«مجموعة البرد».. أطباء يوضحون لـ«الدستور» خطورتها
على مدار الأعوام الماضية اشتهرت مجموعة البرد السريعة التي تتمثل في حقنة واحدة وربما اثنتين أو قرصين علاج تصل درجة فعاليتهم إلى ١٠٠٠ مغ، والتي يجد فيها المواطنين مبتغاهم في العلاج السريع والفوري لأعراض البرد التي تأتي دون سابق إنذار صيفًا كان أو شتاءً غير مدركين لخطورة هذه المجموعة خاصة مع أزمة فيروس كورونا المستجد.
وهي ذات المجموعة التي لجأ لها عمر عبدالعزيز، الطالب العشريني، بمجرد ظهور أعراض لدرجات الحرارة المرتفعة عليه وإحساس الحرقان والوجع الذي أصابه في حلقه "كان عندي امتحانات وتسليم أبحاث معنديش وقت أكشف" وبمساعدة أحد أقربائه حصل على هذه المجموعة وظل يأخذ منها لمدة يومين.
قال عبدالعزيز إنه في اليوم الثالث بدأ يشعر في تكسير في جسده وصعوبة في التحرك وخمول دائم يجعله نائم طوال الوقت وغير قادر على المذاكرة ولا يشعر بسبب هذه الأعراض المفاجئة، ثم أخيرًا فقط حاسة الشم والتذوق ليبدأ في التيقن أنه مصاب بكوفيد.
واستكمل أنه اتجه لمستشفى الحميات بالفعل لإجراء الكشف الطبي وعمل التحاليل اللازمة وإجراء المسحة التشخيصية pcr، وأخبره الطبيب بإيقاف أي أدوية يأخذها لأنها تسبب إضعاف المناعة، حتى تأكد من إصابته بكوفيد.
وهو ما دفع هيئة الدواء المصرية لتجديد تحذيرها مرة أخرى عن خطورة هذه المجموعة في بيان لها أمس، محذرة من الممارسات الدوائية الخاطئة، ومناشدة المواطنين بعدم استخدام المضادات الحيوية بجرعة واحدة فقط والتي تسمى "حقنة البرد" أو "مجموعة البرد".
وأوضحت الهيئة في بيان اليوم الاثنين، أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية أو استخدامها بشكل خاطئ يوفر الفرصة للبكتيريا لأن تعتاد على تأثير هذه المضادات وتتكيف معها، وبهذا تتكون سلالات أكثر قوة، لديها القدرة على مقاومة المضادات الحيوية، كما أن علاج العدوى التي تسببها سلالات البكتيريا المقاومة أصعب وأكثر تكلفة، وبعض الحالات لا يمكن علاجها وقد تنتهي بالوفاة.
مجموعة الانفلونزا تؤدي إلى ظهور البكتيريا الجامبو
وهنا حذر الدكتور عبد اللطيف المر، أستاذ الصحة العامة بكلية الطب جامعة الزقازيق، من الاستخدام غير المنضبط للمضادات الحيوية وخاصة ما يعرف بمجموعة الانفلونزا منوهًا بأن هذه المجموعة من أخطر العادات التي يتعود عليها الشعب المصري في حين أن لها مردود سلبى خطير على مناعة الإنسان، كما تؤدي إلى وجود إلى البكتيريا الجامبو أو السوبر بكتيريا التي لا تستجيب للمضادات الحيوية وهو امر خطير تحذر منه منظمة الصحة العالمية.
وشدد المر، في تصريح لـ"الدستور"، على عدم الحصول على أي مضاد حيوي أو أي أدوية يمكن أن تؤثر على جهاز المناعة دون إشراف طبي، وكذلك مناشدا الصيادلة القيام بدورهم الوطني في الحفاظ على صحة المصريين وعدم الاستجابة لضغوط المواطنين للحصول على هذه المجموعات الخاصة بالأنفلونزا، وإذا اضطر إلى ذلك لابد أن تكون الجرعات كاملة وليس على صورة شريط أو كبسولات قليلة لا تعتبر جرعة كافية.
وأوضح المر أن مجموعة البرد قد تتكون من قرصين مع حقنة أو حقنتين ومجموعة أخرى من الأدوية مثل فيتامين سي بل قد تصل في بعض الأحيان إلى إضافة كورتيزون لذلك يجب منع هذه المجموعة بهذه المكونات وخاصة الإفراط في المضادات الحيوية والكورتيزون قد تؤدي إلى ظهور البكتيريا الجامبو والعفن الأسود بسبب تأثيرها على المناعة وإضعافها ومن ثم تعطي الفرصة للفطريات الموجودة بصورة طبيعية أن تنتشر في الجسم مثل العفن الأسود.
وأشار أستاذ الصحة العامة إلى أنه على الرغم من أن هذا الفطر نادر الوجود ولم تحدث أي حالة في مصر حتى الآن في مصر إلا أنه قد ظهرت منه ٩٠٠٠ حالة بالهند في الأسابيع الأخيرة فقط بسبب الاستخدام غير المنضبط لبروتوكولات كورونا ومجموعات الانفلونزا.
وعن خطورة هذا العفن الأسود، أوضح المر أنه قد يصيب الجهاز التنفسي من خلال أعراض الحرارة المرتفعة وضيق التنفس ومن الممكن أن يحدث وفاة لبعض الأنسجة وتعفنها مثل أنسجة الأنف وتظهر سوداء وبها عفن، أما اعراض الجهاز الهضمي في تتمثل في الغثيان والقيء، وقد يصيب الجلد نفسه حيث تظهر أنسجة الجلد سوداء من العفن.
