزوت الذي يمكن أن يكون مسرطنًا، يُستخدم منذ فترة طويلة لحماية الأخشاب من العفن والحشرات الآكلة للأخشاب، ومع ذلك يمكن أن تكون نفايات الخشب هذه خطرة في إعادة التدوير أو الحرق وعادة ما ينتهي الأمر به في الأرض وملوثات في الغلاف الجوي، ولأن النمل الأبيض يشتهر بالتهام الأخشاب بما لديها من كنز من الميكروبات المعوية، اعتمد والفريق المعاون له بالصين، على فكرة هذه الدراسة وهي الدراسة الأولى من نوعها من حيث اكتشاف سلالات بكتيرية جديدة ذات قدرة فائقة ليس فقط لتكسير الخشب والكريزوت معا بل والاستفادة من نواتج التكسير والمعالجة في إنتاج الوقود الحيوي (الميثان) عن طريق الهضم اللاهوائي، وخصوصًا أن أمعاء النمل الأبيض هي مفاعلات حيوية صغيرة تعج بالميكروبات التي تسمح للحشرات بهضم اللجنين القاسي والسليلوز في الخشب، فتستخدم الهاضمات اللاهوائية الميكروبات المنتجة للميثان في غياب الأكسجين لتحويل نفايات الطعام أو مياه الصرف الصحي إلى غاز حيوي (خليط يتكون في الغالب من الميثان مع قليلا من ثاني أكسيد الكربون)، لكن تحويل النباتات الخشبية كان أمر صعب لأن معظم الكائنات الحية الدقيقة تكافح من أجل تفتيت مادة الليجنوسليلوز وايضا مع تواجد الكريوزوت (مواد حفظ الأخشاب السامة في مزيج منها) كان الأمر أكثر صعوبة، كما تتطلب الأخشاب المعالجة بالكريوزوت المعالجة المناسبة من أجل القضاء على التلوث ومخاطر الصحة العامة مع اقتراح تحويله إلى وقود حيوي باستخدام البكتيريا ما يوفر حلاً فريدًا ومستدامًا لإزالة التلوث، كما أن هذا الاكتشاف يمكن أن يكون مفيدًا في تحويل نفايات الأخشاب الضارة المعالجة كيميائيًا إلى وقود حيوي في التو والحظة، فمع استكشاف المزيد من ميكروبات أمعاء النمل الأبيض يمكن لهذه الكائنات الدقيقة أن تكون المفتاح لتشغيل الليجنوسليلوز- المصدر الأكثر وفرة للكربون المتجدد على كوكب الأرض - إلى الوقود الحيوي عن طريق الهضم اللاهوائي.
اختتم العالم المصري حديثه الخاص لـ"الدستور"، موجهًا الشكر لجامعة طنطا ورئيسها الدكتور محمود ذكي، علي دعمه اللامحدود للباحثين والبحث العلمي، كما وجه الشكر لكلية العلوم بالجامعة، خاصة قسم النبات علي المساندة والتشجيع خاصة من أساتذته الذين وصفهم بأصحاب الفضل الأول بعد الله عزوجل، موضحًا أنه على الرغم من تمسك جامعة جيانسو الصينية الكبرى به كباحث متميز لديها خاصة مدير معهد الطاقة بالجامعة، والذي طرحه بالفعل جديًا مدير معهد الطاقة أثناء زيارة مع الوفد الصيني، لحضور موتمر الطاقة بشرم الشيخ في 2019 في حواره مع رئيس جامعة طنطا في ذلك الوقت، إلا أنني قابلت هذا التمسك بالرفض لتمسكِ بالجامعة الأم طنطا، وكذلك تمسك جامعة طنطا بي كأحد أبنائها، وهذا ما يُطابق شعورى، لأني أعتبر الصين مرحلة انتقالية أعود بعدها إلى الجامعة في طنطا ناقلًا من تعلمته إلى طلابي ومشاركًا بأبحاثي في جامعة طنطا، وهو ما لا يتعارض مع شكري الذي لا ينقطع لما قدمته وتقدمه لي وللعلم جامعة جيانسو بالصين خلال مشواري البحثي.