حكاية «رازا رستم».. الحارس الشخصي المملوكي لنابليون بونابرت
يكشف الكاتب الدكتور علي الحفناوي في كتابه "حكايات تاريخية من هنا وهناك"، والصادر مؤخرا عن دار العين للنشر والتوزيع، قصص تغافل عنها التاريخ الكبير للدول والأمم، ومن بينها حكاية عن الحارس الشخصي لنابليون بونابرت وكان من المماليك.
- هدية من الشيخ البكري
و يشيرالكاتب إلي أنه، عندما حاولت قوات المماليك صد الهجوم الفرنسي في معركة شبراخيت ثم معركة إمبابة، انبهر نابليون بإقدام ورعونة فرسان المماليك التي كانت تهاجم القوات الفرنسية الحديثة لقتال مدافعهم بحد السيف، كما أعجب بمظهرهم الملون وببراعتهم في ركوب الخيل العربية الرائعة، لتلك الاعتبارات، وبعد نهاية المعارك، عندما تقدم الشيخ البكري بهدية لنابليون عبارة عن حارسه الشخصي المملوكي "رازا رستم"، قبل نابليون هذا العبد القوقازي وعينه فورا حارسا شخصيا له، وظل ملازما لنابليون ينام خلف باب غرفته طوال حياته الإمبراطورية. وأصبح لقب رستم "مملوك نابليون". وفي وقت لاحق في فرنسا أراد نابليون أن يكون لديه حارسان شخصيان، فعين أحد أفراد خدمة الخيالة الفرنسيين واسمه "لويس سان دونيه" وألبسه مملوكيا، وسماه "علي" فصار مملوك نابليون الثاني.
- كليبر يشكل فرقة عسكرية من الشراكسة والمماليك
وتابع "الحفناوي"، في سبتمبر 1799 وبعد مغادرة نابليون مصر، قام خليفته كليبر، بتشكيل فرقة عسكرية قوامها 300 جندي، مشكلة من جنود الشراكسة والعثمانيين والمماليك، وقام بإعطاء اسم لهذه الفرقة وهو "مماليك الجمهورية"، وعند مغادرة الجيش الفرنسي مصر عام 1801 ونظرا لانخراط تلك الفرقة في خدمة الجيش الفرنسي اضطر أعضائها لمغادرة مصر مع الفرنسيين، خوفا من انتقام المصريين لخيانتهم. وكان انخراطهم في المجتمع الفرنسي صعبا أيضا، حيث كانوا من السادة في مصر وأصبحوا هناك من الرعايا الأجانب.
- نابليون يأمر بتشكيل فيلق عسكري من فرسان المماليك
وفي 13 أكتوبر 1801 أمر نابليون بتشكيل فيلق عسكري من فرسان المماليك، فتم تشكيله بقيادة الجنرال "راب" مكونا من 13 ضابطا و155 جنديا فارسا. وأصبح هذا الفيلق هو أساس الحرس الإمبراطوري (شبيه بالحرس الجمهوري) واشترك في عدة معارك في ألمانيا وروسيا وإسبانيا، ومع انخفاض عدد المماليك نتيجة للإصابات في المعارك، بدأ نابليون بتعيين فرنسيين تعويضا للأعداد المفقودة في المعارك، مع إلباسهم ملابس المماليك التي كان يتبارك بها الإمبراطور نابليون بونابرت، لذلك وبعد 1809 زاد عدد الفيلق المملوكي إلي 583 جنديا، منهم 374 جنديا مملوكيا من أصل فرنسي.
- زي جيش المماليك
لفت الدكتور علي الحفناوي أن جيش المماليك كان يلبس العمامة ويتوسطها أعلي الجبهة الهلال الإسلامي الذي يتوسطه النسر الإمبراطوري الفرنسي. وبعد الانتصار في معركة "أوسترليتز" عام 1807 ونظرا لبطولات فرقة المماليك في تلك المعركة ، تم تسليمها علما خاصا بها عام 1813 فكانت أول فرقة عسكرية تحمل العلم مكون من الثلاث تقسيمات الرأسية بالثلاثة ألوان المعروفة للعلم الفرنسي الحالي، الذي لم يصبح علما رسميا لفرنسا إلا سنة 1830.
ومن المماليك الذين اشتهروا في الفيلق المملوكي ببطولتهم، الضابط "عبد الله داسبون" والضابط "شاهين"، وهما ممن غادروا مصر مع الحملة، أما باقي المماليك، فالمعروف أنه تم اضطهادهم بعد خلع نابليون وعودة الملكية عام 1815 فقد تم جمعهم وتركيزهم في مدينتي ميولان ومارسيليا كلاجئين مصريين، ثم أمر الملك لويس الثامن عشر بنفيهم في جزيرة سانت مارجريت الواقعة بالبحر المتوسط، بل حبسهم أيضا، وفي عام 1817 استطاع نحو خمسين من هؤلاء المماليك الهرب بباخرة واتجهوا عائدين إلي مصر، وعند وصولهم، أمر محمد علي باعتقال وإعدام أي من هؤلاء المماليك إن دخل إلي البلاد، نظرا لاعتبارهم من الخائنين لمصر، وفي الحقيقة كان ذلك لإرضاء الملك الفرنسي.
اضطرت تلك المجموعة الهاربة من الاضطهاد الفرنسي للعودة إلي مارسيليا بفرنسا، ليعيشوا بها حياة بائسة، حيث حصلوا بعد فترة علي مقابل ضئيل كمعاش لخدمتهم بالجيش الفرنسي. كما استطاع قلة من هؤلاء الانضمام إلي الجيش الفرنسي مرة أخري، لكن للقيان بأعمال الترجمة وقت بدء احتلال الجزائر. هذه قصة مماليك نابليون من عبيد إلي مرتزقة إلي أسياد إلي مرتزقة مرة أخري، كديكور يتناسب مع عظمة إمبراطور شاب، إلي بؤساء مهاجرين بلا وطن.