للمرة الثالثة خلال عام.. اللبنانيون يترقبون الاستشارات النيابية الملزمة غدا
يترقب اللبنانيون انطلاق الاستشارات النيابية الملزمة غدا لتكليف رئيس جديد للحكومة يتولى تشكيل حكومة إنقاذية وفقا للمبادرة الفرنسية لحل الأزمة في لبنان، لتنتشل البلاد من الأزمات المتفاقمة على كافة الأصعدة، وذلك في محاولة ثالثة خلال أقل من عام لتأليف حكومة خلفا لحكومة رئيس الوزراء حسان دياب التي تقدمت باستقالتها في العاشر من شهر أغسطس الماضي على خلفية انفجار ميناء بيروت البحري في الرابع من الشهر ذاته والذي تم على إثره إعلان العاصمة بيروت مدينة منكوبة.
ويأمل اللبنانيون أن تتهيأ الفرصة للاتفاق غدا على تسمية رئيس جديد للحكومة يتم تكليفه وتسهيل المهمة أمامه هذه المرة لتأليف الحكومة في أسرع وقت لسد فراغ حكومي ممتد لقرابة العام بعد تعثر مساعي رئيسين مكلفين في هذه المهمة واعتذرا عن عدم تشكيل الحكومة بسبب خلافات سياسية حول الصلاحيات والمحاصصة والمصالح الحزبية، مما أدى إلى تفاقم الأزمات وانهيار العملة المحلية وتردي الأوضاع المعيشية لمستويات غير مسبوقة وارتفاع نسب الفقر وتدني مستويات الرعاية الصحية بسبب النقص الحاد في الكهرباء والوقود والدواء وألبان الأطفال والسلع الأساسية، وهو ما نتج عنه احتجاجات متكررة في الشارع اللبناني.
وبات رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي الأقرب للتسمية والتكليف بتشكيل الحكومة الجديدة بعدما أعلن رؤساء الحكومات اللبنانية السابقين دعمه بشكل رسمي عقب اجتماعهم اليوم وذلك بحضور فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام وميقاتي، حيث يعبر موقف الحريري عن قرار تيار المستقبل الذي يضم 18 نائبا، كما يدعم ميقاتي كتلة الوسط المستقل التي يقودها وتضم 3 نواب.
كما أعلنت كتلة اللقاء الديمقراطي (الكتلة النيابية للحزب التقدمي الاشتراكي التي تضم 7 نواب) تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة الجديدة، فيما أعلنت كتلة الجمهورية القوية (الكتلة النيابية لحزب القوات اللبنانية وتضم 14 نائبا) أنها لن تسمي أحدا في الاستشارات النيابية، فيما لم تعلن أي من الكتل الأخرى تسمية أي مرشح آخر للتكليف.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس اللبناني من الساعة التاسعة والنصف صباح الغد بتوقيت القاهرة بالكتل النيابية وأعضاء مجلس النواب المستقلين لتسمية رئيس جديد للحكومة، حيث يبدأ برؤساء الحكومات السابقين من أعضاء المجلس وهم نجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام، بالإضافة إلى نائب رئيس مجلس النواب إيلي فرزلي، حيث يجتمع بكل منهم على حدة لمدة لا تزيد عن 15 دقيقة، ثم يجتمع الرئيس اللبناني بأعضاء 12 كتلة نيابية (وهي كتلة تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري وتضم 18 نائبا وكتلة الوفاء للمقاومة التابعة لحزب الله وتضم 12 نائبا وكتلة التكتل الوطني وهي الكتلة النيابية لتيار المردة وتضم 5 نواب وكتلة اللقاء الديمقراطي (الكتلة النيابية للحزب التقدمي الاشتراكي وتضم 7 نواب) وكتلة الوسط المستقل برئاسة نجيب ميقاتي وتضم 3 نواب والكتلة القومية الاجتماعية وتضم 3 نواب وكتلة اللقاء التشاوري وتضم 4 نواب وكتلة الجمهورية القوية (الكتلة النيابية لحزب القوات اللبنانية وتضم 14 نائبا) وكتلة التنمية والتحرير برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري (الكتلة النيابية لحركة أمل وتضم 17 نائبا) وتكتل لبنان القوي برئاسة جبران باسيل (الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ويضم 17 نائبا) وكتلة نواب الأرمن (الكتلة النيابية لحزب الطشناق) وتضم 3 نواب وكتلة ضمانة الجبل وتضم 4 نواب، بالإضافة إلى 9 نواب مستقلين).
