في ذكري ميلاده.. سبب حذف المؤرخ أحمد شفيق باشا لأجزاء من مذكراته
تحل اليوم الذكري 161 لميلاد واحد من ألمع المؤرخين والسياسيين المصريين، والذي ولد في مثل هذا اليوم من العام 1860، وهو المؤرخ الكبير أحمد شفيق باشا، صاحب سفر مصر التاريخي المعنون بـ"حوليات مصر السياسية" والذي أعادت الهيئة المصرية العامة للكتاب نشره في 9 أجزاء.
التحق أحمد شفيق بالكتاب حيث حفظ القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب ثم انتقل إلى مدرسة المبتديان، وتلقى فيها التاريخ والجغرافيا، والحساب والهندسة، واللغة العربية كما درس أيضا اللغة التركية واللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية. بعد ذلك سافر إلى فرنسا لاستكمال تعليمه سنة 1885 حيث درس بكلية الحقوق بباريس القانون والاقتصاد والعلوم السياسية.
رجع إلى مصر في أواخر حكم الخديوي توفيق فعمل سكرتيرًا لناظر الخارجية، ثم رئيسًا لقلم الترجمة بالقصر عام 1893. بعد تولي الخديوي عباس حلمي حكم مصر وبسبب قوة العلاقة بينهما عمل سكرتيرًا خاصًا للخديوي عام 1897 ورئيس الديوانين العربي والإفرنجي عام 1905.
- ولع بتدوين المذكرات اليومية
كان أحمد شفيق منذ حداثته مولع بتدوين مذكرات يومية عن نفسه وأحواله ودراسته وعما يشاهده ويدركه، وقد فعل ذلك استجابة لهوي فطري يميل به إلي حب التاريخ، وكان مأخوذا بتاريخ الجبرتي وتمني أن يحذو حذوه. وكان أحمد شفيق حريص علي كتابة المذكرات ونقلها معه في كل مكان يسافر إليه خوفا عليها من الضياع أو وقوعها في يد أحد، وقد تعرض لفقد بعض المذكرات أثناء الحرب العالمية الأولي، عندما فتش منزله وهو مبعد في أوروبا. كما فقد بعضها في ظروف أخري.
- الخديوي عباس يتحفظ على تدوين "شفيق" للمذكرات
يتابع الدكتور زكريا الشلق في تقديمه لحوليات أحمد شفيق، وقد ذكر أحمد شفيق في نهاية عرضه لحوادث 1918 أن هذه المذكرات وقعت في يد الخديوي عباس الذي قرأها وتساءل لماذا يكتب شفيق كل ما يسمعه أو يعلمه؟ ثم نبه شفيق إلي خطورة ترك مذكرات كهذه يطلع عليها الآخرون، ونتج عن ذلك أن الخديوي أصبح متحفظا تجاه أحمد شفيق، الذي لاحظ أنه أصبح يكتم عنه كثيرا من الأخبار والأسرار حتي لا يدونها في مذكراته.
- جهات تتدخل لوقف مذكراته عن الخديوي عباس
وقد أشار أحمد شفيق فيما بعد في كتابه "أعمالي بعد مذكراتي" إلي أنه تعاقد مع الأهرام في بداية عام 1927 علي نشر جزء من مذكراته عن الخديوي السابق عباس حلمي الثاني والحرب العظمي، وأنه قد نشرت بالفعل عدة فصول ابتداء من الرابع من مارس وكانت خاصة بموقف رشدي باشا من إعلان الحرب العظمي فأحدث نشرها دويا عظيما في الأوساط السياسية، وتوقفت الأهرام عن النشر بعد أن نشرت المذكرات الخاصة بالنصف الثاني من سنة 1914 ولذلك لتدخل الجهات التي يهمها عدم نشر هذه المذكرات.
ويؤكد زكريا الشلق أن أحمد شفيق عندما قرر نشر مذكراته عام 1934 بعد أن أتم إصدار "حوليات مصر السياسية"، كان يشعر بالقلق والخوف من آثار ذلك، فقد ذكر أنه عندما نشر الجزء الأول، وفيه تحليل لشخصية الخديوي إسماعيل وبعض الأخبار التي عرفها عنه، وكان ذلك في فترة تضييق الحريات العامة، وأولها حرية النشر، في عهد نظام "إسماعيل صدقي" في الفترة من 1930 ــ 1934 الذي سن قانونا استثنائيا للصحافة والنشر، كان أحمد شفيق يخشي أن يقع لهذا الجزء ما لا يحمد عقباه، لكنه مر بسلام، وعندما صدر الجزء الثاني عام 1936 عاود الخوف والقلق مؤرخنا، مما جعله يحذف من مذكراته بعض المادة التي احتوتها، ولكنه عندما نشر الجزء الثالث والأخير عام 1937 في عهد الملك فاروق الأول، ضمنه ما كان قد حذفه من الجزء الثاني، مما يعني أنه لم يحذف من مذكراته المدونة شيئا.