أما عن سُبل الوقاية حتى لا ندخل في هذه المراحل الخطرة، قال أستاذ الصحة العامة إنه يجب تطبيق قوانين حازمة لمنع الحصول على مجموعات الانفلونزا اطلاقًا أو المضادات الحيوية إلا بإشراف الطبيب، والتحذير الشديد من استخدام بروتوكول العلاج الخاص بفيروس كورونا دون وصفة طبية وخاصة الكورتيزون، حيث أن لكل حالة بروتوكول خاص بها فلا ينطبق البروتوكول على كل الحالات، بالحالة البسيطة لها طبيعة أدوية معينة والحالة الشديدة لها نوع آخر من الأدوية.
وحذر المر استسهال المواطنين الذهاب إلى الصيدلي وطلب بروتوكول كورونا في حالة الاشتباه في الأعراض لأنه في بعض الأحيان يقوم الصيدلي بصرف البروتوكول بكامل مراحله دون تشخيص صحيح للمريض ومن الممكن أنه يحتاج إلى أنواع معينة فقط من البروتوكول وليس كاملًا، لأن الاستخدام غير المنضبط يضعف المناعة ويساعد في نمو البكتيريا الجامبو أو البكتيريا الثانوية والعفن الأسود.
مجموعات البرد تجمع في أماكن مجهولة المصدر
واتساقًا مع ذلك أكدت دكتورة نهلة عبد الوهاب، أستاذ المناعة والبكتيريا بجامعة القاهرة، أن ما يباع من مجموعات دوائية بالصيدليات لعلاج البرد أو الأنفلونزا عادة ما تكون من أماكن مجهولة المصدر؛ لأنه ليس معقول أن يقوم طبيب صيدلي بوضع هذه الادوية في كيس واحدة وهو يعي جيدًا مخاطرها وعدم فاعليتها، مشددة على ضرورة تفعيل دور الرقابة على الصيدليات لضبط هذه الخلطات بما يسمى مجموعة البرد او حقنة الانفلونزا.
وأوضحت عبد الوهاب، في تصريح لـ"الدستور"، أن تناول المضاد الحيوي دون استشارة الطبيب مع الإسراف فيه يؤدي إلى ظهور جيل آخر من الفطريات والبكتيريا أقوى وأشد من سابقتها ولا نستطيع السيطرة عليها؛ موضحة أن المضاد الحيوي لا قيمة له في علاج العدوى الفيروسية لذا تناوله دون استشارة الطبيب يشكل خطورة كبيرة على المدى البعيد على صحة الإنسان.
وتابعت أنه لا يجوز وصف مريض لآخر نفس المضاد الحيوي الذي تناوله وكان له نتائج جيده له؛ موضحة أن المضاد الحيوي يخضع عادة لأوامر الطبيب وهو المنوط به تحديد نوع المضاد المناسب للحالة وكذلك تحديد الكورس العلاجي وعدد أيامه؛ كذلك هناك كثير من الأمهات تغفل مخاطر تناول أطفالها المضاد الحيوي دون إشراف طبيب ودون ضرورة تستدعي ذلك والذي يعرضهم لآثار جانبية تتسبب في حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والالتهابات الجلدية، حيث إن المضادات الحيوية تقضي على البكتيريا النافعة في القناة الهضمية.
مجموعة الانفلونزا جريمة في حق المريض والمنظومة الصحية
واتفق معها الدكتور أمجد الحداد أستاذ المناعة والحساسية بالمصل واللقاح؛ قائلًا إن المريض عادة يشعر بارتياح كبير من الأعراض المرضية التي يعاني منها بعد تناول هذه الخلطات الغير طبية بالمرة دون أن يعي خطورتها على المدى القريب والبعيد؛ومن أخطر هذه الوصفات ما يطلق عليه بـ"مجموعة الأنفلونزا" قديما، والتي تطورت فيما بعد وأصبح هناك مزيجا من ثلاثة حقن أطلق عليها "خلطة الأنفلونزا"، وتعتبر مجموعة الأنفلونزا جريمة في حق العلم والمريض والمنظومة الصحية.
وأوضح حداد، في تصريح ل"الدستور"، أن هذه الخلطة عادة ما تكون من 3 حقن واحدة مضاد حيوس مضافا إليه حقنة كورتيزون وحقنة مسكنة، فهي خلطة يقوم بها الصيدلي دون تصريح من وزارة الصحة أو الموافقة عليها أو دراسة تأثيرها على المريض فيما بعد؛ مؤكدًا أنه يستحيل أن يكون صاحب هذا الاختراع صيدلي؛ لأن المضاد الحيوي لا يصلح في حالات الأنفلونزا والبرد، لأنها أمراض فيروسية، وليست بكتيرية، والفيروسات لا تتأثر بالمضادات الحيوية، ولا تحتاج إلا لجهاز مناعي قوى لمقاومته.
وأكد أستاذ المناعة والبكتيريا بالمصل واللقاح أن هذه الخلطات تؤثر بشكل كبير فيما بعد على مناعة الإنسان وتؤدي لضعف المناعة؛ والكارثة الأكبر أن المريض يأخذ حقنة مضاد حيوي واحدة بمعنى أنه لا يكمل "كورس المضاد الحيوي، وهذا يخلق سلالات من البكتريا شديدة المقاومة نتيجة عدم استكمال كورس المضاد الحيوي المناسب للحالة المرضية وفق استشارة الطبيب المعالج.