حلف الأشقاء.. عراقيون وأردنيون يتحدثون لـ«الدستور» عن «القمة الثلاثية» فى بغداد
ثمّن عراقيون وأردنيون القمة الثلاثية التى جمعت قادة مصر والعراق والأردن، أمس الأول الأحد فى بغداد، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أول زيارة لرئيس مصرى إلى العراق منذ ٣٠ عامًا، مؤكدين أن هذه القمة استثنائية بكل المقاييس، وتعيد العراق إلى حاضنته العربية بعد سنوات طويلة من الغياب.
وأشار عدد من المحللين والباحثين من العراق والأردن إلى أهمية الموضوعات التى تناولتها القمة، وعلى رأسها قضايا التكامل فى مجال الطاقة والربط الكهربى وغيرها من المشروعات الاقتصادية المهمة، إلى جانب تبادل الرؤى حول عدد من قضايا المنطقة، وتوحيد الجهود فى مجال مكافحة الإرهاب ومواجهته لتحقيق السلم والأمن المجتمعى للمنطقة كلها.
إياد المجالى: تعالج القضايا الحيوية.. وتدفع بمصالح الشعوب إلى التكامل
قال الدكتور إياد المجالى، الباحث الأردنى فى العلاقات الدولية مدير المركز الديمقرطى العربى مدير الاستشارات بجامعة مؤتة بالأردن، إن القمة المصرية الأردنية العراقية تعكس جهود الدول الثلاث للحفاظ على مصالحها الحيوية المشتركة.
وأضاف: «فى إطار معادلة التوازن الاستراتيجى، تتبدى مساعى قادة مصر والأردن والعراق فى متابعتهم الحثيثة والمباشرة لما أسفرت عنه لقاءاتهم فى مارس من عام ٢٠١٩ وشهر أغسطس من عام ٢٠٢٠، وجاء لقاء قمة الأحد استكمالًا لجهود الحفاظ على مصالحهم الحيوية المشتركة من جهة، وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات والفواعل السياسية التى يمكن أن تهدد السلم والأمن على المستويين الإقليمى والدولى من جهة أخرى».
وواصل: «قمة بغداد، التى جمعت الرئيس عبدالفتاح السيسى والعاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى ورئيس مجلس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، تشكل نتائج سياسية واقتصادية، ولها من الدلالات والأبعاد ما يجعلها قمة استثنائية فى محاور التعاون والتحالف الاستراتيجى، وتعالج فى مضامينها ورسائلها الرمزية جملة من القضايا والمسائل المشتركة، للدفع بمصالح شعوب الأقطار الثلاثة نحو التكامل فى الاستثمارات والمشاريع التنموية والربط الكهربائى ومشاريع الطاقة، إضافة إلى توحيد الجهود فى مكافحة الإرهاب ومواجهته لتحقيق السلم والأمن المجتمعى».
وتابع: «تلك القمم المتتالية تجسد أُطر التعاون الاستراتيجى والعمل العربى المشترك الذى بات يواجه أصعب التحديات والمتغيرات التى تترجمها التطورات الإقليمية، الأمر الذى ناقشه القادة الثلاثة فى جدول أعمال مباحثات القمة، وحقق بهذا المستوى تعاونًا مشتركًا وتفاهمًا كبيرًا وفقًا لمعطيات وطموحات غاية فى الدقة والأهمية والموضوعية، وستعمل أجهزة الدول الثلاث فى سلطاتها التنفيذية على استكمال ما أنشأته هذه اللقاءات من نتائج».
عبدالكريم الوزان: تسهم فى مواجهة التدخلات الإقليمية بجانب المكاسب الاقتصادية
اعتبر الدكتور عبدالكريم الوزان، الأكاديمى والباحث العراقى فى مركز أبابيل للدراسات الاستراتيجية، أن القمة الثلاثية لمصر والعراق والأردن مهمة للغاية، لأنها تأتى فى أوقات عصيبة يمر بها العراق.
وقال «الوزان»: «الزيارة جاءت بعد فترة طويلة من الانتظار، حيث إن التحالف العربى والفهم العربى للأخطار المحدقة للمنطقة كان لا بد أن ينطلق مبكرًا، خاصة التحالف بين الأقطار التى لها ثقل كبير من ناحية الجوانب الاستراتيجية والاقتصادية فى الوطن العربى، مثل مصر والأردن والعراق».
ولفت إلى أنه من الضرورى أن تكون هناك لقاءات مستمرة بغرض تحديد الضعف الواهن فى المنطقة، مشيرًا إلى أن أهمية هذه القمة لا تتلخص فى جوانبها الاقتصادية والتجارية فقط، بل واجهت التدخلات الإقليمية.
وذكر أن «هذا يهم العراق بالدرجة الأولى، لا سيما أنه أحوج إلى التضامن العربى خاصة المصرى والأردنى، خاصة أن مصر تمثل ثقلًا عربيًا استراتيجيًا وسياسيًا واقتصاديًا، والعراق أحوج ما يكون لهذا الدعم باعتبار مصر هى الشقيقة الكبرى للعرب، وهى البلد الأكثر استقرارًا».
