دراسة جديدة تكشف مصادر تمويل «الإخوان».. وتدعو لتشديد الرقابة على أنشطتها
أصدر مركز "تريندز للبحوث والاستشارات" دراسة بحثية جديدة كشف فيها النقاب عن شبكات ومصادر تمويل جماعة الإخوان الإرهابية، وآليات التمويل التي تستخدمها لمقاومة الضغوط الأمنية التي تواجهها، داعيا المجتمع الدولي إلى تشديد الرقابة على أنشطة الجماعة وفرض عقوبات دولية على المنظمات والمؤسسات التي تمولها، كما طالبت بضرورة "اتخاذ قرارات لا تميز بين الإخوان والحركات الإرهابية الأخرى".
نظام "اللامركزية" في التمويل
وذكرت الدراسة، أن جماعة الإخوان الإرهابية عملت منذ نشأتها على نظام "اللامركزية" وإخفاء الشبكات المالية التي تديرها الجماعات التي تعمل في إطارها الشامل، حيث لم تنخرط بشكل عشوائي في الأنشطة الاقتصادية، بل قامت بتنظيم وتنظير هيكل قائم على مبررات اعتبروها “شرعية”، من أجل ضمان بقائها وقدرتها على تنفيذ سياساتها وخططها بالكامل.
وأوضحت أنه بفضل الموارد المالية العالمية لشبكة الإخوان، تمكنت الجماعة من ترسيخ نفوذها في مختلف البلدان، سواء العربية أو الأوروبية، من خلال بناء المساجد وإطلاق الجمعيات وإنشاء مراكز البحوث، مشيرة إلى أن التنظيم الدولي للجماعة كثف من نشر مطبوعاته المختلفة وممارسة الأعمال الخيرية، وتنظيم منتديات تحت ستار الإرشاد الشبابي والثقافي؛ لكسب التعاطف الشعبي وإقامة علاقات مع المؤثرين السياسيين في تلك البلدان.
وأشارت الدراسة إلى أن جماعة الإخوان منذ نشأتها وهي تسعى إلى استخدام جميع أدواتها للحفاظ على مراكزها المالية، وبالتالي إخفاء تحركاتها وأنشطتها عن وكالات الأمن القومي، مضيفة "كما كان المعلمون والمثقفون هم الركائز الروحية للجماعة ، فإن الممولين هم الركيزة المادية لها".
إنفاق الأموال من أجل الدعوة
وتابعت: "أدرك جماعة الإخوان أهمية التمويل، وسعت إلى تأمين مواردها المالية وضمان استمراريتها من خلال حث أعضائها على إنفاق الأموال من أجل الدعوة ، وهي عملية تشجيع الناس على اعتناق الإسلام لمواجهة التراجع المتصور للدين."
ونوهت الدراسة إلى أن الجماعة ربطت عملية الإنفاق بالعبادة وجعلت أنشطتها السياسية مشروطة بالإجراءات الموازية للدعوة التي يُزعم أنها مطلوبة" لتأسيس شريعة الله على الأرض"، مشيرة إلى أن هذا المكون بالغ الأهمية لحماية البنية التحتية الاقتصادية للتنظيم الدولي للجماعة.
وذهبت الدراسة بالقول إلى أنه "نتيجة لذلك فأن ما يسمى بالتمييز بين مختلف الشركات والمنظمات التابعة للجماعة في جميع أنحاء العالم كان أمرًا تجميليًا بحتًا؛ حيث تم تغذية الأموال التي تم جمعها في نفس المراكز المالية، لذلك إذا تم قطع أحد مصادر الأموال، فلا يزال بإمكان المصادر الأخرى العمل."
نشأة الجماعة في مصر
وبينت الدراسة أنه منذ بدايات نشأة الجماعة في مصر، بنى مؤسسوها وقادتها نظامًا ماليًا عالميًا، فمنذ البداية، كان النظام المالي يقوم على ضرائب العضوية وعلى جباية الزكاة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، ولكن مع نمو الحركة وانتشارها، تم إنشاء البنية التحتية للدعوة نفسها كمصدر أساسي للدخل.
