الإفتاء تحسم الجدل: ما حكم الشرع في بر الأم سيئة الخلق؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء حول حكم الشرع في “بر الأم سيئة الخلق”، حيث جاء نص السؤال كالتالي: أمى وأهلها سيئون الخلق ويحرضوني على معصية والدي بعد طلاقها منه ويحرضوني أيضا على خلع الحجاب والتنفير من والدي، ولامست منهم ذلك من سوء الخلق ولا أريد زيارتها ولا برها وخاصة بعد أن تركتني وأنا في حضانة والدي.
وقالت دار الإفتاء، إن البِرُّ بالوالدين وصِلَتُهُما والإحسان إليهما فرضٌ على ولدهما؛ سواء أكان ذكرًا أم أنثى، وذلك في حدود رضا اللهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فالبِرُّ لا يعني الطاعة العمياء، وعلى الولد أن يجتنب مواطنَ الشُّبهة، وألَّا يطيعَ والديه في المعصية.
وأضافت الدار أنه إذا كانت أحوال أهل الأم على الوجه المذكور، الذي يجعل البنت تخاف على نفسها من أن تتأثر أخلاقها به؛ فيمكنها أن تكتفي بالبر والإحسان والزيارة الخاطفة، من غير أن تطيل المكث أو المبيت.
وأشارت إلى أن الشرع حرص على صلة الأرحام على وجه العموم؛ فقال تعالى: ﴿وَٱتَّقُواْ ٱللهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ إِنَّ ٱللهَ كَانَ عَلَيۡكُمۡ رَقِيبا﴾، واستشهدت بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ»، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿فَهَلۡ عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ﴾» متفقٌ عليه.
وأوضحت الدار أن علاقة الولد بوالديه مسألةٌ تتعلق بالإنسانية المَحْضَة فضلًا عن أن تكون مسألةً تحث عليها الشرائع؛ فليس هناك نظامٌ اجتماعيٌّ على مَرِّ التاريخ لم يتمسك بهذه القيمة؛ لذا قال تعالى محذِّرًا مِن المَسَاس بهذه العلاقة مهما يكُن مِن شيءٍ: ﴿لَا تُضَآرَّ وَٰلِدَةُۢ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوۡلُود لَّهُۥ بِوَلَدِهِ﴾.
وأوجب الإسلام على الآباء حقوقًا للأبناء تتمثل في تعليمهم وتأديبهم وتوجيههم إلى عملِ كلِّ خيرٍ والبُعدِ عن كلِّ شرٍّ؛ أخْذًا مِن قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ.