باحثة ألمانية: النمسا تعد مزيد من القوانين والتشريعات لمكافحة خطر الإسلام السياسي
أشادت سيجريد هيرمان مارشال، الباحثة الألمانية الخبيرة بشئون جماعات الإٍسلام السياسي، بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها النمسا لمكافحة الإرهاب وتمريرها لحزمة تدابير قانونية لتعزيز جهود الدولة لحظر أنشطة التنظيمات المتطرفة، كاشفة عن أن فيينا "لا يزال في جعبتها القانونية المزيد من السهام ضد الإرهابيين".
وقالت ماراشال، في مقال على موقع "عين أوروبية على التطرف": تواجه جميع الدول الأوروبية، التي تعاني التطرف الديني، قضية ما إذا كانت الأدوات القانونية المتاحة حاليًا كافية لمجابهة المخاطر التي تواجه المجتمعات الحرة، وقد قرر عددٌ من هذه الدول، والنمسا إحداها، التحرك العاجل لإصلاح هذه القوانين".
قوانين أخرى قيد التقييم
وعن القوانين التشريعية الجديدة التي وافق عليها البرلمان النمساوي في الثامن من يوليو الجاري، كشفت مارشال عن أن الحزمة الحالية، ضمن قانون مكافحة الإرهاب، ليست سوى جزءٍ من سلسلة التدابير التي نفذ بعضها بالفعل، وبعضها لم يُنفّذ بعد، لافتة إلى أن القائمة الحالية للتدابير تتضمن في المقام الأول تغييرات في القانون الجنائي، وتغييرات في الإجراءات الجنائية، وفي نظام العقوبات، وتنظيم المحاكم.
وذكرت أن وزيرة العدل النمساوية ألما زاديتش، أول وزيرة نمساوية من عائلة مهارة، أعلنت عن حزمةٍ أخرى لا تزال قيد التقييم حاليًا.
تفاصيل التدابير الجديدة
كما كشفت الخبيرة في تنظيمات الإسلام السياسي، عن تفاصيل التدابير التشريعية الجديدة في النمسا والعقوبات التي تنطوي عليها؛ حيث قالت إنها تشمل: تضييق الخناق على عمليات غسل الأموال، والتدفقات المالية الإجرامية، مع فرض عقوبات جنائية أشد صرامة وأوسع نطاقًا.
وأضافت أنه فيما تخضع بعض الجرائم الآن لعقوبات دنيا إلزامية؛ فقد تم توسيع نطاق العقوبات الخاصة ببعض الجرائم الأخرى.
فعلى سبيل المثال، تم تمديد سلطة الدولة في الوصول إلى الأصول المالية إذا اشتبه في أن المتهم حصل على تلك الأصول من خلال أعمال إجرامية، كما يُمنح القضاة خيار مصادرة الأصول إذا تعذر مقاضاة المتهم أو إدانته على الجرائم.
قوانين تضمن عدم الإفلات من العقاب
واعتبرت الباحثة أن هذا التقدير القضائي الموسع يتيح مجالًا مهما للتصرف القضائي في حالة عدم اليقين بشأن مدى قانونية مصدر الأموال والأصول التي لا يستطيع المتهم أو لا يريد تفسير مصدرها، مشيرة إلى أنه في أعقاب تشديد تدابير تسجيل الصلات الأجنبية والتعديلات التي أجريت لم يعد بإمكان الوسطاء الإفلات من العقاب.
وأضافت أنه علاوة على ما سبق، تم تحديث قائمة الأصول لتشمل العملات الافتراضية، كما يجري إدخال إصلاحاتٍ على القانون الجنائي لسدِّ الثغرات القائمة؛ إذ يتعين الآن تعريف طبيعة الحركة المتطرفة بحيث تشمل الطوائف التي تدعو إلى العنف، وإنشاء دولة دينية تحل محل الحكومة الشرعية.
ومن ثم، سيصبح إنشاء مثل هذه الحركة الدينية المتطرفة التي تقود إلى أعمالٍ غير مشروعة، أمرًا يعاقب عليه القانون، وستعاقب الأعمال غير المشروعة بشدة أكبر، بحسب الكاتبة، ومن جانب آخر، فإن القانون واضح جدًا في أن الأعضاء السابقين في أي جماعة من هذا القبيل، الذين انفصلوا عنها قبل أن يشاركوا في أعمال غير قانونية، لا يتعرضون لأي خطر قانوني.
وتابعت "ماراشال": لن يكون من غير القانوني تأسيس، والعمل مع، حزب إسلامي يسعى إلى تغيير نظام الحكم الحالي في النمسا إلى نموذج ديني يسترشد بالشريعة الإسلامية، شريطة ألا تقوم الجماعة بأي أعمال غير قانونية.
فرض الرقابة الإلكترونية على المفرج عنهم بشكل مشروط
وأوضحت أن التدابير الجديدة تشمل أيضا فرض المراقبة الإلكتروني على الأشخاص الذين يخضعون للإفراج المشروط، حيث ينبغي أن يبلغ جميع المساعدين ومقدمي الرعاية عن التقدم المحرز أو أي انتكاسة إلى السلوك الإجرامي. ويمكن تمديد فترة المراقبة، وإن كان القانون مُقيّد بدقة في هذا الشأن، يجوز فرض المراقبة الإلكترونية لمدة أقصاها عشر سنوات.
واعتبرت الباحثة أن هذا التدبير يمكّن من عرض منتهكي القانون غير المتعاونين خلال فترة الاختبار أو في حالة عدم الامتثال لأوامر المحكمة، على السلطات القضائية.
وكشفت أنه من المقرر أن يتم إدخال ما يعرف باسم "مداولات الإفراج" في نظام العقوبات، وينبغي عقد مداولات خاصة في القضايا إذا ما تم تعليق الأحكام المتبقية على الجرائم الإرهابية.
ووفقا الكاتبة، تشمل التدابير الأخرى أيضا: سحب رخصة القيادة كخيار للمعاقبة، وتعليمات بشأن السلوك، وفي الحالات المبررة، سحب الجنسية النمساوية للأشخاص الذين يحملون جنسية مزدوجة.
وأخيرًا، هناك تغييرات في القانون المعني بالإسلام، الذي نظّم في عام 2015 على وجه التحديد العلاقة بين الطوائف الدينية الإسلامية والدولة النمساوية، بهدف زيادة الشفافية، ومن المنطلق نفسه، ستخضع قائمة الأئمة والدعاة العاملين الآن لمتطلبات إفصاح أكبر عن الموارد المالية والاتصالات.
واختتمت الباحثة مقالها قائلة أنه "بهذه الطريقة، يمكن محاربة الإرهابيين بأقل قدرٍ من القيود على الحقوق المدنية وحقوق الإنسان. ورغم أن الممارسة العملية تظل خيرَ دليل، فإنه على الورق، يبدو أن النمسا تسير على الطريق الصحيح."