وأضافت "أصبح كل مسجد تم إنشاؤه مركزًا لتحصيل أموال الزكاة، وكان كل مركز إسلامي بمثابة مركز تحصيل، ودفع كل رجل أعمال ضريبة الصدقة."
جمع أموال الزكاة والصدقات
وأوضحت الدراسة أن جماعة الإخوان قامت بجمع الأموال من خلال "نظام الزكاة والصدقات"، حيث تناولت هذه اللائحة تشكيل "اللجنة العامة للزكاة في الشعبة" لجميع أعضاء الإخوان المستحقين لصرف الزكاة، وتختار اللجنة هيئة تنفيذية تتكون من رئيس وعضوين يتم اختيارهم من بين أعضاء الهيئة العامة بالاقتراع السري، وتقوم هذه الهيئة "بالإشراف على تحصيل وحفظ الزكاة المستحقة".
وتابعت الدراسة بالتأكيد على أن أموال الزكاة والصدقات لعبت دورًا مهمًا للغاية في البرامج السياسية للمنظمة، حيث اعتمدت الجماعة على الهيئات والمؤسسات التي تشجع الأثرياء على التبرع بصدقاتهم للإخوان لمساعدتهم على مساعدة الأسر ذات الدخل المنخفض طالما هم أعضاء بالجماعة.
وبحسب الدراسة، كانت الجماعة تروج لتلك المساعدات وتعتبرها بأنها أفضل من إنفاق الأموال على "أبناء الأمة الذين لا ينتمون إلى الجماعة "، مشيرة إلى ان الجماعة تستخدم هذه الأموال "في عمل الحزب والتنظيم بينما تحرم الفقراء والمحتاجون من الوصول إليها".
إخفاء استثمارات الجماعة
كما قامت الجماعة بخلط أموالها مع أموال أعضائها لإخفاء استثماراتها، حيث نقلت الدراسة عن دوجلاس فرح، الباحث في مركز التقييم الاستراتيجي والدولي في فرجينيا بالولايات المتحدة، قوله أنه يكاد يكون من المستحيل التمييز بين معاملات الإخوان على أساس ثروتها وتلك المستمدة من أصول أعضائها.
وأضاف "فرح" أن المعلومات المتاحة للجمهور عن الشبكة المالية لجماعة الإخوان تشمل مقتنيات وفروع مصارف وهمية ومؤسسات مالية حقيقية مقرها في بنما وليبيريا وجزر فيرجن البريطانية وجزر كايمان وسويسرا وقبرص ونيجيريا والبرازيل والأرجنتين وباراجواي مع الآخرين، وبحسب فرح، فإن "العديد من هذه الكيانات مسجلة بأسماء أفراد وليس مؤسسة بعينها".
وتابعت الدراسة أن هذا يتفق مع تصريحات منتصر عمران القيادي المنشق عن الجماعة الإسلامية، الذي أكد أن "المشاريع الاقتصادية العملاقة التي أقامها أعضاء الجماعة بأسمائهم هي في الأصل للتنظيم الدولي للجماعة"، ويضرب على سبيل المثال بنك التقوى، الذي يملكه يوسف ندا، والمراكز والمدارس الإسلامية في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ومشاريع أخرى في العديد من البلدان تعمل تحت أسماء مختلفة.
شركات وهمية
وذكرت الدراسة أنه فضل هذه العمليات، بلغت استثمارات الإخوان في الخارج مليارات الدولارات، مشيرة إلى أن الجماعة يدرون أرباحًا تبلغ نصف مليار دولار، يتم تحويلها سنويًا في شكل سندات إلى البنوك السويسرية، وتحمل هذه السندات أسماء شركات وهمية مما يسمح لها بالحصول على خطابات ضمان واعتمادات وهمية يتم من خلالها تحويل الأموال إلى الخارج.
واختتمت الدراسة بالنقل عن نادية سمنيت، رئيسة لجنة مكافحة الإرهاب في البرلمان البلجيكي، قولها إن توسع جماعة الإخوان الإرهابية في أوروبا ساهم في تقويض اندماج المسلمين في دول المنطقة، مضيفة إن القضية امتدت "إلى استغلال مواردهم المالية لنشر التطرف واستخدام الأراضي الأوروبية كنقطة انطلاق لأنشطتهم الإرهابية في العالم".