علي قطب: الرواية بوابة لكل الفنون وتقدم للمتلقي عالما يفتقده في واقعه (حوار)
يشارك الكاتب الشاب علي قطب، في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، والمقام حاليا بأرض المعارض في التجمع الخامس، ويستمر حتي منتصف شهر يوليو الجاري، بروايته الجديدة والصادرة حديثا عن دار العين للنشر والتوزيع، تحت عنوان "كل ما أعرفه".
و"علي قطب" كاتب ومهندس مصري من مواليد محافظة الغربية٬ حاصل على درجة الماجستير في هندسة الري، صدر له ثلاثة روايات هي: أنثى موازية" 2016 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ــ "ميكانو" 2011 عن دار شرقيات ــ ورواية "الانتظار" 2008 عن دار الهاني.
وحصل "علي قطب" على أكثر من جائزة أدبية منها: جائزة ساويرس الثقافية، جائزة وزارة الشباب والرياضة، جائزة المواهب الأدبية بالمجلس الأعلى للثقافة "دورة خيري شلبي"، جائزة إحسان عبد القدوس، جائزة أي ريد للقصة التاريخية، جائزة الصالون الثقافي العربي، جائزة أفضل قصة قصيرة على مستوى جامعة حلوان لأربع سنوات متتالية، كما حصل على جائزة أفضل قصة على مستوى جامعات مصر، وقد نشرت له مجموعة من قصص الأطفال بمجلتي علاء الدين وقطر الندى، كما شارك في كتابة وإنتاج الفيلم القصير "روح أليفة" الذي حصل على جوائز عديدة من مهرجانات سينمائية دولية.
عن توقيت إقامة معرض القاهرة للكتاب، والسر وراء رواج الروايات بين القراء، وحول الجوائز الأدبية وما تمثله للكاتب، والنقد هل هو غائب، وغيرها من القضايا كان لــ الدستور" هذا اللقاء مع الكاتب علي قطب، وإلى نص الحوار..
ــ بداية كيف ترى إقامة معرض القاهرة للكتاب في هذا التوقيت ؟
بشكل عام إقامة معرض للكتاب في أي وقت أمر عظيم؛ لأنه يتيح الفرصة لمحبي الثقافة ومتلقيها الإطلاع على أحدث الإصدارات في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، فإن إقامة المعرض في هذا التوقيت أمر يلبي أحلام المثقف ويربط الثقافة بالحياة، فاستمرارية المعرض في مصر نوع من تعبير المصريين عن هويتهم الثقافية الإنسانية.
ــ شهد العقدين الأخيرين من الألفية الثانية انتشارا ورواجا ملحوظا لفن الرواية. هل ترى أن الرواية صارت ديوان العرب المعاصر؟
الرواية قادرة على استيعاب الروح الشاعرة لدى كل مبدع وعند كل متلقي يبحث عن الحقيقة والجمال، فالرواية بوابة لكل الفنون أو مدينة سحرية موازية للعالم وعاكسة له في الوقت نفسه، والعلاقة بين الفنون تبادلية وقائمة دائما، كما أن الرواية تقدم للمتلقي عالما يفتقده في واقعه أو ينظم له واقعه. من وجهة نظري أن الروائي في أعماقه شاعر وموسيقى ورسام وإن لم يكن يتمتع بذلك لن يستطيع تخطيط عالمه الروائي بشكل جمالي يجذب المتلقي.
ــ هل تعاني الساحة الثقافية المصرية من أزمة نقد ولماذا؟ وكيف ترى دور الناقد في العملية الإبداعية؟
بالفعل الساحة الأدبية تعاني نقصًا شديدًا في الأداء النقدي، وتفتقد بدرجة كبيرة الأصوات النقدية القادرة على بلورة العناصر الجمالية والفكرية ومنح الأعمال خصوصية على عكس ما كان يحدث مع أجيال سابقة، فلا يوجد الآن أصوات كطه حسين والعقاد وشكري عياد ولويس عوض وعلي الراعي وعبد القادر القط، كما أننا نفتقد فكرة مصاحبة النافد لجيل، فالنقاد يمارسون عملهم على كل الأجيال وكل الأعمال وهو أمر مستحيل، لابد أن تصاحب كل مدرسة وكل تيار فلكل شكل نقاده، وللأسف النقد الآن يعاني من الإغراق في المنهجية الشكلية أو من الانطباعية والأحكام العامة، وهذا لم يمنع وجود أصوات نقدية مفيدة وبعض المشاركات المتميزة لقراء في المواقع الخاصة بالقراءة وبعض المنتديات الأدبية.
