صفاء عبد المنعم تنتظر «مقعد على بحر النيل» في معرض القاهرة للكتاب
تشارك الكاتبة صفاء عبد المنعم في فعاليات الدورة الثانية والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمزمع انطلاقه الأربعاء المقبل، وذلك من خلال مجموعتها القصصية الأحدث "مقعد على بحر النيل"، والصادرة عن دار ميتابوك للنشر والتوزيع، وتقع المجموعة فى حوالى 260 صفحة من القطع المتوسط،وتضم 41 قصة.
وتعتبر مجموعة "مقعد علي بحر النيل" هي رقم 12 من الإصدارات القصصية للكاتبة صفاء عبد المنعم.
حيث كانت أول مجموعة صدرت لها هي "حكايات الليل" عام 1984 مجموعة مشتركة، وأخر مجموعة لها كانت "عادى جدا طبعا" التى صدرت عام 2020 عن دار النسيم للنشر والتوزيع.
ومن بين عام 1984 إلى عام 2021 أصدرت الكاتبة صفاء عبد المنعم حوالى37 كتابا بين القصة والرواية وكتب الأطفال والدراسات الشعبية، حيث لها كتاب "أغانى وألعاب شعبية" للأطفال وكتاب "داية وماشطة" الذى صدر عن دار غراب للنشر والتوزيع، وكتاب "يوميات مديرة مدرسة" عن دار روافد للنشر والتوزيع.
وتتسم رحلة الكاتبة صفاء عبد المنعم بالتنوع والثراء.كما أنها تقيم ورش حكى للأطفال وتدريب الأطفال الموهوبين منذ عام 2011 حيث كانت تعمل مديرة مدرسة تابعة لإدارة غرب القاهرة التعليمية.
ومن إحدي قصص مجموعة "مقعد علي بحر النيل"٬ والمعنونة بــ"نقوش" نقرأ: تشاغلت عيناى بمتابعة النقش البارز فى اللوحة المعلقة عالياً و طنين الأغانى المتلاحقة يأتى إلىَ من الشارع وصوت الباعة الجائلين من آن لآخر يخرجنى من غفوتى المتشاغلة بالنظر إلى السقف؛ كانت اللوحة الكبيرة عبارة عن سوق كبير للعامة فى زمن القاهرة القديمة وربما يكون تحديداً فى العصر الفاطمى أو المملوكى .
إنى لم أحدد بعد هوية اللوحة؛ فقط تشاغلت بمتابعة الهدوء والسكينة والبضائع المتراصة بشكل ساذج على قارعة الطريق؛ وقليل من المارة يتوافدون .وحدى أشق طرفى الثوب إلى نصفين؛ تنتابنى حالة من اليأس لم أعتاد عليها ولكننى رأيت ما رأيت طرفى الثوب تتباعدان، تتصاعدان، إلى أعلى أعلى، ترفان صوب اللوحة، صوب الفارس، صوب الشارع "كل ما تخيلته هو أننى أجول فى اللوحة مزهوة . زوجان من الأحصنة المجنحة ترتديان شقى الثوب وترفان .
آه هل أنا متعبة إلى هذا الحد ؟
دون رغبة فى شئ أخذت أصرخ، أصرخ خارجة من اللوحة؛ كانت الخلفية غير الواضحة لمسجد كبير، ومشربيات جد جميلة، مشغولة بحنكة الصانع الذى دقق كثيراً فى جميع التفاصيل .الخشب يحمل رائحة الأيام فتطير سعادة لزمن سابق؛ الأفاريز تخرج منها حكايات المارة والصانع؛ تحكى الأفاريز تاريخاً كان يتحرك ويتلون ويصبغ الأيام بصبغته .
مملوك فوق جواده يمر متنزهاً بين مقتنيات اللوحة وأمامه يجرى رجلان يفسحان له الطريق، سقطت رأس المملوك تدحرجت تحت أقدام الجميلة خارجة من حمام قديم فبان وجهها جميلاً صافياً؛ حياها الفارس وتمهل ملياً وهى تلتقط اليشمك والحَبرة وتعيد وضعهما من جديد .
الأيام والأزقة والمرأة ورأس المملوك وتحية الفارس وبسمة الجميلة كل هذا لم يبعد صوت المارة؛ والموسيقى الداخلية المنبعثة من المحل تمنع تأملى للوحة .تبدلت الموسيقى بأغنية شائعة "بابا قول لماما بح ، بابا أوبح" دارت عيناى المتأملة اللوحة تجاه الفارس ومددت يدى أمسك المهماز تركنى وسار عبر الأزقة . "هنا كانت ترتكز فتاة على حافة السور خارجة من زمنها ، من أيامها والآن تمر محملة بعطر رخيص وسنوات بعيدة".
إنها اللحظة .. وتمر .. تاركة السور والشارع ونهداها عالقان على الحافة ومرت هى من المحل، والأخرى من الصورة؛ هى من الشارع، والأخرى من لوحة بعيدة؛ هى من حافة السور، والأخرى من زمن قديم؛ هى من الزمن الأتى، والأخرى من العصر الفاطمى أو المملوكى .
"إنها القاهرة القديمة" مبانيها، ضواحيها، أفاريز الجامع، خشب المشربيات، المملوك والفارس والفتاة ورائحة بخور المر فى يد الدرويش يثير فى اللوحة دخانه، طاقاته، خرفاته، خرقه البالية ... وتذوب اللحظات البطيئة فى ثلجية مفرطة بين عين الواقفة المتأملة، وعين الجميلة فى اللوحة العالية المعلقة من زمن بعيد بعيد وقديم .
إنها الآن ترتبك تريد أن تحدد ملامحها بعد أن زهقت من الفوضى والإرتحال تريد أن توضح ماهية الأشياء تريد أن تقبض على اللذة الهاربة والمتعة الأبدية .