أسرار من حياة سلماوي: رفض تولي وزارة الثقافة واعتذر عن جائزة نوبل
في الجزء الثاني من مذكراته الذي صدر تحت عنوان "العصف والريحان" عن دار الكرمة في 415 صفحة من القطع الطويل، يبدأ محمد سلماوي في استكمال سيرته والتي أنهاها في الجزء الأول عند عام 1981 ويكمل من هذه اللحظة وكانت فترة قلاقل في مصر إذ تولى حسني مبارك مقاليد الحكم بعد اغتيال السادات.
ناقش سلماوي فصله من جريدة الأهرام بعد 11 عامًا قضاها فيها، وتطرق بعدها لمسرحياته حيث عرضت له مسرحيتين هما "فوت علينا بكرة"، و"اللي بعده"، وحققتا نجاحا كبيرا، وإن كانت فوت علينا بكره قد حققت شهرة عالية حتى أنها عرضت في المحافظات وترجمت المسرحيتان، إضافة إلى مسرحيته الثالثة "سأقول لكم جميعا"، واستكمل سلماوي حديثه عن زيارة تحية عبد الناصر للعرض وإعجابها به.
أيقظته زوجته وقالت له:"لقد فزت بنوبل" فظن أنها تمزح وواصل النوم
يتطرق سلماوي إلى لحظة فوز نجيب محفوظ بنوبل فيقول:"كنت في مكتبي بوزارة الثقافة 13 أكتوبر 1988 عندما جاءني اتصال من الدكتور مصطفى عبد المعطي ليبلغني بأن الذي كان مديرا للأكاديمية المصرية بروما، التابعة للعلاقات الثقافية الخارجية وسأله إن كان نجيب قد حدث له شئ، فأخبره أن نجيب بصحة جيدة فقال له عبد المعطي إن الكثيرين اتصلوا يطلبون سيرة نجيب محفوظ الذاتية، فاتصل سلماوي بالأهرام ليزف إليه محمد باشا مدير التحرير خبر فوز محفوظ بنوبل، وأنه ابلغ زوجة محفوظ السيدة عطية الله فطلب منها أن تكف عن الدعابات وتجعله يكمل نومه، وهنا اتصل سفير دولة السويد في القاهرة" لارس-أولوفبريليوت" وطلب أن يأتي لزيارة محفوظ ليبلغه الخبر بنفسه.
السبب غير المعلن لعدم سفر نجيب محفوظ لتسلم نوبل
ولم يسافر محفوظ للسويد ليس للسبب المعلن وهو اعتلال صحته ولكن لعدم حبه للسفر وعدم ميله الشخصي للمهرجانات والاحتفالات، وبعد الجائزة اعتبر الكل ان عيد ميلاد محفوظ مناسبة قومية فكانوا يتوافدون على مجلسه وقد حمل كل منهم كعكة تعلوها الشموع بينما لم يكن محفوظ يقرب الحلوى اصلا بسبب إصابته بمرض البول السكري لكنه يضطر لمجاراة زواره، وتستمر الاحتفالات ليس اقول من اسبوع كان محفوظ يسميه "اسبوع الآلام".
اسباب اختيار محفوظ لسملماوي لتسلم جائزة نوبل
ويعرج سلماوي لاختيار نجيب له ليتسلم جائزة نوبل بعد أن تبين له ان السفير المصري لا يصح أن يتسلمها بديلا له، وكيف أن اختياره اثار الكثير من اللغط حتى ان أحد اقرباء محفوظ اتصل بأديب نوبل ليقول له أنه كان الاولى من سلماوي فرد عليه محفوظ:" إن أمي كانت اقرب لي منكما فهل كان يصح ان أرسلها لتسلم الجائزة؟"، وعندئذ قال له محدثه:"هذه جائزتنا كلنا وليس من حقك أن تختار وحدك من يتسلمها"، فأغلق نجيب الخط، ونشرت الصحف أن احتيار سلماوي ليس نهائيا وأن رئاسة الجمهورية ستتدخل لتحدد من يمثل محفوظ ليتسلم الجائزة وذكرت أسماء من بينهم ثروت عكاشة ولويس عوض وثروت اباظة.
