بعد واقعة طالب «الطب».. «الدستور» تخترق «مافيا» تزوير الشهادات الدراسية
واقعة هزت أرجاء جامعة القاهرة، حيث تم الإعلان عن تزوير طالب في كلية الطب أوراق شهادته في الثانوية العامة لعام 2018/2019، وكشفت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، عن وجود 2 استمارة نجاح تتضمن نفس رقم الجلوس مع اختلاف الأسماء الواردة بالاستمارات على الرغم من تطابق الدرجات والمجموع الكلي لكلا الطالبين"، وهو الأمر الذي استدعي تحويله إلى الشئون القانونية للتحقيق في هذه الواقعة.
توضيح من وزير التعليم
وبعد البحث، خرج الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بتوضيح النتائج وهي أن رقم الجلوس الذي يحمل رقم 292550 يخص طالب آخر يسمى فادي فرج سعد سعيد، وهو ليس الطالب محل الواقعة فادي أيمن منصور منصور، فتقدم الأول بطلب لسحب شهادة النجاح، وتقدم إلى الإدارة العامة للامتحانات "إدارة الشهادات" بطلب لتعديل اسمه من (فادي أيمن منصور منصور) إلى (فادي فرج سعد سعيد).
ثبوت البراءة
وأوضحت الوزارة أنه بالرجوع إلى السجلات بلجنة النظام والمراقبة، تبين حصول "منصور" على على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة بالشعبة العلمية (علمي علوم) بمجموع (405.5)، وأنه لا توجد بيانات باسم "سعيد".
وبعد ثبوت ذلك خرج "منصور" معلنًا عن سعادته بقوله: "الحمد لله أثبتت براءتي"، وسيتم تعويض الامتحان الذي لم يدخله عقب انتهائه من باقي امتحانات مواد الفصل الدراسي الثاني، وذلك بقرار مباشر من الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة.
الحديث عن أزمة "منصور" جعل "الدستور" تفتح ملف التزوير في بيانات وشهادات الطلاب، لنصل إلى أن الأمر ليس صعبًا، حيث كرست صفحات على "السوشيال ميديا" جهدها للقيام بتلك المهمة، فما عليك سوى البحث عنهم لتجد عشرات الصفحات التي تعلن عن ذلك بشكل واضح، في غياب الرقابة على مثل تلك الأنواع من الصفحات.
مغامرة لـ"الدستور" مع مزوري الشهادات: الأسعار تتراوح بين 3000 و3500 جنيه
بحثت "الدستور" عن تلك الصفحات، فكانت إحداها تحمل اسم "شهادات معتمدة"، مكتوب في أول منشور لها: "كل من لم يحصل على مؤهل.. الآن تستطيع أن تحصل على مؤهل تستطيع أن تعمل به في القطاع الخاص.. أما عن القطاع الحكومي فله أيضًا طرقه السليمة عندنا بإذن الله.. يتم استخراج شهادات (بيان النجاح - الثانوية العامة - الثانوي الصناعي - الدبلومات - البكالوريوس - الماجستير - الدكتوراه).. جميع الشهادات التي تحتاجها بإذن الله".
تواصلت "الدستور" مع الصفحة لنرى كيف تتم عملية التزوير والحصول على تلك الشهادة، فأجاب مسئولها أنه يحتاج إلى مبلغ 3500 جنيه، على أن يتم إرسال 2000 مقدمًا عبر “فودافون كاش” والذي سيرسل رقمه عقب إرسال البيانات المطلوبة، وهي صورة من البطاقة وشهادة الميلاد وصورة شخصية، وستكون جاهزة خلال أيام، مختومة من الإدارة التعليمية التي أريدها على مستوى الجمهورية، فهو بحسب قوله: “عندنا الناس بتوعنا في كل إدارة وكله بيخلص بالفلوس والعملية مضمونة”.
