«ليس من حقي».. قصص زوجات لم يستطعن استخراج شهادة ميلاد لأبنائهن بدون الزوج
لم تشعر زينب عطية، 27 عامًا، بسعادة غامرة كتلك التي شعرت بها حين أعلن عن حكم قضائي نهائي يتيح للزوجة حق استخراج شهادة ميلاد لأبنائها، والذي صدر مؤخرًا من المحكمة الإدارية العليا، بعدما كانت السجلات المدنية لا تستخرج أوراق رسمية للمولود سوى عبر والده فقط.
تتذكر عطية ما حدث من خلافات شديدة بينها وبين زوجها في حملها الثالث، بعدما أراد هو وهي الاكتفاء بطفلين إلى أن رزقهما الله بالثالث وحاول إقناع زوجته بإسقاط ذلك الحمل، مهددًا إياها بعدم تسجيله أو استخراج شهادة ميلاد له.
تقول: "قضيت فترة طويلة في المحاكم محاولة إجبار زوجي على استخراج شهادة ميلاد لابننا الثالث، وكأنني متزوجة عرفيًا، لأن القانون كان يمنع الزوجة من حقها في استخراج شهادة ميلاد للأبناء وهو حق ممنوح للزوج فقط".
مؤخرًا حصلت زوجة على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا، بعدم طعن الجهة الإدارية، على حكم أصدرته محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، بأن لا يجوز للزوج وأهله إهانة زوجته وحرمانها من حقها في استخراج شهادة ميلاد المولود.
وقضت أيضًا بإن الخلافات الزوجية أثناء الحمل لا تحرم الزوجة من حق المولود في أوراقه الثبوتية، وأن الإسلام جاء بإعزاز المرأة وإكرامها، ولزوم معاشرة الزوجات بالمعروف حقًا واجبًا، وأن الزوجة تشارك الزوج حقها في استخراج شهادة ميلاد المولود وحصنتها ضد تعسف الزوج.
تقول عطية: "في الأغلب تحكم المحاكم لصالحنا بالأحقية في استخراج أوراق ثبوتية للأطفال وهو ما حدث معي، لاسيما حين يتبين لها أن أفعال الزوج كيدية بحكم خلافات سابقة مع الزوجة أو بين الأهل لكن يضيع في ذلك أيام من عمر الطفل لم تسجل".
وعن القرار تقول: "انتصار جديد للنساء بحكم القضايا، فلا يوجد قانون يمنعنا من استخراج أوراق ثبوتية لأبنائنا، كنت دومًا أشعر وكأنني متزوجة عرفيًا وليس رسميًا مسجلًا في سجلات الدولة لعدم قدرتي على استخراج شهادة ميلاد لابني".
لا يوجد قانون يمنع الأم من استخراج شهادة ميلاد لأبنائها طالما زواجها رسميًا، ولكن تقدم المادة (14) من قانون الطفل المصري رقم (126) لسنة 2008 والد الطفل كأول شخص مكلف بالتبليغ في حال أنه على قيد الحياة ومن ثم والدة الطفل والتي عليها إحضار أوراق مثل قسيمة الزواج وبطاقة الأب.
ولم تكن زينب هي التي عانت بمفردها، هناك ريهام. أ، إحدى النساء اللاتي عانين في استخراج شهادة ميلاد لابنها، بسبب الخلافات التي ضجت بينها وبين زوجها مع قرب ميعاد ولادتها، وأثرت الذهاب في منزل والدها حتى تلد وتتم إجراءات الطلاق بينهما.
وبالفعل أنجبت طفلتها الأولى، إلا أن زوجها حين علم برغبتها في الطلاق، رفض استخراج شهادة ميلاد لابنته، وأبلغ مكتب الصحة التابع له في البحيرة بعدم التسجيل بدونه: "الأمر كله كان نكاية في رغبتي في الطلاق بعدما استحالة العيشة بيننا".
لم ترض ريهام بما حدث، ولكنها حررت ضده محضر، وفوجئت حين أرادت تسجيل ابنتها أن مكتب الصحة يرفض بدعوى أن التبليغ عن الميلاد يكون للزوج مادام على قيد الحياة: "رفعت قضية من أجل تسجيل ابنتي وحكم ليّ فيها بالأحقية في استخراج شهادة الميلاد بدون زوجي".
يشرح الدكتور عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وجود مثل تلك الاشتراطات في تسجيل الأبناء، وهو أن السجلات تعتقد أن الزوجة ممكن أن تنسب طفل لرجل ليس ابنه، لذلك كان يتطلب الأمر وجود الزوج أو أحد من أهله.
يوضح أنه بعد قرار المحكمة أصبح من حق الزوجة استخراج أوراق ثبوتية لأبنائها وتسجيل المواليد الجدد دون الزوج أو أهله، مبينًا أن ذلك القرار يحمي حقوق المرأة ويلغي سوء النية المسبق الذي كان يتم التعامل به مع الزوجة في تسجيل الأبناء.
ولم يكن الحكم القضائي الأخير هو الأول من نوعه، فخلال عام 2015 قضت محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ قرار الحكومة السلبي بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد طفل في السجلات المعدة لقيد المواليد، وإلزام الحكومة بإثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور في سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده دون الاعتداد باعتراض والده وعائلته باعتباره إيذاء بدنيا ونفسيا للأم.
وقالت المحكمة إن المشرع الدستوري ارتقى بحقوق الأم تجاه وليدها كاشفا عن حقه الطبيعي في أن يكون له إثم يميزه عن غيره وأوراق ثبوتية، وأنه لا يجوز للحكومة الاستجابة للأب كيدًا للأم لحرمان طفلها من حقه الدستوري في تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، فالخلافات الزوجية والعائلية لا يجب أن تمتد لحرمان الأم التى التصق بها طفلها من حقه الطبيعي بحكم الطبيعة التي خلقها الله عز وجل.