ــ ما رأيك في "موضات" القراءة والكتابة، بمعنى في فترة ما سادت وانتشرت روايات الرعب٬ وفي فترة لاحقة ظهرت الروايات التاريخية بكثافة٬ هل توقفت عند هذه الظاهرة وكيف تحللها ؟
لابد للكاتب أن يكون قادرًا على قراءة المشهد الثقافي، فانتشار روايات الرعب في فترة من الفترات كان بسبب جذبها لفئة معينة من القراءة تتمثل في صغار الشباب، أما بالنسبة للرواية التاريخية فانتشارها عربيا مواكب لانتشارها عالميًا، وتعتبر قراءة للتاريخ بشكل جمالي كما أنها تجذب القراء لكني أرى أنه لا يجب الاعتماد على عليها كمرجع لمعرفة التاريخ.
ــ لمن يقرأ علي قطب ولا يفوت عملًا له ؟
كلاسيكات الأدب العالمية أمر مفروغ منه للكاتب والقارئ، ثم الإفادة من جيل ترك بصمة واضحة على الجيل الحالي، فأنا استمتع جدا بالقراءة لمكاوي سعيد ومصطفى ذكري ومنتصر القفاش ومنصورة عز الدين ومي التلمساني وأحمد مراد وأحمد القرملاوي ومحمد عبد النبي، وهناك أدباء لديهم مشاريع متكاملة لابد من الاهتمام بها مثل محمد المخزنجي وعادل عصمت ومحمد المنسي قنديل.
ــ فزت بعدد من الجوائز من بينها جائزة ساويرس الأدبية. ماذا تعني لك الجوائز؟ وهل تكتب عملا ما وعينك علي جائزة بعينها؟
تسهم الجوائز في توجيه الأنظار تجاه عمل معين عند الفوز بها وهذا ما حدث معي في "أنثى موازية" حين فازت بجائزة ساويرس الثقافية التي أسهمت في وضعي على خريطة الكتاب الشباب، والجوائز عموما تمثل أحد الحوافز للكاتب، فهي تتيح له فرصة أكبر للقراءة من قبل كثيرين، فقراءة العمل هي المكافأة الحقيقية لكل من يكتب.
أما بالنسبة لأن تكتب وعينك على الجائزة أراه أمرًا صعبًا ومقيدًا للكاتب لأنه قد يجبره على الكتابة في محور معين قد لا يرغب في تناوله في الوقت الحالي.
ــ ما كتابك المفضل؟ ولماذا؟
المعاجم مادة أساسية للمعرفة والإلهام وفهم العالم، فممكن أن أجد كلمة في المعجم تلهمني بموضوع رواية.
ــ ما أول كتاب شجعك على الكتابة؟
سرديات بورخيس، ورواية العيب ليوسف إدريس لأنها تجمع بين الجمال والدقة والفكر.
ــ ما أقرب بيت شعر إلى قلبك وهل ينطبق على موقف من حياتك؟
بيت لشاعر مصري اسمه ظافر الحداد يقول: ومن غُربةٍ يبكِي الجنينُ إذا بدا.. وقد كان في ضيقٍ وفرطِ ظلامِ
ــ ما أغرب موقف قابلته في الوسط الثقافي؟
كنت أحضر إحدى الندوات كان الناقد يتحدث عن سلبيات رواية ولم يرد المؤلف ورد أحد الحاضرين في القاعة بدقة شديدة ودافع عن العمل وكأنه هو كاتب الرواية.
ــ من أقرب أبطال رواياتك/ قصصك لك.. وما قصته ولماذا؟
شخصية "عبير" بطلة رواية أنثى موازية، لأنها شخصية حقيقية.
ــ هل تذكر أول شىء كتبته في حياتك؟
كنت أكتب قصصًا للأطفال وقد نشرت جزءًا من هذه القصص في مجلتي علاء الدين وقطر الندى.
ـ هل هناك شخصية في فيلم مفضلة لك؟ ولماذا؟
شخصية جعفر الراوي في فيلم قلب الليل، لأنه كان مصرًا على الوصول إلى يقين.