ويبلغ مجموع النواب المدعوون للمشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة غدا 118 نائبا من أصل 128 نائبا هم قوام مجلس النواب اللبناني وذلك لغياب 10 نواب بسبب الوفاة والاستقالة من المجلس في أعقاب حادث انفجار ميناء بيروت البحري.
ووفقا للمادة 53 من الدستور اللبناني، يقوم رئيس الجمهورية بإجراء استشارات مع الكتل النيابية والنواب المستقلين بحيث يقوم كل منهم بتسمية مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة – بشرط أن يكون منتميا للطائفة السنية – على أن يقوم رئيس الجمهورية بتكليف المرشح الذي يحظى بأغلبية أصوات النواب بعد إطلاع رئيس مجلس النواب على نتيجة الاستشارات، ثم يصدر رئيس الجمهورية مرسوما لتسمية رئيس مجلس الوزراء منفردا.
وكانت فرنسا قد طرحت مبادرة لإنقاذ لبنان من الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي دخل فيها منذ أحداث السابع عشر من أكتوبر عام 2019 وفاقمها انفجار ميناء بيروت البحري في 2020، حيث ارتكزت المبادرة الفرنسية التي قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال لقائه عقب انفجار الميناء بالقادة السياسيين بلبنان على تشكيل حكومة انقاذية نزيهة مستقلة من شخصيات تكنوقراطية تتمتع بالكفاءة ولا تتعاطى من القضايا السياسية ويكون مهمتها التفاوض مع صندوق النقد الدولي للإنقاذ المالي والتفاوض مع الدائنين وإقرار إصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة لإعادة كسب ثقة الشعب والمجتمع الدولي.
وبالفعل، جرى في 31 أغسطس الماضي تكليف سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب بتشكيل حكومة إثر حصوله على أصوات 90 نائبا في الاستشارات النيابية الملزمة، إلا أنه اعتذر عن عدم تشكيل الحكومة بعد أقل من شهر بسبب ما اعتبره ضغوطا متعارضة من القوى السياسية، داعيا لاستثمار المبادرة الفرنسية التي وصفها بأنها تعبر عن نوايا صادقة تجاه انقاذ لبنان.
وفي الثاني والعشرين من شهر أكتوبر الماضي، عقدت استشارات نيابية ملزمة للمرة الثانية لاختيار رئيس جديد للحكومة، ووقع الاختيار على تكليف رئيس الوزراء السابق سعد الحريري بتشكيل الحكومة بحصوله على 65 صوتا.
وأعلن الحريري التزامه بتشكيل حكومة وفقا للمبادرة الفرنسية، حتى قدم في ديسمبر الماضي تشكيلة حكومية من 18 وزيرا رفضها رئيس الجمهورية باعتبارها لا تراعي الحقوق والصلاحيات.
وتدخل رئيس مجلس النواب اللبناني بمبادرة لتقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف آنذاك سعد الحريري، فأسفرت المبادرة عن تقديم الحريري لتشكيلة جديدة تضم 24 وزيرا، إلا أنها لم تحظ بتوافق مع رئيس الجمهورية، فتقدم الحريري باعتذاره عن التكليف بعد قرابة 9 أشهر من المفاوضات حول التأليف.
وتنص المادة 53 من الدستور اللبناني على أن رئيس الجمهورية هو صاحب الحق في إصدار مرسوم بتشكيل الحكومة وذلك بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء المكلف، كما أن له الحق في ترأس إجتماع المجلس دون أن يكون له صوت، وبالتالي لا يحق لرئيس الوزراء المكلف منفردا إصدار تشكيل الحكومة.
وينص الدستور اللبناني على صلاحيات كبيرة لرئيس مجلس الوزراء، حيث يكون رئيس مجلس الوزراء وفقا للمادة 64 من الدستور حكما نائباً لرئيس المجلس الأعلى للدفاع كما يوقع مع رئيس الجمهورية جميع المراسيم ما عدا مرسوم تسميته رئيسا للحكومة ومرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة.
ويوقع رئيس الوزراء مرسوم الدعوة إلى فتح دورة استثنائية لمجلس النواب ومراسيم إصدار القوانين وطلب إعادة النظر فيها.
أما مجلس الوزراء فيحق له وفقا للمادة 65 من الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ويتمتع بصلاحيات تصل لحل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية وفقا لضوابط محددة.