«فاز الفن وهزم العشق».. قصة حب بين أحمد رامي وأم كلثوم نهايتها البكاء
"ماخطرتش على بالك يوم تسأل عني".. كانت هذه الأغنية الأخيرة التي كتبها أحمد رامي لأم كلثوم، بعد 137 أغنية كتبها لكوكب الشرق دون مقابل، فهو يرى أن كلماته أثمن من أي أموال قد يُجنيها من وراء حب عمره، لينتصر الفن بأعمال فنية حققت نجاحًا غير مسبوق، ويُهزم الحب بعد أكثر من 50 عامًا قضاها "رامي" ما بين بكاء وآلام وشجن، عجز فيها أن ينجو بقلبه من قصة حب كان الرابح الوحيد منها هو الفن.
وفي ذكرى وفاة الشاعر أحمد رامي، تعود إلى الأذهان قصة حبه مع أم كلثوم.
حب من النظرة الأولى
وقع أحمد رامي في حب أم كلثوم من النظرة الأولى، تحديدًا في 24 يوليو من عام 1924، حين دعاه صديقه سيد محمد فاضل ليجلس معه في حديقة الأزبكية، فذهب إليه ووجد أم كلثوم تشدو دون آلات موسيقية، وبعد انتهاء الأغنية باغتها "رامي": "مساء الخير يا ستي"، لترد أم كلثوم: "مساء الخير"، فقال لها رامي: "أنا حاضر من غربة ونفسي أسمع قصيدتي"، فغنّت أم كلثوم: "الصَبُّ تفضحُهُ عيونُه.. وتَنمُّ عن وَجْدِ شجونِه"، ومن هنا أيقن "رامي" أنه وقع في غرامها للأبد.
"جرح لا يداويه الزمن"
"أصون كرامتي من قبل حبي.. فإن النفس عندي فوق قلبي.. رضيت هوانها فيما تقاسي.. وما إذلالها في الحب دأبي".. كلمات كتبها أحمد رامي لأم كلثوم حين قالت له في حفل لعبد الوهاب في دار الموسيقى العربية بعد سوء تفاهم بينهما: "يا ريتني ما عرفتك يا شيخ"، لتخترق الكلمة قلبه وكأنها خِنجر، فذهب إلى منزله يُمزق صورها التي كان قد علقها على جدران منزله في كل مكان من شدة حبه لها، كما كتب لها آنذاك: "من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي، فأهين فيك كرامتي ودموعي، وأبيت حران الجوانح صاديا أصلى بنار الوجد بين ضلوعي".
"احتراق قلب أحمد رامي"
"هفضل أحبك من غير ما أقولك.. إيه اللي حير أفكاري، لحد قلبك ما يوم يدلك.. على هواي المداري".. كتبها أحمد رامي ليعبر بها عن حبه لأم كلثوم من طرف واحد، فهي لم تبادله المشاعر نفسها، حيث أعربت خلال عدة لقاءات أنها تُحب رامي الشاعر وليس الرجل، حيث كانت تصفه دائمًا بأنه "شاعرها الذي يحترق لينير طريقها"، ورغم زواج "رامي" وإنجابه أطفالا إلا أنه كان لا يخجل في التعبير عن حبه للست، فكتب لها:"جددت حبك ليه بعد الفؤاد ما ارتاح.. حرام عليك خليه غافل عن اللي راح"، ما جعل زوجته السيدة عطا الله تنهار من الغيرة.
"يرفض ثمن أغانيها"
رفض الشاعر أحمد رامي أن يتقاضى أجرًا ثمنًا لأغانيها التي يؤلفها، مبررًا ذلك بأنه يحبها، قائلًا: "إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكني أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هي"، إلا أنها اتهمته بالجنون قائلة له: "أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك" فردّ عليها: "نعم، أنا مجنون بحبك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعت أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنى بها".
أسرة رامي وقعت أيضًا في حبها
لم يقتصر حب أحمد رامي لأم كلثوم على تأليف الأغاني فقط، بل أنه خصّص يوم إجازته كي يعلمها اللغة العربية والفرنسية والأدب العربي والشعر، كما أن شقيقات أحمد رامي علمن "أم كلثوم" الحياة القاهرية، وكيفية ارتداء الملابس العصرية.
انهياره حين علم بزواجها
بكاء وانهيار.. هذا ما حدث لأحمد رامي حين علم أن أم كلثوم أحبت وتزوجت، قائلا: "أنا شايف الدنيا سودة، أشجارها بتلطم، وأرضها بتبكي"، وحين تأكد أن زواجه من أم كلثوم مستحيل تزوج إحدى قريباته، وظلّ يتألم وهو ينظر إلى أم كلثوم قائلا: "أصون كرامتى من قبل حبي، فإن النفس عندى فوق قلبي، رضيت هوانها فيما تقاسي، وما إذلالها فى الحب دأبي".
كانت زوجة أحمد رامي تعلم عشقه لأم كلثوم واعترف لها بذلك قائلا: "أنا أحبها، وليس ذنبي"، وازداد الأمر ألمًا حين تأقلمت زوجته مع حبه لأم كلثوم، ومع صورها التي وضعها رامي في بيته، وكان بعض الناس يقولون لزوجته: "زوجك يحب أم كلثوم"، فترد: "وأنا أيضا أحبها".
عشق وصل إلى التقديس
قال عنها بعد وفاتها: "أحببت أم كلثوم حتى التقديس.. ولم أندم لعدم زواجي منها.. والآن أعاني الاكتئاب منذ أن غابت عن الدنيا.. ولم يبق عندي سوى الدموع. فقد بكيت كثيرا في طفولتي وشبابي.. والآن أبكي أكثر بعد رحيلها".
وبعد وفاة محبوبته هجر الشعر ودخل في نوبة اكتئاب شديدة، ورثاها بأعذب العبارات التي جعلت الجميع يبكي بسببها، وعندما طلبه الرئيس السادات في حفل تأبينها عام 1976، قال في رثائها: "ما جال في خاطري أني سأرثـيها، بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها، قد كنت أسـمعها تشدو فتطربني، واليوم أسـمعني أبكي وأبـكيهــا"، وفي هذا المشهد ابكى الناس عليه وليس على رحيلها".