ــ هل لك موقف مع كاتب أو فنان كبير تذكره دائما؟ ما هو؟
قبل عشر سنوات حين حصلت على جائزة إحسان عبد القدوس في الرواية وكان المحكم الكاتب الكبير فؤاد قنديل – رحمه الله – الذي احتفى بي بشدة وشجعني جدا على الاستمرار ولم يكن يعرفني بشكل شخصي وكان هذا دعمًا كبيرًا لي في هذا الوقت لأنني لم أكن قد أكملت العشرين عاما وقتها.
ــ ما القصة التي تحلم بكتابتها يومًا ما؟
أتمنى الكتابة عن ونفرد هولمز التي كتبت كتاب "كانت ملكة على مصر"
ــ لو معك تذكرتين سينما من تدعوه من شخصيات تاريخية؟
الخديوي اسماعيل.
ــ هل تؤمن بالسحر؟
لابد من تجاوز مفهوم السحر بمعناه الضيق، فهو موجود في كل شيء، بداية من حضارات الشعوب وحتى في الكتابة، فلقد استطاع أدباء أمريكا اللاتينية أن يدمجوا السحر بالواقع، وإذا كان المقصود بالسحر هو معالجة طبيعة المادة للإفادة منها في تطبيقات أخرى فهذا علم، والمثل المصري يقول "يصنع من التراب ذهبًا" والذي يفعل ذلك ليس ساحرًا بقدر ما هو عالم ذكي.
ــ إذا كتبت قصة من سطر واحد عن الموت كيف ستكون؟
سأترك السطر فارغا.
ــ هل تعترف بقاعدة "أكتب عما تعرفه" أم أن المبدع من حقه خوض آفاق تجريبية حتي لو لم يعرفها؟
لابد أن ينطلق الكاتب بداية من المعرفة، فكل الخيال له مرتكز فكري يتحرك منه.
ــ بين الكتاب الورقي والإلكتروني أيهما الأقرب إليك ولماذا ؟ وهل الكتاب الورقي في طريقه للزوال ؟
أتعامل مع الاثنين، لكن الكتاب الالكتروني عملي أكثر وأيسر في الاستخدام، لكننا حتى الآن لا نستطيع التخلي عن الكتاب الورقي، الذي يمكن إهدائه إلى الأصدقاء.
ــ هل عانيت صعوبات في أول طريقك مع النشر ؟
طبعا، لكن الآن أصبح هناك بدائل يتيحها النشر الالكتروني، لكن النشر الورقي مازال صعبا، فالكاتب يقدم نفسه دائما باعتباره صاحب كتاب منشور. وأنا حاولت التعامل مع الناشر في تجاربي السابقة كصديق، وبالفعل كسبت أ.حسني سليمان صاحب دار شرقيات الذي له فضل كبير على كثير من الأجيال بداية من جيل إدوار الخراط إلى جيلنا.
ــ العديد من الأعمال الأدبية تحولت إلى الدراما المرئية كيف ترى الأمر، وهل تحول الخيال المقروء إلي مشاهد مرئية يضيف أم يضر بالعمل الأدبي ولماذا ؟
بداية من تجربة نجيب محفوظ حتى تجربة أحمد مراد أجد الدراما قد أضافت جدا إلى التجربة الروائية الخاصة بهم، كما أن كبار كتاب الدراما هم في الأصل أدباء كوحيد حامد وأسامة أنور عكاشة ومحمد جلال عبد القوي.
ــ كيف ترى دور المثقف والثقافة في محاربة الأفكار التكفيرية ؟
الثقافة فلسفة حياة والإرهاب فناء وتدمير للحضارة لذا فالمعادلة واضحة، وترسيخ دور الثقافة كما يحدث الآن هو مقاومة لكل الأفكار السلبية ونشر للتحضر وبحث عن المشترك بين الشعوب وإثراء للنفس وذلك بعكس النفوس المجدبة التي لم تتشرب الثقافة الراقية. إن الثقافة منهج للحياة وليست مجرد شعار، فهي تدريب للطفل منذ صغره على القراءة والرسم والرياضة وزيارة المسرح والسينما، في كل هذه المظاهر والفعاليات مقاومة حقيقية للإرهاب.