اعتذار سلماوي عن السفر لـ استكهولم
وأشفق سلماوي على محفوظ فكتب رسالة يقول فيها:" لقد شرفتني باختياري من دون الناس جميعا لأكون ممثلك الشخصي في احتفالات نوبل، وهذا الشرف لن يستطيع أحد ان يسلبني إياه بعد أن كرمتني بإبلاغه رسميا للجنة نوبل، ثم بإعلانه بعد ذلك على الملأ، هو شرف أفخر له وأتمسك به، أما السفر لاستكهولم فاسمح لي أن أعتذر عنه مكتفيا بهذا الاختيار الكريمالذي سأظل أعتز به مدى الحياة".
وزار سلماوي نجيب محفوظ في الأهرام وسلمه الرسالة فتمسك به محفوظ وترقرق الدمع في عين سلماوي وسافر لمهمته".
رفضت وزارة الثقافة في عهد الجنزوري
يحكي سلماوي أنه بعد استقالة وزارة عصام شرف وتكليف الدكتور الجنزوري بالوزارة في 25 نوفمبر 2011، كان يجلس مع الدكتور عمرو موسى مع الاخير حين اتصل الجنزوري بعمرو موسى يعرض عليه تولي وزارة الخارجية، ولم يأخذ عمرو موسى العرض على محمل الجدية، بسبب حملته الانتخابية وأنه كان وزيرا من عشر سنوات وعرض المشير طنطاوي رئاسة الوزراء عليه قبل أن يستقر رأيه على د. الجنزوري، وبعدا رن هاتف سلماوي ليجد محدثه الدكتور الجنزوري ليعرض عليه وزارة الثقافة موضحا أنه يريد لحكومته أن تضم افضل الكفاءات:" وزارة الثقافة بالذات يجب أن يتولاها مثقف أو كاتب كبير يعيد غلى مصر ريادتها الثقافية ويحافظ على هويتها"، فاعتذر له سلماوي قائلا إن ظروفه الشخصية لا تسمح، فطلب منه الجنزوري أن يرشح له البديل، فتطرق لبهاء طار ومن بعده جمال الغيطاني ومن بعده شاكر عبد الحميد ليستقر الأمر على الأخير ويتولى حقيبة وزارة الثقافة.
الشعر بديل الصراخ : معذرة بغداد فقد آثرنا السلامة
يحكي سلماوي فترة غزو أمريكا للكويت وكيف دعمت حكومة توني بلير رؤية أمريكا وامتنع العرب عن تقديم يد العون للعراق، وكيف كان الصراخ محبسا في داخله، وحين صرخ كان يقول شعرا، كان هو البديل للكتابة والصحف والصراخ على أمة متفتتة، وفي قصيدته راح يعتذر للعراق الجريح، يقول سلماوي في قصيدته "معذرة بغداد فقد آثرنا السلامة".
معذرة بغداد
أن سقطت في النار
معذرة إن سقطت تحت غزوة المحررين
من جحافل التتار
معذرة أننا لم نهرع لنجدتك
لم نكن في البصرة ولا الموصل ولا اور
لم نأت لكربلاء ولا النجف الأشرف
حين دكت المدافع تاريخك الأكرم.
يروي سلماوي ذكريات سفره غلى مهرجان فيتنام وكلمته أمام رئيس فيتنام "ترونج تان سانج"، ومهرجان مدينة مديين بكولومبيا، ويحكي ذكريات لقاؤه بمادلين أولبرايت وسألها سلماوي:" لو كنت وزيرة للخارجية الآن فكيف كنت ستتصرفين بشأن تلك الفوضى التي خلفها الغزو الامريكي؟، وكان ردها:" لو كنت وزيرة للخارجية لما ذهبنا للعراق أصلا.