محمد إبراهيم طه عن روايته «شيطان الخضر»: تزيل الحواجز بين التلاوة والغناء
يشارك الكاتب الروائي الدكتور محمد إبراهيم طه، في فعاليات الدورة الثانية والخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمزمع انطلاقه الأربعاء المقبل، وذلك من خلال روايته "شيطان الخضر" والصادرة عن دار النسيم للنشر والتوزيع.
"شيطان الخضر" هي الرواية السادسة للقاص والروائي محمد إبراهيم طه، بعد رواياته الخمس: "سقوط النوار" و"العابرون" و"دموع الإبل" و"باب الدنيا" و"البجعة البيضاء".
في روايته "شيطان الخضر" يأخذنا الكاتب محمد إبراهيم طه فيها إلى عوالمه الأثيرة القريبة جدا من الواقع والبعيدة عنه جدا في نفس الوقت، الآنية جدا حتى أنها تشير إلى وقائع وأحداث في العام السادس من الألفية الثالثة، وأماكن مثل مدينة الشروق والمركز الطبي العالمي وبلدة ريفية، وأسماء تألفها الأذن، لكنها تحيل أيضا وفي نفس الوقت إلى عوالم موغلة في البعد كأنها تحدث في زمن آخر وأماكن أخرى، رحلة يكتشف بنهايتها القارئ أنه لا حواجز في هذا العالم بين الواقعي والخيالي، والعلمي والأسطوري والخرافي، والروحي والجسدي، والحياة والموت، والتلاوة والغناء، وأن هذه الحواجز مصطنعة ومن ثم تتجاوزها شخوص الرواية دون أدنى اعتبار، فيرى المجتمع في هذا خروجا على الأعراف والتقاليد وتكسيرا للثوابت.
تزيل رواية "شيطان الخضر" للروائي محمد إبراهيم طه٬ الحواجز بين التلاوة والغناء حين يصل بطلا الرواية الخضر وصديقه "يوسف" المنعكش إلى أن القواعد الحاكمة للغناء والتلاوة واحدة، هي المقامات والقواعد الموسيقية، بما يعني أن التجويد والترتيل والتلاوة ما هي إلا غناء بقواعد، ومن ثم فالقيود المفروضة على الجمع بين الفن والغناء والتلاوة والتواشيح حواجز وهمية ومزيفة، لا تتفق والمنطق ولا مع الروح الإنسانية التي تطرب في ذات الوقت لجملة لحنية وآية مرتلة، تعري وتكتشف زيف الحواجز الشكلية والعنيفة والمتعصبة والمتشددة التي تفصل بين العالمين دون أن تنجر إلى نقاش فكري أو فقهي أو فلسفي، إنما تفعله بعفوية وتلقائية إنسانية لشخصيتين بسيطتين لكنهما مضيئتان من الداخل، بل أكثر إضاءة من وجوه فقهية ورسمية معتمة.
في رواية "شيطان الخضر" للكاتب محمد إبراهيم طه خيط درامي خفيف غير واضح وغير خفي، أشبه بالعلامة المائية ، يسوق الأحداث للأمام، بلا صخب كأنها تتحرك ذاتيا، بما يسمح للرواية أن تتأمل وتتفلسف وتستعرض قناعاتها ببساطة، وصولا إلى مصائر الشخوص، لتبدو الرواية في الإجمال بأحداثها وشخوصها وقضاياها كشطحة روحية في عوالم واقعية وإنسانية، كأنها رواية غير مصنوعة، وليس وراءها كاتب، ما جعلها أقرب إلى مقطوعة موسيقية مجهولة المؤلف، أو كأن الطبيعة أوجدتها هكذا.
كشأن الفن عموما حين يتعامل مع قضايا شائكة وخلافية، جاءت رواية "شيطان الخضر" للروائي محمد إبراهيم طه٬ في نص روائي بعيدا عن الانفعال والمباشرة والصراخ، فالهمس أكثر تعبيرا وأكثر إقناعا من الخطابة، في منطقة قابلة فكريا للاشتعال بمجرد الاقتراب منها، تتوغل الرواية بهدوء دون أن تترك خلفها غبار الإدانة، عبر شخوص روائية تم اختيارها بعناية فائقة، تلمس القضية بلا صدام، أو تصطدم برفق، بدون ضوضاء، حيث تتحرك الأحداث للأمام كأنما بتلقائية وبساطة عبر تقنيات سردية كالحلم، وفقدان الوعي والهواجس والهلاوس والإيماءات ولغة الإشارة، لتخاطب الحواس والروح والضمير الإنساني بنعومة، دون أن يستدرج النص إلى نقاش فكري وفلسفي وفقهي عقيم.