الكاتب محمد توفيق خلال مناقشة «همس العقرب»: إسقاط على الأوضاع الحالية في ليبيا
استهلت الناشرة دكتورة فاطمة البودي٬ مدير دار العين للنشر، حفل توقيع ومناقشة رواية "همس العقرب"، والصادرة حديثا عن الدار للكاتب محمد توفيق، بأن الرواية مستوحاة من رحلة صحراوية قام بها أحمد حسنين باشا بصحبة المستكشفة الإنجليزية روسيتا فوربز عام ١٩٢٠ إلى واحة الكفرة.
تابعت أن محمد توفيق هو روائي ومهندس ودبلوماسي مصري٬ كان آخر مواقعه الدبلوماسية سفيرا لمصر لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
صدر له بالعربية روايات: "ليلة في حياة عبد التواب توتو" عن دار الفكر العربي 1996 ــ رواية "طفل شقي اسمه عنتر" دار ميريت 2003 ــ رواية "فتاة الحلوي" عن الدار المصرية اللبنانية 2010 وتشكل الروايات مجتمعة ثلاثية تتناول تطور المجتمع المصري خلال القرن العشرين والسنوات الأولي من القرن الواحد والعشرين.
ولفتت "البودي": يمتلك الكاتب محمد توفيق ناصية اللغتين العربية والإنجليزية٬ ودأب على ترجمة أعماله ذاتيا إلي الإنجليزية٬ وقد نشرت قصصه ومقالاته في دوريات أدبية وصحف مصرية وعربية وعالمية. صدرت له بالإنجليزية مجموعة قصصية The Day the Moon Fell عن دار الفكر العربي في 1996، وروايتا Murder in the Tower of Happiness و Candygirl المترجمتان عن العربية والصادرتان عن دار نشر الجامعة الأمريكية بالقاهرة عامي 2008 و 2012 على التوالي، كما صدرت أولاهما في طبعة بريطانية عن Arabia Books .
اختارت الجامعة الأمريكية بالقاهرة "فتاة الحلوى" كرواية مقررة على كافة طلبة السنة الأولى في جميع التخصصات للعام الدراسي 2014-2015 ، ونظمت حولها أنشطة وحوارات عديدة.عضو اتحاد الكتاب المصريين، ومجموعة كتاب جنيف، ومركز كتاب العاصمة الأسترالية، ونادي القلم الدولي.المستشار الأدبي لمنتدى الكتاب العربي، وسبق له عضوية اللجنة المنظمة للمؤتمر العالمي للكتاب بجنيف، وهيئة تحرير دورية Offshoots الأدبية العالمية.
وبدوره، قال الكاتب محمد توفيق خلال مناقشة رواية همس العقرب، بمكتبة القاهرة الكبرى، إن زمن الرواية في فترة الهدنة التي وقعها قائد المقاومة الليبية الأمير إدريس السنوسي مع الإيطاليين عام ١٩٢٠وبناء على هذه الهدنة تم تقسيم ليبيا إلي قسمين، القسم الحضري وتقع إدارته تحت مسئولية الإيطاليين، بينما القسم الصحراوي فيخضع إداريا تحت الأمير إدريس السنوسي. هذه الهدنة قد مكنت أحمد حسنين باشا وروسيتا فوربز من القيام برحلتهما الصحراوية إلى واحدة الكفرة.
وقبل هذه الهدنة كانت هناك صراعات طاحنة في هذه المنطقة لا تسمح بقيام مثل هذه الرحلة، وعندما انهارت الهدنة دارت معارك طاحنة بين المقاومة الليبية بقيادة الأمير السنوسي وبين الإيطاليين٬ وخلفت هذه المعارك حوالي ربع مليون قتيل من المجازر البشعة التي أرتكبها الإيطاليين ضد الليبيين. وهي نوعا من الإسقاط على الأوضاع السياسية الراهنة في ليبيا.
تابع "توفيق": أنه بدأ في كتابة الرواية في الفترة ما بين عامي ٢٠٠٤ و٢٠٠٦ وما كان يشهده العالم من حروب وصراعات٬ ومنها الغزو الأمريكي للعراق ونتائجه قصيرة المدى كما شهدها العالم كله، وطويلة المدى من أثر التدخل الغربي في المنطقة العربية.
