«الدستور» تكشف حقيقة انتشار محاصيل زراعية مسمّمة في الأسواق
ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار تفيد بوجود وانتشار محاصيل زراعية مسممة، لاسيما الفواكه التي تسببت في وقوع حالات تسمم، وذلك مع بدء حصاد الموسم الصيفي، ومؤخرًا أُصيب 5 أشخاص من عائلة واحدة من بينهم طفلين بحالة تسمم غذائي بعد تناولهم الفواكه ومنها البطيخ بقرية السمطا بقنا.
وعليه تلقت مديرية أمن قنا بلاغًا من مرفق الإسعاف يفيد بإصابة أسرة كاملة بحالة تسمم ، إثر تناولهم البطيخ بقرية السمطا، فيما تم نقلهم إلى مستشفى قنا العام لتلقي العلاج على الفور.
في هذا الصدد، تقدم أحمد حتة، عضو مجلس النواب عن محافظة المنيا، ببيان عاجل، إلى المستشار حنفى جبالى، رئيس البرلمان موجها إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء والسيد القصير وزير الزراعة والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بشأن انتشار محاصيل زراعية في الأسواق غير صالحة.
وطالب عضو مجلس النواب بضرورة مناقشة ما أثير حول انتشار محاصيل مسرطنة منها البطيخ وإصابة المواطنين اثر تناولها، خلال الآونة الأخيرة في الأسواق.
وتكشف "الدستور" في السطور التالية حقيقة سرطنة المحاصيل الزراعية والوقوف على أسبابها، فضلًا عن كيفية تجنب تناولها، وذلك من خلال التواصل مع جميع الأطراف المعنية بالأمر.
حالات متضررة: الإسهال والقئ أبرز الأعراض
كانت تلك هي المرة الأخيرة التي يتناول فيها مصطفى عبد الله، 30 عامًا من محافظة كفر الشيخ، فاكهة البطيخ الذي أصيب بعد تناولها بحالة إعياء شديدة تطلبت الذهاب إلى المستشفى في الحال لعمل غسيل معدة:"في الليلة دي كنت راجع من الشغل تعبان وقررت اكل حاجة سهلة وخفيفة، وكانت بداية الصيف فا فكرت في الوجبة المعتادة التي يتناولها جميع المصريين وهي الجبنة والبطيخ، لكن بعد دقائق من الانتهاء من الاكل، جاتلي حالة اعياء شديدة وهبوط بسبب استمرار حالة الإسهال وغيرها من الأعراض".
وذكر مصطفى أنه تم نقله على أقرب مستشفى والتي قرر فيها طبيب الطوارئ بضرورة عمل غسيل معدة، وذلك نظرًا للاشتباه في حالة التسمم من تناول البطيخ.
لم تختلف تفاصيل قصة "مصطفى" عن حنان يونس، التي تعرضت ابنتها "سيلا" البالغة 6 سنوات، إلى حالة تسمم بعد تناول انوع مختلفة من الفاكهة، وقد بدأت تظهر عليها بعض الأعراض البسيطة وهي ألم في المعدة فأرسلت إلى طبيبها المعالج وسأل عن أخر ما تناولته الطفلة وكانت سيلا بالفعل لم تأكل شيئًا سوى بعض الفاكهة مثل التوت والخوخ.
استيقظت الأم على قئ طفلتها بشكل غير مسبوق وأستمر القيئ لمدة 3 ساعات دون توقف حتى تغير لون الطفلة وأصبحت شاحبة للغاية فذهبت بها للطبيب وتم تشخيصها نزلة معوية وبعد تناول العلاج لأكثر من 48 ساعة لم تتحسن الطفلة بل على العكس ظهر عليها الأسهال الشديد.
ذهبت حنان وطفلتها للطبيب مرة أخرى وكانت الحالة في غاية الجفاف من كثر القيئ والأسهال مما جعل حالتها خطيرة وتم نقلها لمستشفى وأستخدام المحاليل لها ولهذه اللحظة الطفلة في حالة خطرة وتشخيصها بالجفاف الشديد مع تلك النزلة المعوية.
كان يومًا عاديًا ابتتاعت فيه هاجر يونس، 20 عام، كمية من الخوخ التي ما ان تناولته ولم تمر أكثر من ربع ساعة وشعرت بألم شديد في المعدة، الذي بدأ بقئ شديد وإسهال: "تناولت بعض الأدوية لخوفي الشديد من الذهاب للمستشفى في ظروف فيروس كورونا فتناولت بعض المطهرات المعوية على أمل التحسن ولكن لم يحدث هذا لم أتحسن ولو بنسبة بسيطة ".
لم يكن أمامي سوا الذهاب للمستشفى وبعد كشف الطبيب الذي شخص حالة تسمم نتيجة تناول طعام غير صالح، أمر بتركيب لي محاليل الجفاف مع أخذ بعض الحقن الموقفة وبعض الأدوية الاخرى، وبعد مرور 4 أيام في المسشفى من تناول الأدوية والمحاليل بدأت الحالة تتحسن قليلا .
مزارع: المحاصيل التالفة لا يتم توريدها
محمد عماد، أحد المزارعين بمحافظة أسيوط، كشف أنه في حال فساد أو تلف المحاصيل الزراعية سواءً كانت فاكهة أو خضروات، فلم يتم توريدها إلى التجار أو الأسواق إطلاقًا إذ يتم إعدامها والتخلص منها قبل تسويقها وبيعها، حتى لا يقع الضرر على المواطنين.
لكن أشار المزارع أنه هناك بعض المحاصيل التي تتلف أو تفسد نتيجة التخزين السئ، أو تعرض المنتجات إلى الشمس بشكل مباشر ومستمر، ملفتًا إلى أن تلك العوامل من شأنها الإضرار بالمحصول وصلاحيته للاستهلاك.
