أسرار خاصة عن أحمد البدوي..
لقب ببحر العلوم وأبو الفتيان.. أحمد البدوي قطب الصوفية الأكبر ساكن طنطا
يعد الشيخ أحمد البدوى من أقطاب الصوفية الكبار الذين تشد إليهم الرحال كل عام من قبل مريدي التصوف، حيث يأتي المريدين من كل أنحاء العالم لزيارة هذا القطب الصوفي الكبير الذي ظهرت كرماته وبركاته للجميع حتى لقب بأنه صاحب الكرامات والبركات.
«القطب البدوي » مغربي الأصل جاء من مكة إلى طنطا.. ونسبه يرجع إلى الإمام على
اسمه الحقيقي أحمد بن على بن يحيى، وُلد فى مدينة فاس بالمغرب عام ٥٩٦ هـ ١١٩٩م، وجاء إلى طنطا عام ٦٧٥ هـ ١٢٧٦ م، وهو إمام صوفى سُنى عربى، وثالث أقطاب الولاية الأربعة لدى المتصوفين، وإليه تنسب الطريقة الأحمدية ذات الراية الحمراء.
هاجر «البدوى» إلى مكة مع عائلته وعمره سبع سنوات، واستغرقت الرحلة أربع سنوات، منها ثلاث سنوات أقاموها بمصر، وعندما بلغ الثمانية والثلاثين سافر إلى العراق مع شقيقه الأكبر حسن، ورجع بعد عام واحد إلى مكة، ثم قرر فى نفس عام رجوعه الهجرة إلى مصر، وتحديدًا إلى مدينة طنطا لتكون موطن انتشار طريقته.
وتكشف اللوائح الموضوعة فى طرقات المسجد الأحمدي بمدينة طنطا، وعلى جدران وحوائط ضريح القطب الصوفي، عن معالم أساسية من مقتطفات حياته ونشأته طوال الأعوام الهجرية.
ويستقر جسد القطب الصوفى داخل مسجده بطنطا. ويُلقب بعدة ألقاب منها: «البدوى، شيخ العرب، الملثم، أبو الفتيان، أبو العباس، أبو فراج، السطوحى، عيسوى المقام، القطب النبوي، باب النبي، بحر العلوم والمعارف، الصامت، القدسي، الزاهد، جياب الأسير، العطاب، ولى الله، ندهة المضام، محرش الحرب، والأسد الكاظم».
وتحيط بـ«البدوى» كرامات عدة، أشهرها ما يتداوله العامة عن أنه كان ينقذ الأسرى المصريين فى الحروب الصليبية من أوروبا، ولذلك انتشرت مقولة فى التراث الشعبى المصرى هى «الله الله يا بدوى جاب اليُسرى»، أى أن البدوى قد جاء بالأسرى.
ولُقب بـ«البدوى» لأنه كان دائم تغطية وجهه باللثام مثل أهل البادية صيفًا وشتاءً، لذلك عُرف أيضا بـ«الملثم».
ويُقام له فى مدينة طنطا احتفالان سنويًا، أحدهما فى شهر أبريل ويُسمى بـ«المولد الرجبى»، والثانى فى أكتوبر وهو الاحتفال بمولده، ويُعد من أكبر الاحتفالات الدينية فى مصر على الإطلاق، إذ يزور مسجده الكائن بقلب المدينة أكثر من مليونى زائر فى المتوسط خلال أسبوع.
ويُجمع علماء الأنساب والمؤرخون على اتصال نسب القطب البدوى بالحسين بن على بن أبى طالب، فهو «أحمد بن على بن يحيى بن عيسى بن أبى بكر بن إسماعيل بن عمر بن على بن عثمان بن حسين بن محمد بن موسى بن يحيى بن عيسى بن على بن محمد بن حسن بن جعفر الزكى بن على الهادى بن محمد الجواد بن على الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين بن على بن أبى طالب».
الآلاف يشدون الرحال إلى البدوي في ذكرى مولده
الشيخ سيد مندور، نائب الطريقة «السمانية»، قال إن رحلة المريد إلى مولد «البدوى» تبدأ من باب منزله وليس عند وصوله للمقام، وشرح: «يستحضر الزائر أو المريد النية الخالصة للزيارة، ويختم القرآن كاملًا ويقرأ الأذكار والأدعية، مثل لا إله إلا الله ألف مرة والصلاة على النبي ألفى مرة والله أكبر، ألفى مرة، حتى يقبل الله هذه الزيارة المباركة».
وأضاف «مندور»، أن زيارة أولياء الله الصالحين تكون مغفرة للذنب وتوبة نصوحة عن كل الذنوب التى ارتكبوها، بالإضافة إلى أن كل من له سؤال بمجرد وصوله إلى مقام «البدوى» وقراءة الفاتحة وصلاة ركعتين بالمسجد يستجيب الله لدعوته، وهذا يدل على أن أماكن الصالحين مباركة، بحسب قوله.
وتابع: أن هناك طقوسًا معينة يفعلها الصوفية خلال زيارة «البدوى» من أهمها قراءة «الأوراد الأحمدية» التى كتبها الشيخ كاملة، لافتًا إلى أن لها أسرارًا خفية، إذ إنه «عند قراءتها تحدث حالة عجيبة وغريبة للمريد فينتقل من عالمه الدنيوى إلى عالم آخر».
وذكر أن الطرق الصوفية تجهز أسطول أتوبيسات لنقل مريديها وأتباعها إلى طنطا للمشاركة فى المولد، تخرج من محافظات الصعيد مثل سوهاج وقنا وأسوان والأقصر، وتظل فى انتظار المريدين لمدة سبعة أيام متواصلة، لافتًا إلى أن المريدين يسهمون فى الدفع من أموالهم الخاصة للسفر والمشاركة فى الزيارة التى ينتظرونها كل عام.
وأشار إلى أن هناك سيارات مكيفة ومجهزة خاصة بكبار رجال الصوفية والأعمال ونواب مجلس الشعب من التابعين للطرق الصوفية، الذين يأتون من كل محافظات مصر، واصفًا المناسبة بأنها «عيد دينى كبير وموسم للتجارة والبيع»، حيث يلتقى التجار ورجال الأعمال من الصوفية ويبرمون الصفقات التجارية خلال أيام المولد.
وفى عادة صوفية متوارثة، يرتحل المريدون من محافظات الوجه البحرى القريبة من طنطا مثل الشرقية والبحيرة على ظهور الجِمال لحضور الاحتفال بمولد السيد البدوى، وهى رحلة اعتادوا عليها جيلًا بعد جيل.
وينتظر سكان تلك المحافظات رحلة الجِمال هذه، إذ يخرجون فى مظاهرة لتوديع الراحلين إلى طنطا، ويوزعون عليهم المشروبات والحلويات، ويستضيفهم سكان القرى التى يمرون عليها وتقام لهم الموائد، مما يوفرون للجمال الغذاء أيضًا، وتعتبر هذه من الأمور الفلكلورية فى الطرق الصوفية.