وأوضح "توفيق": فضلت أن أنشر بالتزامن مع مئوية رحلة أحمد حسنين باشا الصحراوية تحديدا هذا العام الحالي الذي واكب صدور الرواية، خاصة وأنني كنت منشغل في كتابة رواية “طفل شقي اسمه عنتر”، لكن فكرة الرواية استحوذت علي خاصة وأن المصادر التاريخية لا تذكر الكثير عن هذه الرحلة الصحراوية التي قام بها أحمد حسنين وروسيتا فوربز، والتظاهر بزنهما زوجين أمام أهل واحة الكفرة حيث كانت رحلتهما، وكانت فكرة ما الذي يدور بين حسنين وروسيتا عندما يغلق عليهما بابا واحدا، دون الإشارة أو الحديث عن الرحلة نفسها والأجواء التي خاضها الاثنان خلال هذه الرحلة. وكان اهتمام المؤرخين بشكل العلاقة بين حسنين وروسيتا التي تظاهرت بإشهار إسلامها لحبك الصورة أمام السكان المحليين في واحة الكفرة، فكانت تصلي وتقرأ القرآن وهي الخديعة الكبري التي أحكمت نسجها.
وأذكر أن أحمد حسنين باشا في حوار له مع محمد التابعي ذكر أن روسيتا أرادت إقامة علاقة معه لكنه تمنع ورفض، وعند عودة روسيتا وحسنين من الرحلة٬ كلا منهما أصدر كتاب خاص عن الرحلة٬ لكن روسيتا في كتابها لم تذكر حسنين باشا كما يجب ولم تعطه أهمية كافية في كتابها مما أثار القصر الملكي عليها.
وأكد: القضية الثانية التي شغلتني في الرواية، هي قضية البيئة وكيف يتعامل الإنسان معها، وما يرتكبه من أخطاء فادحة، سواء بقصد أو عن غير قصد، وكانت نتائجه من نراه ونعاني من آثاره الآن، وكيف خرب البشر البيئة ودمروها بأنانية شديدة. أما عن تفاصيل الرحلة كما جاءت في الرواية فهي دقيقة جدا ومدروسة بدقة، خاصة فيما يتعلق بالتضاريس وأشكال العمارة في الصحراء والآبار وأنواعها، الزراعات والنباتات، خلفيات روز التاريخية وكيف شكلت الحرب نفسيتها فدفعتها لهذه الرحلة الصحراوية هروبا من الحرب، فكان علي مثلا أن أعرف شكل المستشفيات والمدارس وأحوال المجتمع الإنجليزي في هذه الفترة وكلها تفاصيل في الرواية مذكورة ومبنية على حقائق دقيقة.
وبدوره، قال الناقد الدكتور محمد الشحات، أستاذ النقد ونظرية الأدب، خلال مناقشة رواية همس العقرب: إن الرواية تحتاج إلي قراءة هادئة ومتعمقة بالورقة والقلم٬ وليس فقط كقراءة من أجل المتعة، وهو ما يريده ويطمح إليه المثقف والمبدع، فهذه الرواية دفعتني لمراجعة الخرائط في الأطلس حتى أنني رسمت خريطة لواحة الكفرة والأماكن الصحراوية التي دارت فيها الرواية. فقد حللت رواية همس العقرب البيئة الصحراوية وطبيعتها في هذه المنطقة من الصحراء الكبرى، كما أعطت القارئ إدراكا بصريا متخيلا وكيف تتحرك الشخصيات على مسرح أحداثها. إنها رواية معرفية حقيقية.
ولفت "الشحات" إلى أن رواية "همس العقرب" تنتمي إلى نوعية تلك الروايات التي تتناول العلاقة بين الشرق والغرب، وتتحرك في فضائين هما الإسكندرية بكل إرثها الكوزموپوليتاني، من انفتاح على اللغات والشعوب والأجناس والأديان، وهو الإطار التاريخي الذي تدور فيه الرواية، حيث تستدعي عشرينيات القرن المنصرم.
وأوضح أن عنوان الرواية "العقرب" يعطي أكثر من دلالة٬ فهو العقرب السام، وهو شخصية "روزيتا" المستشرقة والتي تتضح بقوة صورة الجاسوسية في الفصل الأخير من الرواية، والعقرب هو شخصية حسين رفيق روزيتا في الرحلة الصحراوية، وكأن الراوي يحذر المتلقي من شخصية روزيتا التي تبدو إنسانية بها روح المغامرة والولع بالشرق، إلا أنها في الأخير ذات نزعة إمبريالية استعمارية.