وخلال التعليقات على هذا المنشور انبثق عدد آخر من المتابعين للصفحة، كتبوا فيها: "اللي عاوز شهادات يكلمني"، وبالفعل تواصلنا مع أحدهم أيضًا لنكشف آلية تزوير تلك الشهادات، أحدهم يدعى محمد أحمد، وتظاهرت محررة “الدستور” أنها تريد شهادة ثانوية عامة بقسم علمي علوم بمجموع 405 لسنة 2018، على أن تكون صادرة من إدارة القاهرة التعليمية.
“أعرف ناس في الإدارة هيخلصولنا القصة”، هكذا كانت الكلمات الأولى لـ"أحمد"، الذي ادعى أنه أحد موظفي إدارة القاهرة التعليمية، وطلب مبلغ 3000 ج مقابل شهادة معتمدة من الإدارة التعليمية، على أن تكون جاهزة خلال أسبوع على الأكثر، والمطلوب في الوقت الحالي 1500 جنيه عربون مقدمًا، أيضًا صورة البطاقة من الناحيتين وصورة شخصية وصورة شهادة الميلاد، والاستلام سيكون في الإدارة التعليمية نفسها، مؤكدًا أنه سيتواجد خلال عملية التسليم.
وقائع سابقة
وقائع التزوير في الشهادات ليست وليدة اللحظة فهناك حوادث سابقة لما قمنا بسرده في البداية، ففي فبراير 2020، أعلن الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمي، عن 177 طالب مزور كان قد التحق معظمهم بكليات الطب وطب الأسنان والصيدلة، والذي أعلن وقتها التحقيق في تلك الوقائع من جانب الوزارة بمجرد اكتشاف التجاوز القانوني فى قبول هؤلاء الطلاب بعدد من الجامعات، وسيتم تشديد العقوبات منعًا للتكرار.
وفي 10 نوفمبر 2018، كشفت مباحث الأموال العامة بالجيزة، عن تزوير 12 شهادة ثانوية عامة؛ 6 طلاب التحقوا بالمعهد العالي للعلوم الإدارية، و4 بالمعهد العالي للإعلام وفنون الاتصال، وطالب بالمعهد العالي للحاسب الآلي ونظم المعلومات وطالب بالمعهد العالي للاقتصاد.
وأوضحت التحريات أن وراء هذه الجريمة صاحب مدارس خاصة ومقيم بمنطقة قسم بولاق الدكرور، يقوم بتزوير بيانات النجاح للطلبة بمراحل التعليم المختلفة، وشهادات النجاح بمراحل النقل، وغيرها وذلك في مقابل أجر مادي، كشفه أحد الطلاب الذين زوّر لهم أنه قد يصل إلى 70 ألف جنيه للشهادة.
وفي يوليو 2018، تم إحالة رئيس قسم شؤون الطلبة بمديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية للمحاكمة التأديبية العاجلة، بسبب قيامه بالتلاعب والتزوير في بيانات النجاح لـ4 طلاب في امتحانات شهادة إتمام دراسة الثانوية العامة واستخراج تلك البيانات المزورة عن دور أول لعام 2015 والمنسوب صدورها لمديرية التربية والتعليم بمحافظة القليوبية.
أما بالنسبة للطلبة المزورين، أكدت الكليات التي تم التحاق الطلبة بها وهي (الصيدلة والهندسة والتجارة) جامعة عين شمس إلغاء قيدهم بالكليات المختلفة، لثبوت تزوير بيانات النجاح الخاصة بهم.
قانوني: عقوبة التزوير تصل للأشغال الشاقة
تواصلنا مع أحمد كمال، المحامي، لتوضيح العقوبات التي يتم توقيعها على المتهمين بالتزوير، فقال إنه بحسب قانون العقوبات تنص المادة 211 "1" على:"كل صاحب وظيفة عمومية ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويرًا فى أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلت أو دفاتر أو غيرها من السندات والوراق الأميرية سواء كان ذلك يوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة أو بالسجن".
وتابع "كمال"، في حديثه مع "الدستور"، أنه بحسب المادة 214، فإن استخدام تلك الأوراق المزورة تؤدي بالشخص أيضًا إلى العقاب بالأشغال الشاقة أو السجن من 3 إلى 10 سنوات.
