من روائع الأدب العالمي
قصة «ما من مذنبين» حين يستنكر تولستوي التفاوت الطبقي في بلاد الروس
ما من مذنبين. هو اسم قصة تولستوى التى يحكى فيها عن التفاوت الطبقى فى روسيا، ولقد اختار تولستوى عنوانا "ما من مذنبين" ليقول إن الكل مذنب إن لم ينصف الفقراء، ولو بكلمة حق، كان بطل قصة ما من مذنبين هو فولجين الذى يعمل منذ عقود فى أحد البنوك، مما جعله يحتك بالأثرياء بحكم طبيعة عمله بجانب احتكاكه بأبناء طبقته المعدمة . لذا يعيش فولجين بين بيئتين مختلفين وصنفين متباينين من البشر. وفى الواقع تحيز تولستوى للطبقة المعدمة، فجعل بطله ينتمى إليها بل ويلوم نفسه بعد انقضاء عمره فى خدمة الأغنياء. لذا يقول تولستوى فى بداية القصة على لسان البطل. قدرى قدر غريب ومدهش إلى حد كبير، فأنا أرى أنه لا يوجد فقير بائس يعانى تحت وطأة الأغنياء الذين لا يشعرون بشئ مثلما أعانى بشدة من الظلم والقسوة وفظاعة اضطهادهم واحتقارهم للفقراء .
يعرج بنا تولستوى من خلال بطل قصته إلى السيد العجوز الذى يملك آلاف الأفدنة ويستنزف عرق الفلاحين والعمال. بغير وجه وكيف أن أسرته مفككة ولا تنعم بالسعادة الحقيقية . ثم يذهب بنا إلى البطل الثانى فى القصة وهو الكسندر الفقير المعدم الذى مات حصانه وهو مصدر دخله الوحيد .
ويبين لنا تولستوى أن أبناء الطبقة الفقيرة لديهم أصل طيب حيث أن الكسندر رفض أن يلقى بجثة حصانه الميت لتنهشه الكلاب، بل أصر على حمله على عربة كارو ليدفنه على طرف القرية .
وهنا أراد تولستوى أن يقول أن الكسندر ابن الطبقة الفقيرة صان عهد الحصان وهو حيوان بينما أبناء الطبقة العليا لا يصونون عهود البشر. حتى أن تولستوى ختم قصته بعبارات قاسية . هاهى فتاة صغيرة من طبقة الأغنياء خلال تمشؤتها ترى اطفالا ٱخرين حفاة جوعى يتصيدون التفاح الأخضر الذى يسقط من الشجر . ولأنها قد اعتادت على رؤية هذه المناظر فإن هؤلاء الأطفال لا يبدون بالنسبة لها أطفالا مثلها لكنهم فقط جزءا من الطبيعة المحيطة المعتادة من المشهد المألوف .
وكأن تولستوى أراد أن يقول إن طبقة الأثرياء يورثون أطفالهم احتقار أبناء الفقراء فيعتبرونهم مكملات بيئية ليس أكثر. وفى هذا امتهان لٱدميتهم، وهنا مكمن الخطر حيث التفكك المجتمعى الذى حذر منه المفكر والفيلسوف والكاتب الروسى تولستوى .