تبلغ إجمالى مساحات البطيخ المزروعة 81 ألفا و798 فدانا، منها 19 ألفا و774 فدانا بالأراضى القديمة، و62 ألفا بالأراضى الجديدة، وتتركز زراعته فى النوبارية ومطروح والإسكندرية وأسوان.
أما إجمالي إنتاج مصر من البطيخ يقترب من مليون طن سنويا بمتوسط إنتاج يصل إلى 11.5 طن للفدان، بحسب تقرير لاتحاد منتجي ومصدري الحاصلات البستانية التابع لوزارة الزراعة.
نقيب الفلاحين: سوء التخزين وراء تلف المحاصيل
أوضح حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن أي محاصيل زراعية تالفة يتم استبعادها وإعدامها قبل توريدها للأسواق، فمن الصعب أن يكون هناك أي محاصيل غير صالحة للاستهلاك أو مسرطنة.
أطباء: الكيماويات والمبيدات سبب حالات التسمم
تقول نهى أبو الوفا، استشاري طب الأطفال، أنه عادةً ما ننصح الأمهات بعدم إكثار أطفالهن في تناول الفاكهة التي تحتوي على نسب عالية من المياه، حتى لا يتسبب في إصابة الطفل بالإعياء.
وأكدت أبو الوفا أن الأطفال من السن 3 – 10 أعوام لا يحملون الأطعمة التي يتناولها الكبار، لذا يجب عدم الإسراف في تناول بعض الأطعمة للأطفال وعلى رأسها البطيخ.
وأوضحت أبو الوفا أن الطفل في هذه السن يحتاج الى متابعة دقيقة في أنواع وكميات الأطعمة والوجبات التي يتناولها، وهي من مسئولية الأم التي يجب أن تتابع بشكل مستمر مع طبيب الأطفال المختص لتحديث قائمة الطعام الخاصة بالطفل.
أشرف قاسم، استشاري أمراض الباطنة، أوضح أنه ليس هناك أي أنواع من الواكه والخضروات بها ضرر على صحة الإنسان، وإنما من الممكن أن يكون الموسم أو المحصول قد تعرض للتلف وهذا ما يتسبب في وقوع الضرر وحالات التسمم، ولكن ليس الفاكهة.
أضاف استشاري الباطنة أن المبيدات والمواد الكيماوية هي من تسبب في وقوع حالات التسمم والاعياء، إذ ان بعض المزارعين يستخدمون المواد الكيماوية للمحاصيل الزراعية حتى تنضج ويتم بيعها في أسرع وقت مما يضر المواطنين وبالنسبة لضررها النزلات المعوية هو الأثر الجانبي الأقل قد تسبب تلك الكيماويات السرطان والفشل الكلوي".
ووعن الوقاية أشار الطبيب إلى أنه يمكن تجنب هذا من خلال غسل الفواكهه جيدًا قبل الاستخدام وتركه أطول مدة ممكنة بما أن المحصول الحالي يسبب أضرار جسيمة على الأطفال، وعلى الدولة ملاحقة من تسول له نفسة ويتلاعب في صحة المواطنين ولا يدرك خطورة الأمر".
البحوث الزراعية: تغير الطقس أبرز الأسباب
أكد عادل عبدالعظيم، نائب رئيس المركز القومي للبحوث الزراعية، أن البطيخ الموجود في الاسواق حاليا هو نتاج زراعة عمرها 90 يوم بمعني أن تمت زراعته في شهر فبراير، ومن المعروف لا يمكن رش مبيدات أو ما شابه في فصل شتوي لوجود موسم الحشرات في فصل الصيف فقط حتى لا يتم قتل اليرقات والخلل بقوانين المركز القومي للبحوث الزراعية.
أوضح "عبد العظيم أن المركز يمنع أي عملية لرش المحاصيل الزراعية، اذ يقوم على برامج ممنهجة ولنا قوانين ثابتة ولم ولن تتغير حيث يمنع المركز من رش أي مبيد قبل شهر مايو على بداية يونيو، وتأتي صحة المواطن على رأس قائمة أولويات البحوث الزراعية في مصر.
وأكد نائب رئيس المركز القومي للبحوث الزراعية، أن المركز بعض الشكاوى ونظرنا في الأمر ولكن السبب الرئيسي هو تغيير الطقس والفواكهه مثل البطيخ فاكهه ماصه تمتص الحرارة مما يجعل مكوناته ساخنة بالداخل فالبطيخ يحتوى على أكثر من 80% من المياه فالبالتالي تمتص الماء الحرارة مما قد يسبب تلك النزلات المعوية ولكن لا يوجد أي مواد إضافية على المحاصيل الزراعية".
وزارة الزراعة تنفي وجود محاصيل مسممة
من ناحيته، أكد الدكتور محمد القرش، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، أن كافة المحاصيل الموجودة في الأسواق صالحة تمامًا وآمنة للاستهلاك، فضلا عن خلوها من المبيدات.
وكشف المتحدث الرسمي للوزارة لـ“الدستور" أن الأخبار المتداولة بشأن سرطنة المحاصيل عارية تمامًا من الصحة، لأن المحاصيل الزراعية قبل طرحها في الأسواق تخضع لعمليات فحص دقيقة من قبل المعامل المعتمدة، للتاكد من جودة المنتج ومطابقته للمواصفات.
وطالب متحدث الزراعة المواطنين بعدم الإسراف في تناول الفاكهة أو الخضروات في غير موسمها، حرصًا على التأكد من جودة ونضج المحصول مثل البطيخ فيجب تناوله في وقت موسمه.