كيف سيطرت «جروبات القراءة» بمواقع التواصل على المشهد الثقافي؟
خلال الفترة الأخيرة؛ شهدت جروبات القراءة على مواقع التواصل الاجتماعي إقبالا كثيفا من قبل الكثيرين، وتصدرت المشهد الثقافي بعد أن أصبحت من المصادر المهمة لدى عدد كبير من القراء لما تقدمه من قراءات للأعمال الأدبية والتعريف بآخر الإصدارات والكتب الأكثر مبيعا.
وليس هذا فقط؛ فمعظم هذه الجروبات نظمت فعاليات ومبادرات للتشجيع على القراءة، بإقامة وبث لقاءات وندوات مع الكتاب من مختلف البلدان، وتناول عدة قضايا تشغل المجتمع الثقافي.
وخلال السطور التالية؛ ترصد "الدستور" كيفية سيطرة جروبات القراء على المشهد الثقافي، وكانت البداية مع سارة إبراهيم، مؤسسة جروب "بوك مارك"، التي تحدثت عن تجربتها معه قائلا: إن جروبات القراءة كان لها الدور الأكبر أن تعمل على التوعية بأهمية القراءة والثقافة عامة، وبنسبة 95% تعتبر محركا أساسيا للمشهد الثقافي بتحفيز الناس على التوجه وإحياء عادة القراءة.
وتابعت: من خلال تجربتي الشخصية ومن بداية إنشائي لـ"BOOKMARK" مكنتش متوقعة كم الناس اللي عندها استعداد للقراءة بس محتاجين اللي يشجعهم ويحسسهم إنهم مع ناس شبههم بيشاركوهم نفس هوايتهم وحبهم لها، مستطردة أن تنوع الترشيحات والآراء التي يتم مشاركتها على المنصة بشكل دائم وبناء سواء بنقد إيجابي أو سلبي، في حد ذاته يثري المعرفة بأنواع الكتب المتاحة والمناسبة لميول كل قارئ، فضلا عن المناقشات التي تتم ما بين الأعضاء بشكل مستمر على كل ترشيح لكتاب والتي من خلالها أن تتكون لدى كل شخص معرفة مبدئية للكتاب الذي سيضيفه لمكتبته.
"أنا بعتبر في ظل اهتمام العالم بالموضوعات الاجتماعية، إن منصات وجروبات القراءة من أحسن المبادرات التي حدثت خلال السنتين اللي فاتوا".. هكذا قالت مؤسسة جروب "بوك مارك"، لافتة إلى أن كلما كانت المنصة تقدم شيئا جديدا وبشكل مختلف، كلما كان أفضل، ويصب في مصلحة الجميع.
وأشارت إلى أننا استطعنا من خلال جروب "بوك مارك" اقتراب المسافات ما بين الكُتاب والقراء من خلال مشاركة الكُتاب نفسهم في المناقشة وإبداء الرأى في كتب مختلفة، بجانب الـBook clubs التي يتم تنظيمها بين الحين والآخر لمناقشة الكتب بحضور الكُتاب نفسهم على أرض الواقع، مشيدة بالدور الكبير الذي تقوم به دور النشر والدعم الذي يقدموه، من خلال خصومات أو مسابقات لجذب القراء وتشجيعهم على زيادة وعيهم بعملية القراءة.
وتابعت أن الجروب يسهم أيضا في توصيل الكتب للأماكن التي تفتقر لوجود المكتبات من خلال مبادرة أطلقناها في شهر فبراير الماصي تحت اسم "شارك بكتاب خلي الكل يقرا"، ومن خلال تم تجميع كتب لا يحتاجها أعضاء الجروب، وتوصيلها لغير المقتدرين لتقليل زيادة الأعباء على محدودي الدخل، ونهدف من خلالها أيضا محاربة شراء الكتب غير الأصلية.
الكاتب الصحفي إسلام وهبان، مدير نادي القراء المحترفين، قال إن السوشيال ميديا أصبحت تشغل اهتمام شرائح مختلفة من الناس، وأصبح هناك توجه كبير لها خلال العشر سنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن النادي يهدف إلى خلق قاعدة جماهيرية أو مجتمع قرائي على السوشيال ميديا، يهتم بالقراءة والأدب، وهذا ما حاول فعله منذ توليه إدارة النادي في أواخر عام 2019، حتى وصل عدده لـ190 ألف شخص.
