«أصيب بالسكر حزنا».. الاحتيال في حياة نجيب محفوظ
تعرض الأديب الكبير نجيب محفوظ في حياته لعدد من السرقات الأدبية وغير الأدبية، فقالت ابنته "أم كلثوم" في حوار صحفي لها، إن والدتها اكتشفت أن هناك شخصًا كان يسرق نقود الوالد في آخر أيامه، عندما كان مرهقًا لا يقدر على الحركة بشكل جيد، ما أتاح لهذا الشخص أن يستولي على أمواله من المنزل أثناء وجوده، أو عندما يخرجون إلى أحد الأماكن، وهو ما أكده لنا عدد ممن شاهدوا وقائع بأعينهم، وأنهم تحدثوا مع والدهم بهذا الشأن لكنه استبعد حدوث ذلك، وأنه ظل حتى توفاه الله مستبعدًا حدوث ذلك، ولكنهم تأكدوا تمامًا بعد ذلك من الجريمة.
كما تسبب عملية النصب على الأديب الكبير في إصابته بمرض السكر، في فترة الأربعينات من عمره، حسبما قالت ابنته "أم كلثوم" لـ"الدستور"، فبعدما حصل نجيب محفوظ على إحدى الجوائز الأدبية، وكانت قيمتها المالية كبيرة وقتها، ففكر في شراء قطعة أرض لبنائها على كورنيش المعادي، وبالفعل اشترى من إحدى شركات الاستثمار قطعة الأرض بكل أموال هذه الجائزة، وعندما ذهب ليتسلمها من مقر الشركة، وجد المقر مغلقا بالكامل، واختفى أصحاب هذه الشركة، وذهبت كل هذه الأموال هباءً، وحزن عليها نجيب محفوظ حزنًا شديدًا، مما أصابه بمرض السكر الذي لازمه حتى وفاته.
كما صرحت ابنته، أن كل الوثائق والمخطوطات التي تركها والدها في منزل العباسية القديم، سرقت بالكامل، ولم يترك منها أي شيء، ولم يتبق من كتابات والدها إلا ما هو موجود بمنزله بالعجوزة الذي انتقل إليه في إحدى فترات حياته.
رواية أولاد حارتنا
تُعد رواية "أولاد حارتنا" إحدى علامات الأدب المصري الكلاسيكي، والتي استنزفت من صاحبها أديب نوبل نجيب محفوظ الكثير من الوقت والجهد، بل كادت أن تقضي على حياته؛ بعدما كفّرته إحدى الجماعات الإسلامية المتشددة وأباحت قتله.
محفوظ تعرض بالفعل عام 1995 لمحاولة اغتيال عقب عدة فتاوى تبيح قتله باعتباره مرتدًا عن الإسلام، ولكنه نجا منها بأعجوبة وإن ظلّ غير قادر على استخدام يده في الكتابة.
"أولاد حارتنا" أول ما بدأت كانت عبارة عن سلسلة تنشر تباعًا في جريدة الأهرام المصرية، وظلّت مستمرة حتى بعدما هاجمها شيوخ الجامع الأزهر وطالبوا بوقف نشرها، ورغم عدم إصدار قرار رسمي بمنعها إلا أن مؤسسة الرئاسة اتفقت مع الأديب المصري على عدم نشر الرواية في كتاب داخل مصر إلا بعد موافقة الأزهر.
وفي حوار صحفي لنجيب محفوظ مع مجلة "الجيل" في شهر رمضان من عام 1959، أكد أنه سيتحرى "ليلة القدر" ليدعو الله أن تتم روايته "أولاد حارتنا" على خير وأن ترَ النور.
الرواية طبعت لأول مرة كاملة في لبنان من إصدار "دار الآداب" عام 1962، وقد مُنع دخولها إلى مصر ولكن استطاعت نسخ مُهربة منها أن تجد طريقها إلى القاهرة، حتى نُشرت رسميًا بإحدى دور النشر المصرية وبمقدمة للكاتب الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبوالمجد.