سر الفتوى التى طلبتها الملكة نازلى من شيخ الأزهر لتتويج فاروق على عرش مصر
ظلت أسرة محمد على تحكم مصر لأكثر من 150 عامًا بدأت منذ تولي محمد على الحكم في عام 1805 وانتهت بقيام ثورة 23 يوليو 1952، وتنازل الملك فاروق آخر ملوك الأسرة العلوية عن العرش، وكان نظام الأسرة العلوية قائم على أن يتولى أكبر الأبناء سنًا الحكم ويوصي بولاية العهد لشقيقه أو نجله حتى لو كان صغيرًا في السن، وهو ما حدث عقب وفاة الملك فؤاد الأول والد الملك فاروق، والذي حكم مصر بفتوى من شيخ الأزهر طلبتها والدته فتم جلوسه على العرش وفقًا لحساب التاريخ الهجري.
كان الملك فؤاد الأول والد فاروق أحد أبناء الخديوية إسماعيل، وغير اللقب من سلطان إلى ملك مصر وصار ينادي في عام 1922 بملك مصر والسودان وسيد النوبة وكردفان ودارفور، وذلك بعد رفع الحماية البريطانية عن مصر، وتوفي فؤاد الأول في أبريل من عام 1936، وكان نجله الأكبر هو فاروق الذي كان يبلغ من العمر حوالي 16 عامًا، وكان السن القانوني لتولي حكم البلاد 18 عامَا بما لا يمكن فاروق من تولي الحكم خلفًا لوالده.
في مايو من العام 1936 بعد أيام قليلة من وفاة الملك فؤاد، اجتمع مجلسا النواب والشيوخ للتصديق على ولاية فاروق الأول عرش مصر، وقررت الجلسة بدلًا من التصديق على ولاية فاروق تكوين مجلس وصاية للحكم تكون في ذلك الوقت من الأمير محمد علي ولي عهد فاروق، وعزيز عزت باشا سفير مصر السابق في لندن وصهر الأسرة المالكة، وشريف باشا صبري خال فاروق، وقد كان أول قرارات مجلس الوصاية هو عودة فاروق للدراسة بالعاصمة البريطانية لندن، وهو ما أيده حزب الوفد لإعطاء فرصة لفاروق للدراسة والتأهيل لتحمل المسئولية، إلا أن والدته الملكة نازلي عارضت الفكرة بشدة خشية انفراد حزب الوفد ومجلس الوصاية بالسلطة وألا يتمكن فاروق بعد ذلك من تولي العرش.
أقنعت الملكة نازلي مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء في ذلك الوقت بخطورة الفكرة وضرورة بقاء فاروق في مصر وهو ما استجاب له النحاس وساند موقف الملكة نازلي.
ظلت الملكة نازلي حتى منتصف عام 1937 تبحث عن مخرج مع شعورها بأن رئيس مجلس الوصاية الأمير محمد علي يحاول الانفراد بالسلطة، فلجأت عن طريق شقيقها شريف صبري إلى شيخ الأزهر في ذلك الوقت الشيخ محمد مصطفى المراغي والذي أصدر فتوى بأن يحتسب عمر فاروق بالسنين الهجرية ونصت الفتوى على: "عمر الملك المسلم إنما يحسب بالسنين الهجرية، وإنه بهذا الحساب فإن جلالة الملك المعظم فاروق حفظه الله بلغ سن الرشد في يوليو من العام 1937، وبالفعل اختصرت تلك الفتوى أكثر من 7 أشهر ليتولى فاروق الحكم في 29 يوليو من العام 1936.