وواصل: «ضبط الجانب الأمنى ضرورى إلى حد كبير بين الأقطاب الثلاثة، حيث إنها تترابط فى الرؤى والأهداف والأهمية والمخاطر المحدقة بها لنصرة الأمة العربية من خلال مصر»، مشددًا على أن «الأردن أيضًا يمثل أهمية كبيرة فى هذا التحالف، فهو محاذٍ للعراق ولمصر ولإسرائيل ولسوريا، وله امتدادات وعمق عربى وله ثقل اقتصادى مع العراق من الدرجة الأولى».
واختتم حديثه قائلًا: «لا بد أن نعيد العراق إلى لُحمته العربية ونسيجه العربى، فالرئيس عبدالفتاح السيسى أكد مرارًا رفض التدخلات الإقليمية فى العراق، وهذه رسالة واضحة لجميع الدول التى تعبث بأمن العراق، كما أن هذا يشكل إنقاذًا كبيرًا لعروبة العراق من خلال تصريحات الرئيس السيسى وتضامن العاهل الأردنى».
مصلح السعدون: أكدت الموقف الموحد بشأن سد النهضة وضرورة تحقيق السلام الإسرائيلى الفلسطينى
رأى المحلل السياسى العراقى الدكتور مصلح السعدون، أن القمة الثلاثية لمصر والعراق والأردن جاءت فى وقت يمر فيه العراق بظروف استثنائية، منها انتشار السلاح ومحاولة جهات داخلية وخارجية اختطاف الدولة، عبر تنفيذ هجمات بواسطة الطائرات المسيرة، تستهدف المواقع الأمنية العراقية ومقرات البعثات الدبلوماسية.
وأضاف «السعدون» أن هذه القمة مهمة جدًا لأن العراق يستعد-حاليًا- لإجراء انتخابات مبكرة، قد تكون فى أكتوبر المقبل، لافتًا إلى أن القاهرة تدعم النظام السياسى العراقى الذى يفتقر الخبرة، بعد عدم نجاحه فى جعل العراق مستقلًا اقتصاديًا وسياسيًا منذ ٢٠٠٣.
ولفت إلى أن الدول الثلاث تحتاج إلى التعاون والتكامل فى مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار، إذ جرى الاتفاق على الربط الكهربائى بين الدول الثلاث وتزويد مصر العراق بالغاز عبر الأردن، وربط النقل البرى بين الدول الثلاث، عبر ميناء «نويبع- العقبة» ثم معبر «الكرامة- طريبيل».
وأشار إلى أن التعاون سيتضمن تسهيل إجراءات منح التأشيرات بين الدول الثلاث، وتبادل المعلومات حول تحركات الخلايا الإرهابية، التى تعتدى على الأراضى المصرية والعراقية وكذلك الأردنية، لتشكيل قاعدة أمنية لتوفر لكل دولة فرصة العيش بأمان.
ونوه بأن عودة الأمن للعراق يعنى عودته للمنطقة بأكملها، وأن الانفتاح العربى على العراق سيدعم جهود الحكومة فى مواجهة الأوضاع الجيوسياسية، وقال إنه جرى الاتفاق على دعم مصر والسودان فى رفضهما مشروع سد النهضة الإثيوبى لما يتسبب فيه من أضرار اقتصادية للدولتين، وتفعيل جهود السلام فى المنطقة بما يضمن حقوق الشعب الفلسطينى.
عبدالغفار السامرائى: خطوات جادة لتوحيد المواقف تجاه التحديات المختلفة
وأضاف أن أهمية هذه القمة تتضح من خلال الموضوعات التى جرت مناقشتها وما جرى الاتفاق عليه والأثر المرجو منه، إذ إن القمة تعزز التكامل العربى الأمنى والاقتصادى والاستثمارى والسياسى، مشددًا على أن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى ستنعكس آثارها على مستقبل العلاقات بين الشعبين العراقى والمصرى.
شدد المحلل السياسى العراقى، الدكتور نزار عبدالغفار السامرائى، على أن القمة الثلاثية التى عُقدت فى بغداد تعد حدثًا مميزًا للعراق، موضحًا أن العراق لن يستطيع الاستمرار فى دوره الحضارى دون الحاضنة العربية، كما أن العرب لا يمكن أن يكونوا قوة إقليمية دون أن يكون العراق جزءًا منها.
وقال إن انعقاد القمة الثلاثية فى بغداد هذا العام يختلف عن انعقادها فى العاصمة الأردنية العام الماضى، خاصة أن التحديات أصبحت أكبر بكثير، مؤكدًا استمرار محاولات إبعاد بغداد عن أشقائها فى العواصم العربية.
وشدد على ضرورة وجود خطوات جادة وقوية لتحقيق ما يصبو إليه العرب من توحيد المواقف تجاه التحديات الإقليمية، لافتًا إلى أن العامل الاقتصادى بات يشكل الأساس الأهم للعلاقات بين الدول المختلفة ما يعنى وجود قوة اقتصادية إقليمية يمكن لها أن تتوسع لاحقًا.
وأضاف: «يمكن للدول الثلاث بناء مواقف مشتركة قوية، تكون مؤثرة فى الأحداث والسياسات الإقليمية، بما يجعلها تتحرر من الضغوطات القائمة ومحاولات الهيمنة والسيطرة للدول الكبيرة التى تعمل على فرض إرادتها على شعوب المنطقة»، مختتمًا: «كل ما نتمناه أن يفتح اللقاء الحدود بين شعوب البلدان الثلاثة للتعايش معًا ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية».