مشتقات الحياة.. كيف تنقذ بلازما الدم حياة المرضى في مصر؟
في فبراير الماضي، كان يعاني محمد البشبيشي، صاحب الـ33 عامًا، من الإصابة بكوفيد 19، بعد انتقال العدوى إليه عبر أحد أشقائه، وعلق آماله في الشفاء حينها على نقل بلازما أحد المتعافين من الفيروس، وبالفعل أجرى عملية نقل بلازما الدم من خلال إحدى مراكز نقل الدم التي أقرت بها وزارة الصحة والسكان في محافظة القاهرة.
وبعد أيام قليلة، غادر الوباء جسده ليعود إلى حياته الطبيعية مرة أخرى بعد فترة عزل منزلي دامت 3 أسابيع من الصراع الشديد مع المرض، معبرًا عن شعوره في ذلك الوقت: “لما بلازما الدم اتنقلت لجسمي حسيت ان الروح رجعتلي تاني”.
منذ أن تعافى الشاب الثلاثيني من مرضه، وهو لا يفكر سوى في رد الدين الذي حمله على عاتقه، وقرر حينها استخدام البلازما الخاصة به بعد تعافيه من الفيروس لإنقاذ مصاب أخر، وبالفعل تواصل مع أحد المصابين في ذلك الحين، واتجهوا سويًا لنقل بلازما الدم، وصاروا أصدقاء حتى وقتنا هذا: “البلازما هي اللي جمعتنا”.
اختتم “البشبيشي” حديثه مع لـ«الدستور»، موجهًا الشكر إلى كافة العاملين في وزارة الصحة والسكان، الذين يسعوا جاهدين طوال الوقت لخدمة المرضى، وتوفير الرعاية اللازمة لهم، وبالأخص الأطقم الطبية التي واجهت الجائحة، وأنقذت العديد من الأرواح خلال فترة الوباء.
لم يتوقف التبرع بالبلازما عند الأمور الخاصة بفيروس كورونا فقط، بل أيضًا شمل عمليات نقل الدم بشكل عام، وهذا ما أكدت عليه وزارة الصحة قبل أيام قليلة، حين أوضحت أن التبرع بالبلازما يتم مرة كل أسبوعين، وفقًا لإرشادات منظمة الصحة العالمية.
وأشارت أيضًا إلى الفوائد العديدة التي تنتج عن عمليات التبرع بالبلازما، ومن أبرزها تنشيط النخاع العظمي للمتبرع لإنتاج خلايا دم جديدة، وتنشيط أجهزة الجسم المسئولة عن تجديد بروتينات البلازما، بالإضافة إلى إجراء فحص دورى بالمجان للمتبرع يشمل جميع الأمراض والفيروسات، للاطمئنان على حالته الصحية.
مشروع تصنيع البلازما سينقذ آلاف المرضى
بالتواصل مع الدكتور محمد فطين، استشارى أمراض الدم بمستشفى قصر العينى، أوضح في البداية أن الدم يتكون من كرات الدم الحمراء والكرات البيضاء والأجسام المضادة والبروتينات والمواد الذائبة والصفائح الدموية، والمصنع الجديد سيوفر البلازما التى تضم بعض هذه المشتقات، كما سيجرى فصلها طبقًا لاحتياجات المرضى المختلفة، خاصة أن بلازما الدم تستخدم فى علاج كثير من الأمراض.
وأشار خلال حديثه مع «الدستور»، إلى المشروع القومي لتصنيع مشتقات البلازما، التي قررت وزارة الصحة والسكان تنفيذه خلال الفترة المقبلة، ليُعد من أهم القرارات التى تم اتخاذها فى مجال الصحة بشكل عام، كونه يعطي الأمل من جديد للعديد من المرضى بشكل عام.
«البلازما لا تتوافر حاليًا فى مصر إلا عن طريق الاستيراد أو التبرع المباشر داخل معامل وزارة الصحة المصرية، بعد أن يمر الدم بعملية تنقية وفصل تشبه كثيرًا ما يتم فى عمليات الغسيل الكلوى، فهي عبارة عن استخلاص بعض البروتينات والمواد الذائبة فى الدم، لاستخدامها في علاج المرضى الذين يحتاجون لهذا النوع من المشتقات»، بحسب “فطين”.
أما عن مشروع تصنيع المشتقات، قال: “سيكون المشروع هو طوق النجاة للمصابين بأمراض الكلى والكبد وبعض أمراض القلب وسيولة الدم (الهيموفيليا) والمناعة وسرطان الدم، خاصة بعد ارتفاع أسعار البلازما المستوردة التي كانت تنقص بشدة في مصر، وتسببت كثيرًا في تدهور حالات المرضى بشكل ضخم”.
تحدث أيضًا الطبيب عن مرضى سرطان الدم و"الهيموفيليا"، كونهم دائمًا ما يعانون من سيولة الدم، فهم الأكثر استفادة من عمليات نقل بلازما الدم، لحاجتهم في توافر كميات كبيرة من المشتقات، التي سيكون المصنع الجديد متخصص في توفيرها بشكل متواصل.
وناشد “فطين” المواطنين للتبرع بالدم من أجل استخلاص الكميات اللازمة لإنتاج العلاجات، مؤكدًا أن هذا المصنع الجديد سيوفر على الدولة مبالغ مالية طائلة كانت تستخدم لاستيراد المشتقات المصنعة بالخارج، إلى جانب إسهامه الهائل فى إنقاذ حياة المواطنين.
واختتم حديثه، منوهًا إلى أزمة كوفيد 19، التي سلطت الضوء على أهمية إنتاج مشتقات البلازما، بعد أن تسببت حالة الفزع من الإصابة بالعدوى في حدوث أزمة حقيقية في مصر لعدم توافر أكياس الدم، بسبب اختفاء المتبرعين من الصورة، وهذا ما دفع الدولة للبحث عن حل فعال لتوفير الدم ومشتقاته فى المستقبل، على رأسها تدشين مصنع إنتاج البلازما ومشتقاتها، ما يقضى على مثل هذه الأزمات فى المستقبل.