وأوضح وهبان أنه يحاول بث أكبر عدد ممكن من الفعاليات التي تهم الوسط الأدبي والثقافي، فضلا عن دعم الجروب للكثير من دور النشر وصناعة النشر، فهي تعود بشكل كبير بالنفع على القارئ في الأساس، وتقديم خدمة ثقافية له، مستطردا أن الجروب ليس ترويجيا بقدر ما هو تعريفي للكتب الجديدة، وأن يكون منصة ثقافية كأي موقع إلكتروني، يتناول أهم الكتب وآخر الإصدارات والكتب الأكثر مبيعا.
وأكد وهبان أنه لم يكن هناك إدراك لأهمية الجروب في البداية، ولكن مع تعدد الأنشطة والفعاليات والمبادرات ازداد عدد أعضاء الجروب، وتفاعلوا بشكل كبير، وأصبح هناك قراء حقيقيين، بجانب عدد من الكتاب والنقاد، وأغلب دور النشر، والقراء بمختلف اهتماماتهم.
ولتوظيف السوشيال ميديا في القراءة وجذب الشباب؛ أضاف مدير نادي القراء المحترفين أننا نحاول دائما عدم التقليل من اهتمامات الطرف الآخر، ولكن يجب تشجيعهم وتوجيههم بترشيحات أخرى بعيدة عن اهتماماتهم، كالأدب العالمي أو الرومانسي أو غيرها.
ومن جهتها؛ قالت ساره الشبراوي، مسئولة جروب "جمعية غيرنزي للأدب"، إنها استفادت كثيرا من تجربتها بهذا الجروب، من خلال تبادل الخبرات والترشيحات الجديدة، فضلا عن استفادتها بالاجتماعات والمناقشات حول الأعمال الأدبية الجديدة.
بالنسبة لسطوة الجروبات على المشهد الثقافي؛ أوضحت أن هذا الأمر يرجع إلى أنها أصبحت وسيلة التواصل الوحيدة بين الكاتب أو دور النشر وبين القارئ، مضيفة أن دور النشر أصبحت مستفيدة أيضا من تجمعات القراء.
وكان للكاتب محمد سيد ريان في مجال الثقافة الرقمية ومهتم بقضية التسويق الإلكتروني للثقافة وجهة نظر حول سيطرة جروبات القراءة على المشهد الثقافي عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وبعض المنصات الأخرى في الفترة الأخيرة، قائلا: على الرغم من أن خاصية الجروب هي واحدة من أدوات عديدة توفرها مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أثبتت تواجدها خاصة أنها تمكن الشخص من إبداء رأيه بسهولة، بالإضافة لطرح أسئلة أو ترشيحات كتب، لكن الخطورة تكمن في مديري تلك الجروبات، فمع احترامنا لكثير منهم إلا أن بعضهم يستغل وجوده لمنع بعض الآراء أو توجيه النقاش ناحية نوعية معينة من الكتب، بالإضافة لتبعية أغلب نوادي القراءة الفاعلة لدور نشر خاصة - وهذا ليس عيبا بالمناسبة - مما يضمن استمرارها، حيث يتقاضى المسئول عنها مبالغ مالية وليس مجرد هواية أو عمل عام بدون مقابل؛ بينما تسقط جروبات أخرى ولا تستكمل مشوارها رغم جدية موضوعاتها لعدم توفر التمويل أو الدعم الكافي والتفرغ الكامل.
وأوضح أن الأخطر هو انتشار ظاهرة لفت البعض الأنظار إليها قد تنذر بكارثة وهي تقاضي بعض البوكتيبرز أو الأشخاص الذين يقومون بعمل المراجعات للكتب ممن لهم شعبية ومؤثرين على تلك المنصات لأموال مقابل ذلك، ويعد ذلك خداعا لقراء آخرين في حالة عدم علمهم بتلك الحيلة.
وأضاف: نأتي لثالث مشكلة وهي اهتمام عدد كبير من رواد تلك المجموعات بفئة معينة من الكتب مثل الروايات الخفيفة أو بعض الكتابات السطحية وقد يكون ذلك مفتعلا أو مخططا؛ ونادرا ما نشاهد مثلا نقاشا جادا حول أحد الكتب التراثية أو كتاب علمي أو فلسفي أو فكري مهم، متمنيا مراعاة تلك السلبيات مستقبلا، خاصة أن جروبات القراءة فكرة محمودة وتساعد على نشر عادة القراءة والثقافة لتستكمل دورها التنويري الهام.