أماني الطويل: إثيوبيا ترغب في بناء العديد من السدود لتسعير المياه
قالت الدكتورة أماني الطويل، الخبيرة بمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، إن النيل مصدر للثروة والمشروع الرئيسي لإثيوبيا هو تسعير المياه، فنحن أمام مجموعة من السدود ولن يكون هناك تدفقات مناسبة للمياه لمصر والسودان؛ وهذا هو التحدي الكبير الذي لا يجب أن تواجهه الحكومة وحدها، ويجب أن يستنفر الشعب المصري وكل منظمات المجتمع المدني.
وأضافت الطويل، خلال كلمتها بالمؤتمر الذي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بعنوان "المجتمع المدني وبناء الوعي.. تحديات اللحظة الراهنة"؛ لتحقيق مشاركة الشعب المصري والمجتمع المدني لا بد أن يكون هناك إيمان بوجود فواعل أخرى للتنسيق معها، وأيضاً أن تكون هذه الفواعل ومنظمات المجتمع المدني لديها وعي، وهو الأمر الذي يؤدي إلى تضافر كل جهود الدولة حكومة وشعبًا في هذا الصدد.
وأشارت الخبيرة بمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" إلى أهمية فتح حوار بشأن الأضرار المترتبة على المشروع الإثيوبي الذي يستهدف مصر والسودان، مؤكدة أن المشروع الشامل لا يتضمن سد النهضة فقط، وإنما رغبة إثيوبيا في تسعير المياه من خلال إقامتها عددًا من السدود، إضافة إلى الجدل الكبير حول معدل أمان السد.
واقترحت الطويل أن يحشد المجتمع المدني قوته والتعاون مع المكاتب الاستشارية لمعرفة درجة أمان السد؛ حيث يوجد في هذا الصدد الكثير من الأقاويل، مشددة على أهمية إدراك طبيعة المشروع الإثيوبي الشامل ورؤية الإثيوبيين لهذا المشروع؛ حيث إنهم في وقت سابق كانوا قد صنفوا مصر في مرتبة العدو، ولذلك في حاجة إلى معرفة الذهنية الإثيوبية ونظرتها لمصر.
وأوضحت الخبيرة بمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" أن المعارك على النيل معارك تاريخية، وأن إدراك أهمية النيل كمصدر للثروة بدأ منذ مئات السنوات من خلال الأهداف الاستعمارية لبريطانية؛ لزراعة القطن طويل التيلة لخدمة مصانعها.
واستطردت الطويل: أول رد فعل مصري كان عام 1903 عندما قدم عدلي يكن مذكرة اعتراض، كما كانت المادة السادسة من خروج الجيش المصري في السودان تتحدث عن المياه، كما خاضت مصر معارك منذ 1919 حتى اتفاقية 1929، فمصر كان لديها وعي تاريخي بقضية النيل، مؤكدة أن كل هذه الخطوات برأت مصر من مفهوم عدم وجود رؤية استراتيجية تجاه حوض النيل، فإدراك مصر لأهمية سد النيل بدأ من مئات السنوات؛ حيث عرضت على بريطانيا بناء سدود في أفريقيا لزيادة الموارد المائية وجمع الفواقد المائية.
وأشارت الطويل إلى وجود 56 مليار مكب مياه مهدرة؛ ولكن إذا توافرت إدارة تعاونية يمكن أن نزيد من الموارد المائية للنهر، موضحةً أن الأهمية المركزية للنيل جعلته الرافع الأساسي لكل المشروعات، وقد أدركنا أهمية أفريقيا في عدة مراحل؛ فخلال عهد محمد علي أرسل بعثات؛ لاكتشاف دول منابع النيل.
وتابعت الخبيرة بمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية": المرحلة الثانية التي أدركنا فيها أهمية نهر النيل، كانت في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، الذي خزن المياه داخل الحدود المصرية متمثلة في بحيرة السد العالي، والثالثة عندما حاولت مصر عمل مشروع السدود في الخمسينيات، وقد واجهت مصر النظام الدولي، وخاضت معارك عنيفة، وتم تحريض دول المنابع على مصر في معركة كانت قاسية، والمرحلة الرابعة في عهد الرئيس السيسي بتأثير مباشر من سد النهضة.
وأكدت الطويل أن مصر فقدت ميزتها في المواجهة عندما انسحبت من عناصر القوة الشاملة في الثمانينيات من القرن الماضي في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ووضعنا كل أوراق اللعبة في أيدي الولايات المتحدة، واختصرنا المعارك في الصراع العربي- الإسرائيلي، وفي عهد الرئيس مبارك حدث انغلاق على الذات، ولم يكن هناك إدراك للأدوار الخارجية ودورنا في أفريقيا
انطلقت فعاليات اليوم الثاني مؤتمر "المجتمع المدني وبناء الوعي - تحديات اللحظة الراهنة"، الذي ينظمه منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية؛ والذي يستمر على مدار ثلاث أيام متواصلة.
يشارك في المؤتمر نخبة من قادة فكر المجتمع المصري، من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب والتنسيقية، ورجال الدين الإسلامي والمسيحي، وقيادات الإعلام المصري، والسادة ممثلي المجتمع المدني من بينهم الدكتور عبد المنعم سعيد، الكاتب والمحلل السياسي وعضو مجلس الشيوخ، الدكتور أسامة العبد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق ووكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب والدكتورة أماني الطويل، مدير البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات، الدكتور شحاتة غريب، نائب رئيس جامعة أسيوط، ورامي جلال، الكاتب الصحفي وعضو مجلس الشيوخ.
ويناقش المؤتمر في جلسته الثانية اليوم الأربعاء "المواطنة ووحدة المجتمع- قضية سد النهضة نموذجًا"، كما يركز على مناقشة موضوع الفن ودوره في بناء الوعي بالمجتمع المصري في جلسته الثالثة.
ومن المقرر في نهاية المؤتمر عرض خلاصات وتوجهات مستقبلية في الجلسة الختامية.